هل انتهى عصر وزارات الإعلام؟

هل انتهى عصر وزارات الإعلام؟

23 مايو 2015
هل انتهى دور وزارات الإعلام حقاً؟ (Getty)
+ الخط -
جدل واسع حول ماهية الإعلام والدور الحكومي في إدارته في ظل العولمة، وتباين كبير بين واقع الإعلام العربي وما يجب أن يصل إليه في مواجهة مجمل التحديات التي تواجه المنطقة، شهدتهما أعمال الدورة السادسة والأربعين لوزراء الإعلام العرب في الجامعة العربيّة.

"قنوات محرضة"

ففي الوقت الذي طالب فيه الوزراء بضرورة تفعيل الاستراتيجية العربية لمكافحة الإرهاب، واتخاذ إجراءات رادعة لوقف القنوات المحرّضة على العنف والمثيرة للفتن والطائفية والتدخل في شؤون الدول العربية، طالب عدد من الوزراء والمسؤولين الإعلاميين بوقف التمويلات التي
تخصص لبرامج الإعلام العربي، من خلال مجلس وزراء الإعلام العرب وتحت مظلة الجامعة العربية، وفي الوقت ذاته تقوم ببث الفتنة والطائفية والعنف ضمن رسائلها.

ووصل الأمر إلى اتهام عصام الأمير، رئيس اتحاد الإذاعة والتلفزيون المصري، مجموعة أقمار "عرب سات" المنشأة بأموال الجامعة العربية، بأنها "عامل مساعد على الفتنة والطائفية في العالم العربي، من خلال بعض القنوات التي تبث عبرها".

أمّا وزير الإعلام الليبي، عمر القويري، فأكّد أنّ "الإعلام العربي يواجه أزمة كبيرة، ومن المؤسف وجود قنوات إعلامية عربية تؤجج الصراع في ليبيا والعراق والعديد من الدول العربية". واقترح القويري إنشاء قوة إعلاميّة عربيّة مشتركة على غرار القوة العسكريّة المشتركة. وحثّ على تقديم الدعم من قبل القطاع الخاصّ أيضاً، لمواجهة الحملات الإعلاميّة التي "تُضرّ بأمن ومصالح الدول العربيّة".


إقرأ أيضاً: مجدداً... جدلية العلاقة بين الصحافي والمدوّن


لا دور للوزارات؟

يرى خبراء الإعلام أنّ وزارات الإعلام لم يعد لها مكان في معظم دول العالم، ولا تستطيع أن تقوم بالدور الرقابي أو التوجيهي التي كانت تقوم به من قبل. ويعتبر هؤلاء أنّ ما يصدر من إجراءات وقرارات على المستوى الرسمي مجرد بروتوكولات توقّع بحسب هوى الدول وتوجهاتها السياسية، ولا تلبي المطالب الأساسية لحرية الإعلام في العالم العربي.

ويرى الدكتور صفوت العالم، أستاذ الإعلام في كلية الإعلام في مصر، أنّ "التجارب تقول إن
القضية ليست في إلغاء وزارة الإعلام أو الإبقاء عليها؛ ولكن القضية في السياسات والقواعد والجهود التشريعية التي تحكم الإعلام، وهناك تجارب لدول مثل الإمارات والأردن، حيث ألغتا وزارة الإعلام من الناحية الشكلية، ولكنها استبدلتها بعدد من المؤسسات الإعلامية، كل مؤسسة فيها مارست دور وزارة الإعلام فبدلاً من وزارة واحدة للإعلام أصبح هناك أكثر من وزارة، وهناك دول أخرى ألغت وزارة الإعلام، وأنشأت ما يسمى بالمجلس الأعلى للإعلام".

ويضيف: "القضية ليست في الإلغاء أو الإبقاء؛ القضية كيفية إدارة الإعلام، وهذا يرتبط بالعلاقة بين النظام السياسي والإعلامي بمعنى الجهود التشريعية التي تنظم الإعلام والحريات الإعلامية، وأيضاً العلاقة بين القيم الإعلامية والنظام السياسي والمجالات المتاحة لحرية الإصدار، والعلاقة بين الإعلاميين والمؤسسات التي يعملون فيها، كل ذلك هو بمثابة بنية تحكم بناء الإعلام".

