خياطة ملابس السجناء: ازدهار المهنة في العراق

خياطة ملابس السجناء: ازدهار المهنة في العراق

بغداد

محمد الملحم

avata
محمد الملحم
28 يونيو 2019
+ الخط -
مع اكتظاظ السجون بعشرات آلاف المعتقلين والموقوفين في العراق، وفشل وزارة العدل وإدارات السجون التابعة لوزارتَي الداخلية والدفاع، في توفير الملابس الخاصة بالسجناء ضمن المواصفات التي كفلها القانون، يلجأ ذوو المعتقلين إلى شراء الملابس الخاصة بأبنائهم بأنفسهم. وتتطابق هذه الملابس مع الألوان والمواصفات الموجودة داخل كل سجن، لكن بقماش قطني أو مخملي غير القماش المتوفر في السجون، إذ إنه سبب للمعتقلين أمراضاً جلدية خطيرة كالحساسية والجرب والقمل.

نوعيات أفضل
محال خياطة وبيع ملابس السجناء في العراق هي إحدى المهن النامية في السوق خلال الفترة الماضية. فيقصد ذوو المعتقلين تلك المحال لشراء بدلتين أو ثلاث لأبنائهم، تكون بنفس اللون المطلوب في السجن، لكنها تحتوي على جيوب كثيرة وبقماش مريح. وبذلك يتمكن المعتقل من تغيير ملابسه في اليوم الواحد مرة أو مرتين، من دون حاجة إلى البقاء في البدلة ذاتها أياماً عدة، مع اكتظاظ السجن واشتداد درجات الحرارة وانقطاع الكهرباء.
وسجلت السجون ومراكز الاحتجاز العراقية التابعة لوزارة العدل والوزارات الأمنية الأخرى، حالات وفاة عدة خلال الفترة الماضية، جراء سوء المعاملة وانعدام معايير حقوق الإنسان في مراكز التوقيف تلك.

تجارة مزدهرة
يقول علي العطار، وهو واحد من خيّاطي بدلات السجناء في بغداد، في حديث مع "العربي الجديد": "هذا النوع من الخياطة راج في الفترة الماضية وكثير من الخياطين باتوا يصنعون بدلات سجناء بدلاً من الدشاديش الرجالية، فبيع البدلات مزدهر".
ويضيف "لكل لون دلالة على سجن؛ فاللون الأصفر مخصص للسجناء المودعين في سجن المطار، أما لون القهوة فهو لمن يودع في سجن التسفيرات، واللون الأزرق لسجن الأحداث ومقره في مدينة الكاظمية. وهناك سجون أخرى تستخدم ألواناً مختلفة بحسب محكومية وحالة كل نزيل".
ويشرح العطار "ورثت مهنة الخياطة عن عائلتي، وكانت مربحة جداً، لكن استيراد الملابس قتل الصناعة المحلية وزاد من جيوش العاطلين في العراق، وهو ما دفعني للتخصص في خياطة بدلات السجناء لكسب العيش". مضيفاً "لا يقتصر عملي على الخياطة فقط، بل أستورد بدلات للسجناء من مناشئ عالمية، ذات خصائص طبية جيدة تتناسب مع المصابين بالأمراض الجلدية، لأنها ضد الحساسية والبكتيريا، وكذلك تتناسب مع فصلي الصيف والشتاء، فأشتريها من الخارج وأبيعها في محلي".

شهادات الأهل
يتحدث صفاء أحمد (24 عاماً) لـ"العربي الجديد"، قائلاً: "أبحث عن بدلة تتناسب مع وضع أخي الصحي فهو مصاب بأمراض جلدية، وقد أوصاني بأن تكون صفراء اللون وأن تتناسب مع حرارة فصل الصيف". ويضيف: "منذ يوم إيداع أخي في السجن زادت مصاريفنا كعائلة، ومنها بدلات السجن التي اشتريتها بـ25 ألف دينار عراقي؛ أي ما يعادل 20 دولاراً أميركياً، والمصاريف لا تقف عند بدلة السجن طبعاً". ويشرح أن الدولة تجهّز لكل سجين بدلة واحدة "لكن البدلة التي يتم تجهيزهم بها تكون غير مناسبة ونوعيتها رديئة من حيث القماش والأحجام، ما جعلني أشتري لأخي بدلة أخرى أفضل. إضافة إلى أنّ كل نزيل يجب أن يكون لديه أكثر من بدلة، إذ تتعرض البدلات للتلف. ومن بين السجناء من يصاب بأمراض تحتم عليه إتلاف البدلة بسبب الأمراض الجلدية المستشرية في السجون العراقية".

حول هذا الموضوع تقول نادية مجيد والدة أحد المعتقلين لـ"العربي الجديد"، إنها اشترت أربع بدلات لابنها فيها جيوب كبيرة بأزرار محكمة، وبقماش مريح جداً، كونه أصيب بحساسية في الجلد بسبب الحر الشديد وانقطاع الكهرباء عن الزنازين وتكدس المعتقلين فيها. وتضيف "هذا أقل ما يمكنني أن أقدّمه له حالياً، خصوصاً وأنا مقتنعة أنه بريء، وأن تهمة انتمائه لتنظيم "داعش" باطلة". وتؤكد أنها تدفع أموالاً لمفوض الشرطة في السجن حتى يوصل إليه الملابس وبعض الطعام وأموالاً أخرى كي لا يتعرض للتعذيب والضرب.

دلالات

ذات صلة

الصورة
أبو تقوى السعيدي (إكس)

سياسة

أسفر استهداف طائرة مسيّرة مقراً لفصائل "الحشد الشعبي" يتبع لـ"حركة النجباء"، عن مقتل المسؤول العسكري للحركة مشتاق طالب علي السعيدي المكنى "أبو تقوى".
الصورة
قاعة الأعراس في الحمدانية في نينوى في العراق 1 (فريد عبد الواحد/ أسوشييتد برس)

مجتمع

أعاد حريق قاعة الأعراس في محافظة نينوى العراقية الذي خلَّف مئات القتلى والمصابين، ليلة أمس الثلاثاء، مشهد الحرائق المتكرّرة التي شهدتها البلاد في السنوات الأخيرة والتي خلّفت مئات القتلى والجرحى.
الصورة
صندوق من فاكهة الرمان (Getty)

مجتمع

أفاد تحقيق صحافي عراقي بأنّ بغداد تلقّت شحنة رمّان من بيروت تبيّن أنّها محشوّة مخدّرات، علماً أنّ هذه الشحنة جزء من سداد قيمة مستحقّات النفط العراقي المخصّص لبيروت.
الصورة
تلاميذ في مدرسة في تونس (Getty)

مجتمع

طالبت جمعيات تونسية باتّخاذ إجراءات للحدّ من العقوبات السجنية في إطار الحدّ من "العودة إلى الجريمة"، وتوجيه كلفة تنفيذ العقوبات السالبة للحرية نحو الاستثمار الدراسي وتدريب المنقطعين عن التعليم.

المساهمون