جولة في مشوار الأستاذ علي عبد الخالق (11)

جولة في مشوار الأستاذ علي عبد الخالق (11)

17 يونيو 2021
+ الخط -

ـ بعد فترة من توقف التعاون بينك وبين محمود عبد العزيز رجعتوا سوا في النصف الثاني من التسعينات للتعاون في فيلمين (الجنتل) و(النمس)، الفيلمين تعرضوا لانتقاد إنه كان محمود بيلعب شخصية من المفترض أصغر من سنه الحقيقي، تعاملت إزاي مع التحفظ ده لما جالك المشروع؟

الحقيقة ما كانش عندي تحفظ على إن محمود عبد العزيز يلعب الدورين، أنا فاكر إن محمود كان عمل قبل فيلم (الجنتل) خمس أفلام ما نجحوش تجاريا، فلما قرا السيناريو ده عجبه وقال الفيلم السادس ده هيكون فيلم الإنقاذ، هاتوا علي عبد الخالق وكنا ما اشتغلناش مع بعض فترة طويلة، وكل أفلامنا سوا كانت ناجحة جدا، وكان بيقول لو الفيلم ده ما نجحش أنا هابطل سينما، والفيلم أول ما ابتدا عرضه كان نجاحه متوسط، وثاني يوم زاد شوية، الخميس بقى كومبليه وبنتي لما راحت السينما قالت لي كامل العدد فكلمت مدير السينما قال لي السينما كومبليه وحجز الجمعة شغال كويس أوي واستمر 4 أسابيع، في الأول الناس كانوا متحفظين لكن الفيلم بيعمل دعايته لنفسه واشتغل كويس ودخل عليه العيد ونزل في الأقاليم عرض أول وحقق نجاح، لكن (النمس) كان نجاحه أقل رغم إنه فيلم جميل لكن ده ذوق الناس لا يمكن التنبؤ بيه.

ـ انتشرت وقتها أخبار إن محمود عبد العزيز كان عصبي ومنفعل طول وقت التصوير؟

لا لا لا خالص، محمود ما كانش عصبي خالص أو على الأقل قدامي ما شفتش ده، محمود منتهى الذوق والأدب وطول الوقت بنضحك وفي جو من السعادة وعمره ما علّى صوته عليا أو على حد أو زعّق لحد قدامي، طول عمره منتهى الذوق والأدب، محمود ونور وحسين فهمي ومحمود ياسين ده جيل حاجة تانية، ما فيش غلط يطلع منهم، ناس عاملة كونترول كويس أوي وفاهمة بتعمل إيه وبتتعامل مع مين.

ـ لكن الفيلمين تعرضوا لنقد حاد في الصحافة، استقبلت ده إزاي؟

فعلا الفيلمين تعرضوا للنقد، بس زي ما قلت قبل كده أنا اتعلمت من بداية المشوار ومن التجربة في بداية حياتي إني ما أهتمش بالنقد، يعني بعد ما شفت إن التعامل في المهرجانات اللي بتروح لها المفروض أهم أفلام بيتحكم فيها المصالح والأهواء ومين بيحب مين وبيكره مين، فمن ساعتها ما باحطش النقد في اعتباراتي، وأنا طول الوقت اتمدحت كتير واتهاجمت كتير، وفي فترة بدأت أشنّ حملات على النقاد وكنت باطلع في برامج كتير في أواخر التسعينات، كان كله وقتها يحب يستضيفني وأقول للمذيع أو المذيعة اسألني إيه رأيك في النقد، ولما يسألني أروح فاتح في النقد والنقاد ومهاجمهم، حتى اتكتب يومها مقالة "علي عبد الخالق إلى متى التطاول على النقاد"، وإزاي بتسمحوا له بكده وإزاي سايبينه كده.

طبعا أحيانا باستفز لإن أنا بشر، خصوصا لما ألاقي فيلم ما يتمش تقييمه صح، وللأسف احنا عندنا شوية سياسة القطيع، حد قال فيلم وحش الكل يمشي وراه أحسن يقولوا مش فاهمين، والنقاد اللي بجد اللي عندهم قدرات التقييم الفعلية قليلين، والحكاية من التسعينات انتشرت واتفتحت، صحف ومجلات كتير أوي وأصبح في صفحة فن زي صفحة الرياضة موجودة بشكل يومي مش أسبوعي، فجم صحفيين مش دارسين نقد يكتبوا في النقد، وكله بيكتب طبقا لأهوائه وبيحب مين وبيكره مين فبقت الحكاية صعبة جدا.

