الأغنية المنفردة: هل انتهى زمن الالبومات

الأغنية المنفردة: هل انتهى زمن الالبومات

06 مايو 2016
عمرو دياب (getty)
+ الخط -
هل انتهى عصر الألبومات الغنائية الكاملة؟ سؤالٌ يُطرَح مع كل إصدار جديد مُنفرد لعدد من الفنانين. هل هي أزمة إنتاج؟ أم أنَّ المسألة باتت تقتصر على تحقيق أكبر عدد ممكن من المُتابعين على مواقع التواصل الاجتماعي؟ أسئلة كثيرة تُطرح اليوم مع قلّة الألبومات الكاملة، ووفرة الأغنيات المُنفردة المنتشرة على مواقع التواصل الاجتماعي.

على الرغم من الحركة الفنيَّة النشطة على صعيد المهرجانات والحفلات، والتي تحاول أن تلتقط انتباه المتابعين المنشغلين بالدراما في شهر رمضان المقبل، طرح عدد من الفنانين مجموعة من الأعمال الفنية المُنفرِدة. عاصي الحلاني ونجوى كرم دشَّنا موسم الصيف بأغنيتين، فيما لم يُقرِّرا بعد نيّتهما في إصدار "ألبوم" كامل، كان يُحكَى عنه كثيراً.

لكن ما هي الأسباب التي تؤدي إلى إصدار أغنية منفردة؟
يقول الشاعر والمُلحّن، وائل أشقر، لـ"العربي الجديد"، إنّ عدّة أسباب تكمن وراء تفضيل الفنانين تقليد الأغنية المُنفردة. أهمُّها قلّة الإنتاج الغنائي اليوم في العالم العربي، ومشاكل شركات الإنتاج العربية تحديداً، من دون وجود رقيب حول حقوق الملكية الفكرية والاستنساخ، وهذا ما يجعل الألبوم كاملاً يتعرّض للسرقة بعد إصداره، خصوصاً في لبنان. و"أعتقد أن عصر الاستهلاك الذي نعيشه، بات يُخيف عدداً من الفنانين في العالم العربي لجهة الإصدارات الكاملة، فيفضلون العمل على أغنية واحدة، تكون أغنية موسمية يستغلونها في موسم الحفلات، أو لإثبات تواجدهم إن لم يكن موسم الحفلات قائماً. لكن، هذا الوضع لا ينعكس بالضرورة علينا كشعراء أو ملحنين. ونحن نفضّل أن تصل الأغنية متكاملة، من ناحية المضمون والإنتاج، أي أن يُروَّج لها بطريقة مناسبة، وأن تُصور على طريقة كليب. وأعتقد أن الأغنية الـ"سينغل"، يهتمُّ بها الفنان أكثر، أو لنقل، بأنّ الفنّان يدللها، لأنها أغنية واحدة، بدل أن يشغل نفسه بعدد من أغنيات الألبوم الكامل".


في الشكل، رُبَّما يكون الشاعر والمُلحن، وائل أشقر، مصيباً. لكن، بنظرة موازيةٍ لإصدارات الـ"سنغل"، نجدُ أن عدداً من المغنين يصرّون على صيغة الألبوم كاملاً. كارول سماحة، لم تصدر أغنيات "سينغل"، إلاّ تلك التي تتعلَّق بالمناسبات الخاصَّة أو ما يُعْرَف بالأغنية الوطنية، وهي واحدة من جيل الفنانات اللاتي يعمَلْنَ على "ألبوم" كامل ولفترة طويلة قد تصل إلى عامين. وتشبه إليسا زميلتها كارول سماحة في التحضير لألبوم كامل. كارول سماحة وإليسا لا تستعجلان الوقت، ولا تحاصرهما الأغنية المنفردة، أو يُلزمهما الوقت بإصدار جديد، لإنعاش وجودهما على الساحة الغنائية، وهما تجنّدان الوقت من أجل إتمام العمل كاملاً، برؤية تتماشى مع تطلعات ورؤية الناس والجمهور. أسباب كثيرة أخرى، تقف وراء اختيار بعض الفنانين لأسلوب الأغنية المُنفردة اليوم، خصوصاً مع الصراع القائم بين هؤلاء وشركات الإنتاج في العالم العربي، إذْ لم تعد الحقوقُ محفوظةً لهم، ولا حتى للشركة المُنتجة نفسها. وكل هذا تسبب في أزمة، إذ أصبحت معظم شركات الإنتاج تقاسم الفنان في ربحه عن الأعمال والحفلات التي يقدمها، وهذا بالتالي أدّى إلى مشكلة في التعاون المشترك وفي كمية الإصدارات ونوعها وأسلوبها، وكان سبباً رئيسياً في اللجوء إلى الـ"سينغل”. وغيرُ بعيدٍ عن ذلك،

