"قصة حلم"... الألم السوري في سبيل الترفيه

"قصة حلم"... الألم السوري في سبيل الترفيه

03 يناير 2019
يغدو الأطفال جزءاً من قطع ديكور البرنامج (الأناضول)
+ الخط -
ما أن أنهت قناة "لنا" السورية برنامجها الأسبوعي "لنا مع رابعة"، حتى سارعت إلى تجديد تعاقدها مع الإعلامية اللبنانية، رابعة الزيات، لتقدم برنامجا أسبوعيا آخر، ليُعرض عوضاً عن برنامجها السابق، وهو برنامج "قصة حلم"، الذي بدأ عرضه يوم الجمعة قبل الماضي.

"قصة حلم" هو برنامج حواري ترفيهي، تستضيف فيه رابعة الزيات فناناً سورياً، أو لبنانياً، يتمتع بشعبية، وتخوض معه حواراً حول قصصه الخاصة ومسيرته الفنية؛ ولكن البرنامج يكسر نمطية البرامج الحوارية الفنية من خلال إدراجه فقرة خارج السياق، عن اللاجئين السوريين في لبنان؛ حيث تقوم الزيات فجأة بعرض ريبورتاج أعدته بنفسها، إذ إنها تزور اللاجئين في مساكنهم البائسة، لتنقل صورة عن الألم السوري إلى الاستوديو الترفيهي، ويتم التركيز في الريبورتاج على قصة طفل يعيش حياة غير طبيعية، فتأتي رابعة ومن خلفها قناة "لنا" لتلعب دور البطل وتنقذ الطفل من الجحيم وتحقق حلمه! وتعود بالطفل إلى الاستوديو لتستعرض الإنسانية والتعاطف، في لقاء مبتذل ما بين الطفل والفنان.
تفسر رابعة عرضها للريبورتاج المأساوي واستضافتها للمنكوبين في برنامجها، حين تقول لضيف الحلقة الأولى (ناصيف زيتون)، وبحضور الطفلة كفاح التي تعاني من فقدان أحد أطرافها: "كنا نتكلم قبل قليل عن جمال هذه اللفتة، هذا الشيء طبيعي، ويجب أن نكون كلنا هكذا (أو هيك)، ويجب أن تغار جميع البرامج من بعضها، فالحياة فيها دمعة وابتسامة، ونحن نقدم الفرح، ولكن في الحياة توجد أوجاع، حلو هالميكس". ليبدو أن الفكرة من البرنامج هي عدم نسيان الألم السوري حتى أثناء تقديم البرامج الترفيهية، وتغدو بذلك أجساد الأطفال والبيئة التي يعيشون فيها جزءاً من قطع الديكور التي يتم استخدامها لإظهار إنسانية الفنانين، ولمتاجرة القناة بقضية السوريين، بعد أن حيّدت "لنا" نفسها عن هذا النوع من القضايا في الأشهر الستة الأولى من بثها.

ورغم أن قناة "لنا" لا تعتبر السباقة إلى المتاجرة بالجسد السوري وقضية اللاجئين، ولكن الطريقة التي يتم بها إقحام هذه القضية في برنامج "قصة حلم" تُعتبر الأسوأ من نوعها، فتركيز الكاميرا بريبورتاج الحلقة الأولى على الجزء المبتور من جسد الطفلة كفاح، وانتهاء الفقرة بتبرع القناة بذراع صناعية للفتاة بأسلوب دعائي، يعكس آلية الاستثمار بالجسد السوري بصورة خالية من التنميق، ويزيد من الطين بلة عدم اهتمام رابعة بالطفلة، وتعاملها مع الفنان على أنه الضيف الوحيد في برنامجها.
في الحلقة الثانية من البرنامج، التي تستضيف فيها رابعة الفنان اللبناني زياد برجي، فإن الريبورتاج المُعَد حول اللاجئين السوريين، يسرد قصة فتاة سورية تعيش مع جدتها في لبنان، بعد أن فقدت والديها في رحلة البحر. يخلو الريبورتاج من أي لمحة تعاطف إنساني تجاه الضحايا الهاربين عبر البحر، بل تقوم رابعة بتحميل الأهالي الغرقى مسؤولية مأساة الطفلة اليتيمة، بالإضافة إلى الإرهاب المتسبب في دمار بيوت السوريين. وتناقش، وضيفها، الأوضاع السياسية في سورية، وتعبر عن فرحها بأن سورية بعد "الانتصار" لن تدمر بها المزيد من المنازل؛ وتنهي الريبورتاج بإعطاء القناة التلفزيونية دور البطولة مرة أخرى، لتنقذ الطفلة وجدتها من حياة الشقاء والفقر التي يعيشونها في لبنان، ويقدمون لهم مفتاح بيت في سورية.

المساهمون