التلفزيون شكل والسينما شكل تاني، التلفزيون مرهق، يعني في السينما باعمل مشهدين أو ثلاثة بالكتير في اليوم، في التلفزيون المفروض تخلص تصوير 15 دقيقة في اليوم عشان تلحق تخلص في 90 يوم بس

ـ لما بدأ ما أطلقت عليه الصحافة موجة الأفلام الشبابية أو سينما الشباب عملت تجربة فيلم (رانديفو) ممكن تكلمنا عن تجربتك مع الفيلم خصوصا إنه ما حققش النجاح المتوقع؟

أنا كنت متحمس جدا لفيلم رانديفو والسيناريو عجبني جدا، والكاتب عصام الشماع أنا عملت معاه 3 أفلام وكنت متحمس له جدا، وخصوصا إن الفيلم بيحكي عن تجربة بيمر بيها شباب كتير جدا وهي التجربة الأولى للعلاقة الجنسية، وكان طبعا لازم اللي يعمل الفيلم شباب واخترنا ممثلين كويسين، ومع ذلك الفيلم ما نجحش، ما أعرفش ليه، هو نجح لما اتعرض في التلفزيون، بس في السينما ما نجحش، لكن كان لحسن الحظ تكلفته بسيطة وعشان كده جاب تكلفته، ومش معنى إن تكلفته بسيطة إن في حاجة طلبتها وما اتعملتش، بالعكس كل اللي طلبته اتعمل، ومع ذلك الفيلم ما حققش الإيرادات المرجوة، وأنا اتفاجئت بده لإني كنت متوقع إنه ينجح لإنه بيتكلم عن قضية تهم جمهور السينما من الشباب، يمكن كان السبب إن أبطاله ما كانوش نجوم وقتها، بعضهم وجوه معروفة وبعضهم ما كانوش عملوا حاجة، لكن كان عندي أمل إن الموضوع يكون هو البطل، وإننا نقدم مشكلة زي دي من غير ابتذال، عشان كده لما بيتعرض في التلفزيون كتير ما بيتحذفش منه حاجة لإني كنت حريص على ده أنا باعمله.

ـ قبل اللي حصل للفيلم وعدم نجاحه، هل كان عندك مشاريع شبابية أخرى؟

لا، أنا بعد ما خلصت تصوير (رانديفو) بدأت أحضر لفيلم (يوم الكرامة) اللي كان كل أبطاله شباب، بين رتبة النقيب ورتبة الرائد، يعني ما بين 30 أو 35 سنة، للأسف الفيلم ده ما نجحش، ما جابش أي إيرادات، هو ما كانش مكلف إنتاجيا مع إن شكل الصورة يبين إنه مكلف، وده بسبب الجيش ودعمه للفيلم، يعني لو الجيش خد الفلوس الحقيقية اللي يتطلبها الإنتاج كان هيبقى مكلف، لكن الفيلم اتكلف 4 مليون مع إنه كان ممكن يدخل في 30 مليون جنيه.

أنا كنت راضي عن الفيلم وحبيته جدا ولأول مرة أعمل فيلم حربي فيه معارك بجد زي الأفلام اللي بيعملها الخواجة، كنت متوقع إنه يلاقي صدى لكن ده ما حصلش، طبعا كان أبرز سبب بيتقال إن ده حصل عشان هو من إنتاج التلفزيون فهيتعرض في التلفزيون والناس مش مضطرة تدخله سينما، بس ما أعتقدش إن ده سبب كافي، هي الحكاية إن ذوق الجمهور اتغير، وبقى متعود على التيك أواي والسندوتش، والجمهور ده أنا ما أعرفوش وعشان كده بطلت اشتغل سينما لإن صعب فيلم زي (يوم الكرامة) ما ينجحش، لإن كان فيه كل عناصر المتعة السينمائية.

ـ عشان كده توجهت بعدها لإخراج المسلسلات التلفزيونية؟

أنا ما اتجهتش للمسلسلات، هم اللي اتجهوا لي، كان كل ما يتعرض علي إخراج تلفزيون كنت باعتذر، ولما قررت ما أعملش سينما تاني وقلت خلاص أنا اعتزلت، فوجئت بكم عروض مسلسلات بينهال عليا، وبقيت مذهول والمنتجين بيتسابقوا إنهم يمضّوني على مشاريع مسلسلات، ولقيت حاجات عجيبة حد ييجي يقولي وقّع على عقد الفيلم دلوقتي واقرا السيناريو وانت قاعد، فاقوله طيب أروح وأقرا يقول لي طيب رجّع العربون والمؤلف تحت أمرك، لكن برضه لقيت عروض كويسة، وأنا ما سعيتش لده، هو اللي جالي، فعملت مسلسل ولقيت مسلسل تاني بعدها جالي بتكليف من عبد الرحمن حافظ رئيس مجلس إدارة مدينة الإنتاج الإعلامي، اللي هو مسلسل (أصحاب المقام الرفيع) ولقيت نفسي باتجرّ من عمل لعمل، من غير ما أسعى خالص في البداية.