لا يزال السوق المصري أو الفنانون المصريون، يسيرون على درب الألبوم الكامل. عمرو دياب، ورغم مشاكله القانونية مع شركة "روتانا" أصرَّ على إصدار عمل غنائي كامل بعد غياب دام سنتين. وكذلك حال زميلته أنغام وسميرة سعيد وأمال ماهر. وتشكّل هذه رؤية مغايرة تماماً لواقع الفنانين في لبنان، الذين يتأرجحون بين إصدار ألبوم كامل أو أغنية منفردة، واللعب على وتر "الميديا" البديلة المتمثّلة في مواقع التواصل الاجتماعي، من دون التبصُّر أكثر في النتيجة التي تقدمها هذه المواقع، وإذا ما كانت كلّ المشاهدات التي يحصدنها عبر موقع "يوتيوب" صحيحة أم لا.

على الصعيد الخليجي، الكرة تتأرجحُ أيضاً. محاولة شركات الإنتاج خجولة، و"لوغو" شركة الإنتاج بالنسبة لبعض المواهب، هو مُجرَّد شعار يوضع على غلاف الألبوم، وتتكفّل الشركة بتوزيعه. بل أصبحت بعض هذه الشركات تتقاسم عائدات الألبوم والنشر الإلكتروني للأغنيات، عبر بنودٍ تُضاف إلى عقد التعاون والتوزيع بين الطرفين. لكن، لم يثن ذلك بعض الفنانين عن إصدار ما بات يُعرف بالـ"ميني ألبوم"، الذي يتضمن 4 أغنيات كحدٍّ أقصى. وقد اعتمد على هذا النمط، الفنان الكويتي عبد الله الرويشد، والفنان العراقي ماجد المُهندس، ما حقق نتائج جيدة نوعاً ما في حركة السوق الغنائي الخليجي، الذي يُعتبر أفضل حالاً على الصعيد المالي من الوضع في بيروت أو القاهرة، وحتى دول المغرب العربي.


يشرح رشيد معاليقي، وهو مسؤول في إحدى شركات الإنتاج الفنية عن مواقع التواصل الاجتماعي، حول مكاسب الأغنيات المُنفردة قائلاً: "هناك تباين في دقة الأرقام التي تأتينا كعائدات، أو كنسبة مشاهدة لبعض الأغنيات التي نبثُّها عبر المواقع المُتخصصة. وكلُّ بحسب الماكينة الإعلامية الخاصة بهذه المواقع. وأعتقد أن مستوى الأغنية هو ما يحقق في نجاحها، لكن لا أبالغ لو قلت إن معظم الأرقام التي نراها لبعض الفنانين هي أرقام مزورة. وأعتقد أن شراء بعض المتابعين من قبل بعض الفنانين بات واقعاً ملموساً في العالم العربي، لكنه اليوم أصبح مكشوفاً أمام الجميع. وأكرّر أن الجهد المطلوب لكل فنان يبقى هو الحاكم على إيصال أو تسويق الأغنية بالطريقة السليمة والواجبة".

المساهمون