مكاتب تحصيل الديون...اعتداءات على المتعثرين وانتهاك للقوانين المصرية

تحقيق مصر1
26 فبراير 2024
+ الخط -

تعتدي مكاتب تحصيل ديون غير قانونية على المقترضين المتعثرين في مصر، بعدما يتلقون بياناتهم من بنوك تمنح تلك الجهات جزءاً من الأموال المحصلة، عبر أساليب التشهير بين الأقارب والتهديدات والسباب عبر اتصالات هاتفية.

- تسارعت التهديدات التي يتلقاها عبر الهاتف الأربعيني المصري عزت الروبي بعد تأخره خمسة أيام عن دفع قسط الشقة التي حصل عليها وفق آلية التمويل العقاري التي أطلقها البنك المركزي على الرغم من كونه سبق أن كان منتظما في السداد شهريا عبر بنك الاستثمار العربي في القاهرة.

ويتلقى الروبي، الذي يعمل محاسبا في شركة للشحن، اتصالات من فتيات ينعتنه بأبشع الصفات والألفاظ، وأقلها سوءا "هنفضحك عند قرايبك، لما انت شحات بتاخد شقه ليه، وسدد اللي عليك"، كما روى لـ"العربي الجديد" قائلا: "في كل مرة يتحدثن بأسلوب سوقي من أرقام جديدة وامتد الأمر إلى هاتف البيت الأرضي".

وفي محاولة لمواجهة الأمر، تقدم الروبي بشكوى إلى البنك المركزي في 12 أكتوبر/ تشرين الأول عام 2022، وعقب أسبوعين جاءه الرد "لا بد من تزويدنا بتسجيلات للمكالمات الواردة، وعليك أن تثبت أنها تابعة للبنك حتى يتمكن البنك المركزي من التدخل، لأن هذا الأسلوب إذا ثبت يعد مخالفا للتعليمات".

و"بالطبع لا يمكن توفير ما سبق"، كما يقول الروبي، موضحا أن الأرقام المتصلة تتغير باستمرار، وحتى من يتصلن تغيرن في كل مرة، لكن "بشكل شخصي تتبعت من يقف وراء هذه الاتصالات، وعرفت بواسطة مدير فرع في البنك أن الفتيات يتبعن لمكتب تحصيل للضغط على العملاء المتعثرين وأنه غير مسؤول وعاجز عن وقف الأمر، ونصحني بأن السبيل الوحيد لذلك، الدفع قبل موعد استحقاق قسط قرضي".

ولم تكن شكوى الروبي للبنك المركزي هي الوحيدة، إذ تقدم قبلها إلى قسم خدمة العملاء في بنك الاستثمار العربي بشكوى في 7 أغسطس/ آب 2022 لكن تم حفظها دون القيام بأي إجراء بحجة أن المكالمات من أشخاص وأرقام خارج البنك. ويرد أحمد البيلي، الموظف في دائرة متابعة الائتمان بالبنك، على قضية الروبي قائلا: "تم احتواء الشكوى والاعتذار للعميل".

انتهاك خصوصية المتعثرين والتشهير بهم

تعدّ تجربة الروبي واحدة من 50 حالة أخرى لمقترضين يعانون من انتهاك خصوصيتهم وتسريب بياناتهم والتشهير بهم عبر مكاتب أو شركات تضغط عليهم بأساليب غير قانونية من أجل تسديد ديونهم، بحسب ما يوثقه التحقيق عبر إفادات المتضررين ورصد الشكاوى المنشورة في مجموعات على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك".

وعبر إحصاء الشكاوى، يتضح أنها متكررة في 17 بنكا من أصل 37 مسجلة لدى البنك المركزي، و5 شركات تقسيط ودفع إلكتروني و3 شركات اتصالات تستعين بتلك المكاتب للضغط على المشتركين من أجل تسديد فواتيرهم مقابل الخدمات التي حصلوا عليها.

ومن أجل توثيق كيف تعمل شركات تحصيل الديون، تواصل معد التحقيق مع محام طلب الاكتفاء بذكر اسمه الأول ويدعى عبد الرحمن، تجنبا للوقوع في مشاكل قانونية، كونه عمل محصلا ماليا في الشركة المصرية الدولية للمحاماة، والتي تعرف نفسها بأنها شركة استشارات قانونية، لكن نشاطها الحقيقي وفقا لعبد الرحمن هو تحصيل أموال البنوك من المقترضين، أما المحاماة فيمكن وصفها بأنها "مجرد بوابة خلفية لمزاولة هذا النشاط"، مؤكدا أنها تعمل مع عدة بنوك.

