"بوط كعب عالي" ... سينما تجارية من دون نجوم

"بوط كعب عالي"... سينما تجارية من دون نجوم

01 يناير 2019
بوستر "بوط كعب عالي" (فيسبوك)
+ الخط -
يوم الخميس الماضي، تم إطلاق الفيلم الكوميدي "بوط كعب عالي" ضمن فعاليات سينما "سيتي" في دمشق. الفيلم من كتابة الممثل، طارق مرعشلي، وإخراج نضال عبيد. ورافقت افتتاح الفيلم حملة إعلامية كبيرة، قام بها صناع العمل على وسائل التواصل الاجتماعي، للترويج بأن الفيلم يعد نقلة نوعية في السينما السورية المقدمة للجمهور خلال سنوات الحرب. وبأن العمل يعيد السينما السورية إلى شباك التذاكر، فهو بوابة لدخول الفيلم السوري إلى أسواق السينما التجارية من جديد، كما وصفوه.
فمرعشلي يطرح فيلمه على أنه ينتمي للسينما التجارية، ويسوق نفسه كمتمرد على ما قدمته المؤسسة العامة للسينما من أفلام طيلة سنوات الحرب، والتي وصفها بالنخبوية. ولذلك، اختار أن تكون انطلاقته من صالة سينما "سيتي" الخاصة، على عكس الأفلام التي تنتجها مؤسسة السينما، والتي يتم عرضها غالباً في صالات "الكندي" الحكومية التابعة للمؤسسة. ويبدو أن مرعشلي يلمس جانباً من الصواب في كلامه، فالسينما السورية، عموماً، تعاني من فقدانها الشعبية، ومن توجه مخرجيها نحو النخبة، ولكن، هل تمكن مرعشلي حقاً من صناعة فيلم تجاري؟
يبدو أن مرعشلي يستمد معايير الفيلم التجاري من السينما المصرية، إذ يقوم بإقحام أغانٍ شعبية في الفيلم، ويظهر في "برومو" الفيلم، حازم الصدير يؤدي أغنية "شعراتها ولو" التي يضج بها الشارع السوري مؤخراً. ولكن مرعشلي لسبب ما يعتقد بأن جميع الأفلام التجارية هي أفلام كوميدية، ويتجاهل كل ما يتعلق بالمعايير الحقيقية لنجاح الفيلم التجاري، وعلى رأسها وجود نجوم صف أول قادرين بشعبيتهم على جذب الجمهور السوري إلى السينما مجدداً، إذ إن آخر حضور للفيلم التجاري السوري، يتجسد حقيقةً في أفلام غوار الطوشة التي استطاعت تحقيق شعبية كبيرة على المستوى العربي. ولولا وجود دريد لحام في تلك الأفلام لما حققت تلك الشعبية. وفي المقابل فإن فيلم "بوط كعب عالي" يؤدي بطولته طارق مرعشلي الذي لم يتمكن طيلة حياته الفنية من تجسيد دور بطولة واحد في الدراما التلفزيونية، وباقي شخصيات الفيلم يؤديها نجوم من الصف الثاني في أحسن الأحوال أمثال: هيا مرعشلي، معن عبد الحق وجمال العلي.
ومن ناحية أخرى، يعتمد الفيلم في حبكته على حبكة مكررة ومستهلكة سينمائياً، إذ يروي الفيلم قصة شابين سوريين يتخلفان عن الخدمة العسكرية، ويتنكّران بزي فتيات للهروب من الحواجز الأمنية. ويقومان بالسكن ضمن السكن الجامعي المخصص للفتيات، وتبدو تلك الحبكة مألوفة للغاية، فهي مقتبسة من فيلم "أذكياء لكن أغبياء"، الذي يتنكر فيه كل من عادل إمام وسمير غانم بملابس فتيات لاستئجار غرفة بسعر رخيص في سكن خاص بالفتيات. ولكن الأسوأ من ذلك، هو أن الفيلم الذي ينادي باستقلاليته عن السياسة المتبعة في المؤسسة العامة للسينما، لا يبدو أنه يغرد خارج سربها كما يدعي، إذ إن حكايته تقود إلى ذات التوجهات. فيسرد الفيلم اختطاف داعش لحافلة الفتيات الجامعيات أثناء رحلتهن، ويكون الشابان المتنكران ضمن تلك الحافلة. فيصبحان أسيرين برفقة الفتيات لدى داعش، إلى أن يقوم الجيش السوري بلعب دور البطل وتحريرهن، لينتهي الفيلم بانضمام الشابان إلى صفوف الجيش للقتال معه بشكل طوعي، لإيمانهما بضرورة التجنيد لمحاربة الإرهاب. ليبدو الفيلم في النهاية ليس سوى محاولة للبحث عن أسلوب فني جديد لإيصال الرسائل "الوطنية" ذاتها، التي تقدمها المؤسسات الفنية الحكومية.

المساهمون