الترهيب الإلكتروني.. سلاح السلطة اللبنانية ضد المتظاهرين

الترهيب الإلكتروني.. سلاح السلطة اللبنانية ضد المتظاهرين

21 أكتوبر 2019
أعلن اللبنانيون غضبهم (حسين بيضون)
+ الخط -
في اليوم الخامس، جُنّ جنون السلطة اللبنانية. بعد أربعة أيام من التظاهرات غير الحزبية، وغير المسبوقة في مختلف المناطق اللبنانية، وإعلان الشعب "انتهاء الحرب الأهليّة"، رسمياً، بتوحّده ضدّ السلطة التي تساهم في تجويعه يومياً، قامت عدّة أحزاب لبنانيّة، أغلبها موالٍ لـ"العهد"، بحملة ترهيب تُحاول إعادة "تقديس" رموز النظام اللبناني ومنع اتّهامهم بالفساد، وتخويف اللبنانيين من التعرّض للاعتداءات في حال مشاركتهم في الاحتجاجات أو تسمية أحد المسؤولين وشتمه بعينه.
وإثر تسارع الأحداث ونزول أكثر من مليون و700 ألف مواطن لبناني إلى الشارع يوم الأحد، واقتراب انتهاء "مهلة الـ72 الساعة" التي وضعها رئيس الحكومة سعد الحريري لـ"شركائه" في الحكومة، في إشارة إلى التيار الوطني الحر بزعامة الرئيس ميشال عون وحزب الله وحلفائهما الذين يملكون الأكثرية الوزارية "للقبول بخطة إنقاذ اقتصاديّة اصلاحية"، مع استمرار الضغط الشعبي، أطلقت الأحزاب اللبنانيّة خطّتها "الإصلاحية": الترهيب والتهديد والوعيد.

وكما بدأت الاحتجاجات في البلد الذي تثقل كاهله المديونية والمحاصصة والفساد يوم الخميس الماضي بعد خطّة مجلس الوزراء فرض ضريبة على الاتصالات عبر الإنترنت VOIP، وتحديداً "واتساب"، بما تصل قيمته إلى 6 دولارات شهرياً، بدأت حملة الترهيب هذه عبر "واتساب" ليل الأحد - الاثنين. فقد انتشرت مقاطع فيديو لمواطنين في بعض المناطق يهتفون تأييداً للأمين العام لحزب الله، حسن نصر الله، ورئيس مجلس النواب، نبيه بري، متوعّدين كلّ مَن يُسمّيهما بـ"عقاب وخيم". وكان الهدف من هذه المقاطع (التي ظهر فيها عدد قليل من الأشخاص)، إضافةً إلى تسريبات وشائعات تُبثّ كلّ ليلة تظاهر، تخويف اللبنانيين مجدداً لإعادة ترميم حاجز الخوف الذي يبلغ عمر تشييده أكثر من 30 عاماً، والذي كسره المواطنون في أربعة أيام فقط، متحدّين زعماءهم ورافعين صوتهم ضدّ الجوع الذي لا يُشبعه الخطاب السياسي. هذا خصوصاً بعد الاعتداءات التي تعرّض لها المتظاهرون في مدينتي صور والنبطية خلال الأسبوع الماضي من قبل مناصري "حركة أمل"، تخلّلها رفع أسلحة وإطلاق نار واستهداف لمتظاهرين.

على "تويتر"، حملة لـ"حزب الله" عناصرها الأبرز ذباب إلكتروني تهدف إلى إعادة "تقديس" نصر الله، عنوانها "#السيد_نصرالله_ثقتنا" بعد السخط الشعبي عليه من مؤيديه إثر خطابه الذي ناصر فيه "العهد" وأكّد بقاء الحكومة، قبل يومين، في وجه صرخة عدد كبير من مناصريه ضدّ الوضع المعيشي المتردّي. ودأب هؤلاء على الترويج للخطاب نفسه المتعلّق بحصر المقاومة بسلاح "حزب الله"، ونشر صور نصر الله بكثافة. وقال المتخصص في مواقع التواصل والحملات عليها، مارك أوين جوبز، على "تويتر" إنّه حلّل 19 ألف مشاركة في "الحملة المشبوهة" التي انطلقت في الثامنة والنصف مساءً يوم الأحد ووجد نشاطاً غير موثوق وواضح، إذ إنّ 21 بالمئة من المشاركات فقط هي تغريدات عادية، فيما 77 بالمئة هي للترويج وإعادة التغريد، مؤكداً مشاركة 306 حسابات فيها أنشئت في أكتوبر/تشرين الأول الحالي، و108 حسابات أنشئت يوم أمس.

وتزامناً مع انعقاد جلسة مجلس الوزراء صباح اليوم الاثنين في القصر الرئاسي لدرس خطة الحريري الاقتصادية وإقرارها، التي لاقت موافقة أغلبية القوى السياسية المشاركة (استقال وزراء القوات اللبنانية ليل السبت)، ورفض المتظاهرين، انتشرت تهديدات على مواقع التواصل ضدّ كلّ من "تخطّى الحدود الحمر" بالسجن بعد "انتهاء الحراك".

هذه الحملة نُشرت بعض فصولها في الصحف اللبنانية، فنقلت إحداها عن "مصادر العهد" أنّ هناك تحضيرات لحملة قمع، "كل التسجيلات موجودة والبث المباشر بات محفوظاً، كما النشر عبر وسائل التواصل الاجتماعي، ولكل شيء وقته بعد أن ينتهي التظاهر. فما حصل كان تجاوزاً للخطوط الحمر".

واحتلت صور التظاهرات الحاشدة الصفحات الأولى لكل الصحف المحلية الصادرة في لبنان. ووضعت صحيفة "لوريان لوجور" الناطقة بالفرنسية الصورة ذاتها على صفحتها الأولى وعنونت "اقتربت ساعة الحقيقة". وأوردت صحيفة الدايلي ستار الناطقة بالإنكليزية "لبنان أمام خيارين: الإصلاح أو الهاوية"، بينما تصدّر صحيفة "الجمهورية" تعليق "الشعب يكتب التاريخ".

مرئياً، قسّمت التلفزيونات شاشاتها إلى 5 مربعات أو أكثر، لتنقل الصورة مباشرةً من المناطق اللبنانية المختلفة، إذ يتّضح فيها قطع الطرقات مع استصراح المتظاهرين وأسباب مشاركتهم. وكان بين هؤلاء دعاة للحكم العسكري ومناصرون لحزب الله وحركة أمل ممّن كرّروا تهديداتهم، ومواطنون آخرون رافضون "ضحك السياسيين عليهم" ووصفوهم بالكاذبين الفاسدين.

المساهمون