وتؤكد وثيقة حصل عليها "العربي الجديد"، موجهة من البنك الأهلي المصري إلى الشركة المصرية الدولية للمحاماة، بتاريخ 10 إبريل/ نيسان 2023، ما ذكره عبد الرحمن، إذ يشكرها البنك على مجهودها في تحصيل أمواله، بعدما "جاءت في المركز الأول على صعيد شركات التحصيل الأخرى التي تعاقد معها البنك في الفترة الممتدة بين الأول من يناير/ كانون الثاني عام 2023، ونهاية مارس/ آذار الماضي، من حيث إجمالي المبالغ المحصلة"، وفق ما جاء في الوثيقة.

الصورة
وثيقة
يشكر البنك الأهلي المصري الشركة المصرية الدولية للمحاماة على مجهودها في تحصيل أمواله (العربي الجديد)

ويكشف عبد الرحمن أن كل محصّل لديه ملف فيه بيانات شخصية عن عملاء متعثرين، يضم اسم البنك وقيمة المبلغ والفوائد التي أضيفت إلى مديونية العميل، مشيرا إلى أنه في بعض الحالات يمر الملف على أكثر من محصل، قائلا: "استلمت ملفا لشخص عمل عليه قبلي العديد من المحصلين، وحتى ربما مر الملف على أكثر من مكتب".

ويدخل المحصل رقم الهاتف الأرضي إلى برنامج يضم بيانات وعنوان الشخص، وفي حال وجد المحصل عنوانا لأحد أقارب العميل فإنه "يضغط عليه ويعمل حوار ومشكلة" من أجل إجبار المتعثر على السداد، كما يقول عبد الرحمن: "في إحدى المرات بحثت عن عنوان شخص وذهبت إليه وعرفت أن المنزل يخص أهل زوجته، فقابلت والدتها وأخبرتها بأن زوج ابنتها مدين ومهدد بالحبس لكي تشعر بالخوف وتقنعه بأن يدفع"، ويكشف أسلوبا آخر يلجأ إليه المحصلون،: "كان لدينا ملف عميل متعثر في دفع 80 ألف جنيه (الدولار يساوي 30.84 جنيها وفق السعر الرسمي)، وذهب 6 محصلين إلى والدته المسنة وبمجرد رؤيتها قالوا لها "ابنك حرامي وعاوز يخلع وهنطبعلك ورق بذلك ونلصقه في العمارة، إذ كانت تقطن في حي جاردن سيتي الراقي والذي يضم مقار عدة سفارات، لكن عقب وصول ابنها هتفنا في صوت واحد: (يا حرامي)، فما كان منه إلا أن أشهر سلاحه، ما استدعى مغادرتنا سريعا دون إكمال خطتنا".

ما سبق يؤكده يوسف عزت، اسم مستعار لمشرف على المحصلين في إحدى شركات الناشطة في المجال بالقاهرة الكبرى، والذي طلب عدم ذكر اسمه لأنه ما زال على رأٍس عمله، قائلا "العميل المتعثر حاول معه البنك فعليا، وأنا بدوري أحاول معه بأساليب محترمة أكثر من مرة، ومع طول الوقت يشعر المحصل أنه يتعامل مع لص لأنه يرفض السداد، فأضطر للضغط عليه أكثر لأن عملي هو تحصيل هذه المديونية، أما بخصوص التجاوزات، فإنها تحدث أحيانا لأن العميل يعطي لك انطباعا بأنه لا يخاف من السجن لأن البنك أو الشركة إذا اتخذت إجراءتها القانونية سيكون مصيره السجن وسيعرف أهله ومحيطه، حين أتعامل مع شخص هو لا يخاف على نفسه، لن أخاف أنا عليه، وبالنسبة للمكالمات مع أقاربه فليست سوى وسيلة ضغط يلجأ إليها المحصل لعلها تساعده في تحصيل أي مبلغ".

