محاولة أميركية لشطب حق العودة الفلسطيني

محاولة أميركية لشطب حق العودة الفلسطيني

05 اغسطس 2018
+ الخط -
تواتر الحديث الإعلامي أخيراً عن مشاريع لتصفية قضية اللاجئين الفلسطينيين، عبر تصفية الأساس القانوني لحق عودتهم إلى ديارهم، حيث بدأ مشرّعون أميركيون تحرّكاً لسن قانون، من شأنه تصفية قضية اللاجئين الفلسطينيين، بالاعتراف فقط بأربعين ألفا منهم، يمثلون نحو 1% من أصل أكثر من خمسة ملايين. وهو قانون يتحرك أعضاء في مجلس الشيوخ الأميركي لسنّه، يتعلق بإعادة النظر في المساعدات السنوية لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، بحيث يتم اعتماد عدد جديد للاجئين الذين تتولاهم الوكالة، وعليه سيتم تحديد المساعدة المالية وفقا لعدد المعترف بهم رسمياً. وثمّة تقديرات بأن نسبة الذين وُلدوا في فلسطين لم تتجاوز 2% من مجموع اللاجئين خلال العام الحالي (2018)، ما يؤكّد أن إدارة الرئيس دونالد ترامب، تسعى إلى تغيير تعريف صفة اللاجئ الفلسطيني الذي اعتمدته "أونروا" منذ نشأتها، وتحصره فقط في اللاجئين من مواليد فلسطين، مع استبعاد ذرّيتهم الذين تعتبرهم الوكالة من عداد اللاجئين الفلسطينيين، وينطبق عليهم قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة 194 لعام 1948 والقرارات ذات الصلة.
ويلتقي مشروع القانون الأميركي مع التوجهات الإسرائيلية لشطب حق عودة اللاجئين الفلسطينيين. وقد نُقل عن ممثل إسرائيل في الأمم المتحدة، رون بريسور، قوله إن العقبة الرئيسية في وجه عملية السلام هي حق العودة للاجئين الفلسطينيين، وليس المستوطنات. 
واعتبر نقل صفة لاجئ لتُمنح إلى أبناء اللاجئين الفلسطينيين الذين غادروا قراهم ومدنهم بعد قيام إسرائيل أمرا مضللا، منوهاً إلى أنه في عام 1950 وصل عدد اللاجئين إلى 700 ألف، وأصبح عدد هؤلاء اليوم أكثر من خمسة ملايين لاجئ، ويعتمد الأمر، بحسبه، على كيفية تعدادهم وأسسه. وانتقد بريسور سياسة "أونروا" التي تسمح للاجئين الفلسطينيين بنقل هذه الصفة إلى أطفالهم، معتبراً أن ما تقوم به المنظمة الدولية في هذا الشأن مضلل. وتبعاً لذلك، تمّ عقد مؤتمر صغير في نادي هارفارد في مانهاتن في نيويورك قبل فترة وجيزة، شاركت فيه شخصيات وخبراء، من بينهم بريسور الذي تناول موضوع اللاجئين الفلسطينيين، واعتبر قضيتهم هي الأساسية التي تعيق التوصل إلى اتفاق سلام بين إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية. وركّز المؤتمر على ضرورة صياغة تشريعات في الولايات المتحدة تهدف إلى إنهاء عملية "النقل الأوتوماتيكي" لصفة لاجئ من الأب الفلسطيني إلى أبنائه، تلك العملية التي تجري منذ 1948.
جنباً إلى جنب مع المسعى الأميركي الإسرائيلي لشطب حق العودة، عبر تغييب الأساس القانوني، تحاول المؤسسة الإسرائيلية اختلاق فكرة لاجئين يهود، لمواجهة القرارات الدولية الداعية إلى حق عودة اللاجئين الفلسطينيين، وفي مقدمتها القرار 194. وكشفت وسائل الإعلام الإسرائيلية أخيرا عن وثيقة رسمية إسرائيلية، تتضمّن الموقف الرسمي الذي يفترض أن تعرضه إسرائيل في قضية "اللاجئين اليهود" في الأروقة الدولية. وتُعتبر الوثيقة حصيلة قرار سياسي إسرائيلي، مصدره رئاسة الحكومة، حيث يفرض على المفاوض الإسرائيلي أن يجعل مما تسمى مشكلة النازحين اليهود من الدول العربية قضية أساسية، إبّان مفاوضات محتملة حول الحل الدائم مع الطرف الفلسطيني. ومن دون حل هذه القضية، فإن القرار الإسرائيلي هو عدم الموافقة على إعلان إنهاء الصراع. وتشير أنباء إسرائيلية إلى أن الوثيقة أعدّها مجلس الأمن القومي الإسرائيلي، بأمر من رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو.
وقد تضمنت بشكل أساسي توصياتٍ بشأن كيفية تعامل إسرائيل مع قضية ما يسمّى اللاجئين
اليهود، وفي مقدمتها المطالبة بالتعويضات لليهود الذين هاجروا من الدول العربية إلى "إسرائيل" نقطة تفاوضية مهمة على طاولة مفاوضات محتملة مع الطرف الفلسطيني، بل وجعل تلك النقطة جزءاً من التفاوض حول قضية اللاجئين الفلسطينيين. وتذهب الوثيقة إلى أبعد من ذلك، حيث تعرّف اللاجئ اليهودي من الدول العربية بأنه اليهودي الذي ترك بيته في الدول العربية، وهاجر إلى "إسرائيل". أما عدد هؤلاء اللاجئين، فقد جرى احتسابه، ابتداء من تاريخ قرار التقسيم الصادر عن الأمم المتحدة في نوفمبر/تشرين الثاني من 1947 وانتهاء بعام 1968. ووفق هذا المعيار، أحصت الوثيقة 800 ألف لاجئ يهودي، في مقابل 600 إلى 700 ألف لاجئ فلسطيني في الفترة المذكورة.
مشروع القانون الأميركي مسعى غير قانوني، ولا يمكن أن يؤثر بشيء على الوضع الراهن، وهو جزءٌ من "صفقة القرن" التي تهدف إلى إسقاط حق اللاجئين الفلسطينيين في العودة، ويتوافق مع قانون القومية الإسرائيلي التهويدي العنصري الذي يعتبر الحجر الأساس للصفقة التي تستهدف الحقوق الفلسطينية. والثابت أن حقوق اللاجئين الفلسطينيين محميّة بموجب قرار الأمم المتحدة رقم 194، والقرارات الدولية ذات الصلة، ولا يحق لمجلس الشيوخ أو الكونغرس الأميركيين، تجاوز القانون الدولي، وفرض قوانينهما على العالم وعلى الشعب الفلسطيني، الذي أكّدت على حقوقه الوطنية الثابتة رزمة من قرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة ومجلس الأمن وهيئات الأمم المتحدة الأخرى.