ـ لكن هل حبيت الشغل في التلفزيون؟

التلفزيون شكل والسينما شكل تاني، التلفزيون مرهق، يعني في السينما باعمل مشهدين أو ثلاثة بالكتير في اليوم، في التلفزيون المفروض تخلص تصوير 15 دقيقة في اليوم عشان تلحق تخلص في 90 يوم بس والحقيقة كان مرهق لإني مش باقلب في شغلي، واضطريت آخد وقت مضاعف، يعني هما بيشتغلوا 8 ساعات في اليوم وأنا باشتغل 12 ساعة و13 ساعة، وده بيكلف المنتج لإنه بيدي أوفر تايم، والاستديو بيتدفع إيجاره نص يوم إضافي، فده يعني تكلفة أكتر لكني كنت باصر على ده عشان أعمل شيء جيد قدر الإمكان، ما كرهتوش لكن باقول دايما أنا مخرج تلفزيوني زائر مش مخرج مقيم، لو عجبني الموضوع باعمله، مش لازم كل سنة أعمل موضوع، لكن صادف إني بقيت بعدها في دوامة، كل ما أخلص أمضي حاجة جديدة.

ـ في مخرجين سينما من أبناء جيلك والجيل اللي بعده لما اشتغلوا في التلفزيون قالوا بصراحة إنهم اشتغلوا في إخراج المسلسلات لأسباب مادية فقط؟

مش هاكدب وأقول إن الفلوس مش حلوة، لأ طبعا، لكن أنا بمنتهى الأمانة ما أخرجتش للتلفزيون عشان مضطر، ما كنتش محتاج فلوس، مستور يعني الحمد لله وما عنديش تكاليف عالية، ولا باسهر ولا باعزم حد، وأنا مش صاحب كيف، لا خمرة ولا مخدرات، هي السيجارة وفنجان القهوة وخلاص، وولادي كويسين وكل واحد فيهم عنده عربية وعايشين مستورين زي أي بيت مصري عادي. زوجتي الله يرحمها توفت سنة 2010 وكنا اتجوزنا عن حب وعشنا حياتنا مع بعض في حب، عندي ابني هشام خريج معهد سينما واشتغل في القنوات المتخصصة، وبنتي خريجة معهد سينما واشتغلت في قطاع الإنتاج، ابني عمل فيلم روائي وحيد ما اتعرضش سينما وعمل كذا فيلم تسجيلي وبيخرج حفلات لنجوم، وكتب فيلمين، هو شاطر جدا، وحاولت أساعده يكمل في السينما بس الناس اللي موجودة في الساحة دلوقتي ما أعرفهاش، واللي أعرفهم ماتوا خلاص، معظم أصحابي رحلوا، وكان أصدقائي قليلين لكن أنا بحمد الله ماليش أعداء وأصدقائي زيي ما بنشربش ما بنعملش حفلات، فماليش علاقات كتيرة في وسط السينما حاليا، والأسلوب اللي بيشتغلوا بيه دلوقتي ابني ما يعرفش يشتغل بيه، يعني إنك تبعث سيناريو لنجوم فنجوم ترد مرة ومرة لأ، ما أفهمهاش خالص حكاية إن النجم ما بيردش على حد، حاجة غريبة جدا، لدرجة إنك كلما تسأل على النجم يقولك في الحمام، ما بيطلعش من الحمام أبدا (يضحك بمرارة).

ـ شكرا جزيلا أستاذ علي.

605C8788-2DB9-4AE6-9967-D0C9E0A2AD31
بلال فضل
كاتب وسيناريست من مصر؛ يدوّن الـ"كشكول" في "العربي الجديد"، يقول: في حياة كل منا كشكولٌ ما، به أفكار يظنها عميقة، وشخبطات لا يدرك قيمتها، وهزل في موضع الجد، وقصص يحب أن يشارك الآخرين فيها وأخرى يفضل إخفاءها، ومقولات يتمنى لو كان قد كتبها فيعيد كتابتها بخطه، وكلام عن أفلام، وتناتيش من كتب، ونغابيش في صحف قديمة، وأحلام متجددة قد تنقلب إلى كوابيس. أتمنى أن تجد بعض هذا في (الكشكول) وأن يكون بداية جديدة لي معك.