الصورة
ملفات
نماذج من الملفات التي تحتوي بيانات العملاء والتي تكون بحوزة المُحصّلين (العربي الجديد)

وبالتأكيد "أساليب المحصلين تخالف القانون"، كما يوضح المحامي محمود رفعت، الذي يعمل مستشارا قانونيا لشركة تمويل عقاري، موضحا أنه وفقا للمادة 97 من القانون رقم 88 لعام 2003، بإصدار قانون البنك المركزي والجهاز المصرفي والنقد "تكون جميع حسابات العملاء وودائعهم وأماناتهم وخزاناتهم في البنوك وكذلك المعاملات المتعلقة بها سرية، ولا يجوز الاطلاع عليها أو إعطاء بيانات عنها بطريق مباشر أو غير مباشر إلا بإذن كتابي من صاحب الحساب"، مؤكدا أن سرية بيانات العملاء شيء أساسي وضمانة لاستقرار اقتصاد البلد حتى لا تحدث حالة ذعر في سوق المال المصري بسبب إفشاء بيانات المودعين لأي جهة، وهذا التزام قانوني وليس اختياريا.

الالتفاف على القانون

يضبط قانون تنظيم نشاطي التأجير التمويلي والتخصيم رقم 176 لعام 2018 عمل الشركات المختصة بشراء الحقوق المالية، والتي تربح عبر شراء مديونية البنوك أو الشركات بأقل من قيمتها الحقيقية، ثم تعمل على تحصيل مبالغ الديون كاملة، إذ تتعامل عقب الشراء باعتبارها جهة دائنة، ووصل عددها إلى 39 شركة حتى نهاية سبتمبر/أيلول عام 2023 وفق بيانات الهيئة العامة للرقابة المالية، "وهذه أوضاعها منظمة وفق القانون"، بحسب توضيح المحاسب القانوني عبد العزيز جمال، الذي يدير مكتبا للمحاسبة والاستشارات المالية والضريبية.

39 شركة مرخصة من الهيئة العامة للرقابة المالية لممارسة نشاط التخصيم

وبالتالي فإن عمل مكاتب محاماة في التحصيل غير جائز قانونا، ودخولها إلى المجال يتم بالالتفاف عليه من خلال واجهة أو نشاط لا تمارسه في الحقيقة، بحسب جمال.

ووثق "العربي الجديد" ممارسة 7 مكاتب محاماة نشاط تحصيل الديون بهذه الطريقة، إذ عرف بعض العاملين فيها أنفسهم لعملاء البنوك المتعثرين وتوعدوهم برفع دعاوى قضائية باسم مكتب المحاماة، بالإضافة إلى تأكيد المحصلين أن عملهم الحقيقي مع البنوك.

وقد يصل الأمر إلى حد ادعاء شركات أنها مختصة في تحصيل الديون لكنها مسجلة في هيئة الاستثمار باعتبار نشاطها الحقيقي في مجالات مثل الدعاية والإعلان، كما يقول جمال، "والمشكلة أن المتعثر لا يستطيع أن يفرق بينها، إذ يتحدث المحصل معه باسم البنك للضغط عليه". وهو ما يؤكده عبد الرحمن، إذ يدربونهم على التحدث باعتبارهم من الشؤون القانونية للبنك، والمقترضون لا يعرفون من يتصل بهم ويصدقون، وفي حال تقديم شكوى يتم إرضاء العميل للتنازل.

لماذا تلجأ البنوك إلى هذه الأساليب؟

يكشف أحمد ميرغني، الموظف في قسم الائتمان ببنك القاهرة، لـ"العربي الجديد"، الآلية التي يتبعها البنك مع العملاء المتعثرين، قائلا: "نحاول مع العميل مرة واثنتين، بالتواصل معه من خلال قسم التحصيل الخاص بالبنك، وفي حال لم يستجب العميل ويبادر بالسداد فإن البنك يحوله إلى شركة تحصيل، ولا يلجأ للقضاء نظرا لطول أمد التقاضي، كما أن السير في أي إجراءات قانونية غير جائز إلا بموافقه من البنك المركزي الذي قد يرفض العديد من الطلبات ويفضل التسوية مع المتعثر".

تعمل مكاتب محاماة واستشارات قانونية في تحصيل الديون بشكل خفيّ

وتبين دراسة أثر القروض المتعثرة على الأداء المالي، وهي دراسة تطبيقية على البنوك المصرية المدرجة في البورصة نشرت في يوليو/تموز 2022 في المجلة العلمية للدراسات التجارية والبيئية، أن المصارف والبنوك التجارية في مصر واجهت بعض المشاكل المرتبطة بعدم قدرة العملاء على الوفاء بالتزاماتهم في ظل أزمات اقتصادية متلاحقة في الفترة الممتدة من 2011 إلى 2020، إذ تبين التقارير السنوية الصادرة عن البنك المركزي المصري والمنشورة على موقعه الإلكتروني أن نسبة القروض غير المنتظمة إلى إجمالي القروض للعام 2017/2016 بلغت 4.9%، وانخفضت إلى 4.1% خلال العام 2018/2017، وعادت للارتفاع إلى 4.2% في عام 2019/2018، بينما خلال العام 2020/2019 بلغت النسبة 4%، وانخفضت إلى 3.5% خلال العام 2021/2020. وبحسب الدراسة السابقة، فإن أثرا سلبيا لمستوى القروض المتعثرة على كل من معدل العائد على الأصول ومعدل العائد على حقوق الملكية ونسبة السيولة النقدية، ونسبة حقوق الملكية إلى إجمالي الأصول، وبالتالي من المهم أن تضع البنوك آليات من شأنها خفض درجة المخاطر التي تواجه العملاء وتؤدي إلى زيادة نسبة التعثر في سداد القروض. 