من جهته، يؤكد الإعلامي حمدي الكنيسي، رئيس الإذاعة المصرية الأسبق، أنّ "العصر الذي نعيش فيه حاليا ما عاد يقبل بفكرة وجود وزير أو وزارة للإعلام، ولكن نحن نعيش ظروفا استثنائيّة تدعو لوجود وزير ووزارة للإعلام على رأسها، ليحل المشكلات والأزمات المالية والإدارية في الإعلام الرسمي". ويضيف الكنيسي: "يجب أن يتم ذلك بأسرع وقت، ويتفادى حالة البطء الرهيب الذي كاد يدمر الثورة وتسبب في ما نحن فيه الآن، وتابع قائلاً الإعلام دوره مهم جدا، ومسؤوليته كبيرة، وما نشاهده يؤكد أن الإعلام شريك في الأزمة، لذلك لا بد من ضبط الإعلام بصورة كاملة حتى نتفادى الأزمات. وطالب الكنيسي باختيار وزير إعلام لهذه المهمة المؤقتة تتوافر فيه الخبرة المالية والإدارية، وله رؤيا إعلامية ليصحح مسار الإعلام".

إقرأ أيضاً: الصحافيون التونسيون غاضبون من السلطات الأميركية

أمّا الباحثة في مجال الإعلام، علياء رأفت، فتقول إنّ "الاجتماعات الوزارية اجتماعات بروتوكولية، والواقع تجاوز بكثير هذه البيانات المكررة، والتي ليس لها أرضية في الواقع، بل هناك عداء شديد بين أي إعلام يحاول أن ينال بالنقد من النظام العربي القديم الذي بليت أوراقه، ولا يتفاعل بشكل صحيح مع العولمة، ولا يذكر لوزراء الإعلام العرب أنهم بحثوا في قضايا حماية المدونين على مواقع التواصل الاجتماعي، بل يعتبرون النشطاء على تويتر أو فيسبوك محرضين". وتضيف: "لم يعد من المقبول أن تكون هناك في ظل الانفتاح الإعلامي رقابة إلا على أصحاب التوجهات الإرهابية أو الفكر المغلوط، ولكن مساحات الحرية في العالم العربي لا تزال محفوفة بالمخاطر، ومن هنا تبرز أهمية وزارات الإعلام من وجهة نظر الحكومات".

وقالت الدكتورة منى الحديدي، أستاذة الإعلام في جامعة القاهرة إن "مهمة الإعلام لا يمكن أن تكتمل إلا إذا تحققت الحقوق الاتصالية للأفراد، والتي تتمثل في حق المواطن في أن يَعلم، وحقه في أن يُعلم عن نفسه، ولكن ذلك الحق يُنتهك بشكل واضح في دول الوطن العربي، فيتوقف مفهوم الإعلام لديهم في الإعلام فقط دون إعطاء المواطنين الفرصة للتعبير عن أنفسهم، وعندما أتاحت مواقع التواصل الاجتماعي تلك الفرصة أصبح لدينا مواطنون صحافيون تمكنوا من التأثير في الرأي العام".

وتشير الدكتورة فاطمة الزهراء أستاذة بكلية الإعلام جامعة القاهرة إلى أن اقتراح إنشاء فضائية
عربية مشتركة كان مطروحاً من سنوات عدة دون تنفيذ، وما تمت مناقشته لا يخرج عن إطار مقترحات قديمة. وتضيف: "لعل الغرض الأساسي من الاجتماع فرض مزيد من الرقابة على الصحف والقنوات التليفزيونية، من أجل تهدئة الأوضاع في المنطقة العربية، فنحن أمام أكثر من 80 مليون مواطن عربي يستخدمون مواقع التواصل الاجتماعي بصورة يومية، ولم تعد هناك نظرية دوامة الصمت التي كانت تفترض أن الأقلية الصامتة ليس لها تأثير، وأنها ستنساق بالتبعية للأغلبية المؤيدة للأوضاع المجتمعية بالوطن العربي، فبعد ثورة الإنترنت أصبح للأقلية الصامتة دور كبير مؤثر وفعال في المجتمع لا يمكن التغاضي عنه".

وتضيف: "أمس القريب كان الإنترنت وسيلة للترويج للمؤسسات الإعلامية الكبرى، لكنه الآن أصبح منافساً لها، فقد أثبتت استطلاعات رأي حديثة أن عددا كبيرا من الشباب عزفوا عن متابعة قنوات التليفزيون التقليدية، وانتقلوا إلى يوتيوب ومواقع التواصل الاجتماعي، فقد سجلت الأعوام القليلة الماضية ثورة عربية حقيقية في مجال إنشاء القنوات الشبابية بأشكالها ومضامينها المختلفة، ويرجع ذلك إلى التكاليف الباهظة لإنشاء محطة إذاعية أو تلفزيونية في حين يقدم الإنترنت تلك الإمكانات مجاناً".

إقرأ أيضاً: الإعلام الغربي: كل هذا الاغتصاب داخل السجون المصرية

المساهمون