عرس فلسطيني

عرس فلسطيني

30 مارس 2014
+ الخط -

دعك من "العرس الديمقراطي" في بلادنا وتعال يا كازم، سأحكي لك عن أعراسنا:

أيّ عرس في حارتنا (الرصيفة شرق عمّان) كنا نعرف متى يبدأ، لكن لا أحد يعرف متى ينتهي.

لا يُفضّ العرس إلا بطوشة، وسنّ تقع على الأرض بسبب لكمة لا تُعرف هُويتها.

ثم في كلّ عرس يجب أن يضيع ولد، أو يسقط عن الدرابزين، وأن تتلطخ بدلة العريس بالكريمة أو العصير الرخيص.

في كلّ عرس يجب أن يقال عن بدلة العروس: مش حلوة. ثم تحلف أم انشراح على القرآن أنّها لم تقل بالضبط بالضبط إنّ البدلة مش حلوة.

وفي كل عرس سيبحث الناس عن أشياء مفقودة: جزدان الحاجة ليقة، دوا السكري لأم جمال، والضغط والقولون لحاجة ثانية، فردة كندرة يجدونها في الآخر على السطح.

في كل عرس لا بدّ أن يتوافر شخص بشنب مثل مقود البسكليت، ويطلق من مسدسه ثلاث طلقات في الهواء.

وثمة عجوز دهرية صوتها كمن يشخّ في تنكة تفرح بإطلاق النار وتهاهي:

"يا قظامة قَرِش قَرِش

يا زبيب خرِش خرِش

ولّي ما يوخذ منا

ننفل عراسو الكَرِش"

وتزغرد عوانس مدرَّبات ومراهقات راسبات في التوجيهي.

في أحد الأعراس وبعد أكل المناسف، ترك قط أرعن من قطط الحارة بقايا اللحم في الزبالة، واختطف طقم أسنان يعود للحاج أبو فهمي، والذي كان قد نظفه ووضعه بجانبه.

لا تنس العرَق الذي يسيل من العروس بسبب الحَرّ، حتى لو كان العرس في كانون الثاني.

ولا تنس الاسم الحركي للعريس الذي ينادى به كثيرًا في هذه الليلة الغرّاء: ايش ولك! مع غمزة عين، كناية عن أننا نعرف ماذا سيجري آخر هذه الليلة.

لا تعرف لماذا في زفّة العريس يجب أن يطلع واحد على أكتاف واحد آخر حتّى يرقص.

الذي تحت تكون عيناه وعروق رقبته طالعة لبرّه، لأنه يحمل على أكتافه من سبعين لثمانين كيلو. يعني تقريبا شوالين اسمنت.

الذي فوق خائف أن ينكسر ظهر الذي تحت فلا يكون مرتاحًا في الرقص. فقط بحرّك يديه مثل بندول الساعة.

في عرس آخر – غير الذي ضاع فيه طقم أسنان أبو فهمي – كان أحمد يرقص على اكتاف ابن عمّه عطية. وكانت أم عطية ترشّ ملبّس بيض حمام من البلكون. ملبّسة مثل الرصاصة أصابت عين عطية فوقع هو ووقع فوقه أحمد. وبقي عطية خمس دقائق يشتم أمه من الزنّار وتحت.

ما يخصّ العروس فهي دائمًا على اللوج ترتجف ساقها، لأنّ ترتيب العرس لم يعجبها، ولأنّ ليلة الدخلة تنتظر أيّ مصيبة تحدث حتى يدخل العريس، بعد أن تنهي الشرطة المسألة احترامًا للمناسبة، وبعد أن يتبرع طاعن في السنّ ويبصق على أطراف الطوشة: يلعن أبوكو واحد يقول للثاني.

ثم يدخل العريس.

المساهمون