ولدى سؤال ميرغني عن سبب عدم لجوء البنك لإجراءات أخرى مثل الحسم من الضامن (الكفيل)، أوضح أن البنوك قد تمنح القروض وبطاقات الائتمان بلا ضامن. على سبيل المثال يقدم البنك الأهلي المصري قرضا يصل إلى مليوني جنيه والشروط المطلوبة هي: أن يكون الحد الأدنى للدخل ألف جنيه، وإبراز خطاب من جهة العمل يحدد فيه الدخل الشهري وتاريخ التعيين، وتعهد جهة العمل بتحويل المرتب أو القسط للبنك حتى الانتهاء من سداد القرض، وصورة بطاقة رقم قومي للمقترض، الذي يشترط أن لا يقل عمره عن 21 عاما ولا يزيد عن 60 عاما في نهاية التمويل.

علاوة على ذلك، فإن البنك المركزي يقرّ كل فترة إجراءات من شأنها التسهيل على العملاء المتعثرين لكي يحسّن وضعهم المالي ويسهل عليهم دفع المديونية، وتصل تلك التسويات إلى تخفيض المديونية بنسبة 50% ولكن مكاتب التحصيل لا تخبر المتعثرين بهذه القرارات حتى لا تعيق مكاسبها مقابل نسبة من الأموال المحصلة، في حين أن البنك هدفه تحصيل هذه الأموال حتى يتجنب أن يقتطعها البنك المركزي من الاحتياطي الخاص به، وفشل البنك في تحصيل ديونه يعني تقليل أرباحه، خاصة أن البنك مرتبط بسنة مالية ولا بد أن يقدم تقريرا للمركزي بديونه غير المحصلة، وهذه المعلومة مهمة لشركات التحصيل، التي تضع مع البنك مبلغا محددا مستهدفا (تارجت) حتى يصرف لهم البنك عمولة عند تحقيقه، بحسب توضيح ميرغني. "وترواح القيمة بين 15 وحتى 20% من الأموال المسترجعة إذا كانت مدة التعثر في حدود 6 شهور، وفي حال تجاوزت عاما ترواح النسبة بين 25 و30%"، بحسب إفادة مشرف على المحصلين في الشركة المصرية الدولية، طلب عدم ذكر اسمه حتى لا يخسر عمله.

الصورة
شكاوى مصر
شكاوى عملاء تلقوا تهديدات من شركات تحصيل (العربي الجديد)

ومن أجل هذه الأرباح تضغط شركات التحصيل على العملاء بقدر ما تستطيع، لكن البنك المركزي أكد في رده المكتوب الذي تلقاه "العربي الجديد"، عدم وجود ظاهرة متمثلة بتعامل البنوك مع شركات تحصيل تنتهج التشهير والتهديد، وما وصل إليه من شكاوى قليل جدا ولم يسبق حصره، ويمكن لأي عميل التوجه إلى البنك وسؤال الدائرة المختصة لحل مثل هذه المشكلة.

تهديدات لا تتوقف

عانى العشريني محمد عامر من مضايقات مكاتب تحصيل الديون التي بدأت منذ ثلاث سنوات وحتى الآن، بعدما اشترك في نظام "ريد" بشركة فودافون بقيمة 300 جنيه في الشهر، لكنه لاحظ أن قيمة الاشتراك زادت في الشهر التالي لتصل إلى 500 جنيه بحجة أنه تجاوز الحد المسموح له في استخدام الإنترنت، فطالب بوقف الخدمة بعد استخدام الحد المسموح له، وبعد أيام قرر دفع الفاتورة ووقف الخط نهائيا ليفاجأ بأنه مطالب بدفع 900 جنيه مقابل رسوم استخدام الخط ورسوم غلقه وضرائب و"أشياء غير مفهومة"، فطلب وقف خط الهاتف وأخبرهم أنه سيدفع ما عليه، لكنهم لم يستجيبوا، وبدأت تتراكم الفواتير، وعقب شهرين استقبل عدة مكالمات من شركات تحصيل، على رأسها مكتب تحصيل يسمي نفسه "أبو شادي"، أرسل له إنذارا بدفع 1800 جنيه قيمة فواتير متأخرة، ولم يتوقف الأمر هنا إذ وصل بإحدى المتصلات أن تبلغه بأن عليه أن يحضر جلسة محكمة لكن فعليا لم يصله أي إخطار بذلك. ومن بين الأساليب التي استخدموها أيضا تهديده من سيدة باستخدام بياناته الخاصة  بالمواقع التي كان يدخل إليها.

الصورة
شكاوى مصر2
انتهاك خصوصية العملاء وتسريب بياناتهم مخالفان للقانون (العربي الجديد)

ويعبر عبد الله ثابت، والذي عمل سابقا مسؤولا في الشؤون القانونية بشركة أمان للتقسيط والدفع الإلكتروني، ويعمل حاليا في شركة بي تك (متخصصة في بيع وتوزيع الأجهزة الإلكترونية والكهربائية) عن استيائه من فكرة أن :"البنوك التي تقوم بهذا الأمر ليست لديها مشكلة بأن يتعرض العميل للإهانة لأنه بالنسبة للبنك أو الشركة عميل تم حظر التعامل معه مستقبلا، وتتجنب اللجوء إلى خيار أن تعوضها شركة التأمين لأنها ستعوضها بأقل من 60% من قيمة المديونية".

ويفسر ثابت الأساليب التي تلجأ إليها شركات التحصيل وعلى رأسها الذهاب لمنازل المتعثرين بأنها تريد إيصال رسالة مفادها "وصلنا لبيتك وهذا تهديد"، مشيرا إلى أن من يحق له زيارة محل السكن هو ممثل عن الشرطة في حال وجود محضر رسمي في القسم أو حكم محكمة وساعي البريد. لكن من خلال رصده واطلاعه وجد أن بعض تلك المكاتب تستعين بعلاقاتها، وتلجأ إلى إرسال أمين شرطة من القسم التابع له المتعثر من باب ترهيبه، قائلا :"من غير القانوني أن يذهب أمين شرطة إلى محل سكن أي شخص إلا في حال وجود محضر بين شخصين أو في حال أنه كان ينفذ حكما، والحالتان لا تنطبقان هنا".

الصورة
شكاوى مصر3
شركات التحصيل تضغط على العملاء المتعثرين عبر التشهير بهم (العربي الجديد)

هذه التجاوزات التي يقوم بها المحصلون، بدءا من التشهير بالعملاء المتعثرين والذهاب إلى مكان عملهم ومنازلهم أو لصق منشورات أمام محل سكنهم، كلها مخالفات وانتهاكات يعاقب عليها القانون استنادا إلى الباب السادس عشر من قانون العقوبات بشأن: الترويع والتخويف والمساس بالطمأنينة (البلطجة). إذ تنص المادة 375 على أن "يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنة كل من قام بنفسه أو بواسطة الغير باستعراض القوة أو التلويح بالعنف أو التهديد .. أو استخدامه ضد المجني عليه أو مع زوجه أو أحد أصوله أو فروعه.. وذلك بقصد ترويعه أو التخويف بإلحاق أي أذى مادي أو معنوي به أو الإضرار بممتلكاته أو سلب ماله..". ويوضح المحامي رفعت أن المحصل نظريا يحاول استعادة مال البنك من العميل على أساس أن رد الدين تصرف مشروع، لكن اتخاذ طريق غير مشروع يضعه تحت طائلة التجريم، وأيضا قد ترى النيابة أن العقوبة المنصوص عليها في المادة 306 من القانون ذاته تنطبق عليه وتنص على أن: "كل سب لا يشتمل على إسناد واقعة معينة بل يتضمن بأي وجه من الوجوه خدشاً للشرف أو الاعتبار يعاقب عليه في الأحوال المبينة بالمادة 171 بغرامة لا تقل عن ألفي جنيه ولا تزيد على عشرة آلاف جنيه".

ووسط هذه الضغوطات والتهديدات وغياب الثقافة القانونية، يفضل غالبية المتعثرين عدم الشكوى، وهو ما اختاره أيضا محمد عامر، فما كان منه إلا أن حظر الأرقام ولم يتخذ أي إجراءات أخرى.