تونس: تباين المواقف الحزبية حيال خطاب السبسي

تونس: تباين المواقف الحزبية حيال خطاب السبسي

10 مايو 2017
السبسي استخدم لهجة صارمة في خطابه (أمين الأندلسي/ الأناضول)
+ الخط -
تباينت ردود فعل السياسيين في تونس، مباشرة بعد خطاب الرئيس التونسي، الباجي قائد السبسي، بين من اعتبره ممسكاً بزمام الأمور وتطبيق القانون، وبين من اعتبره مخيباً للآمال، وأنه لا يخلو من رسائل تهديد، سواء باستعمال القوة في مواجهة الاحتجاجات، والاستعانة بقوات الجيش الوطني لتأمين وحماية المنشآت وموارد الدولة.

وقال الناطق الرسمي باسم حركة "النهضة"، النائب عماد الخميري، لـ"العربي الجديد"، إن خطاب السبسي تضمن عدة معانٍ ورسائل مهمة، وإن "النهضة" تثمّن النقاط الواردة في الخطاب عن إيجابيات الثورة التونسية، وبناء نظام ديمقراطي سياسي جديد، قائم على احترام الحريات والديمقراطية وحقوق الإنسان، وهي مكاسب لا رجعة عنها.

وأضاف النائب أنّ السبسي "شدّد على حق التظاهر، وتفهمه لمطالب المحتجين"، مستدركًا بالقول: "ولكن رغم ما حققته تونس على المستوى السياسي والحقوقي، فإن العمل على المستوى الاقتصادي والاجتماعي لا يزال منقوصًا، ولا يزال هناك تعثر في تحقيق الإصلاحات المرجوة"، مبينًا أن السبسي أشار إلى التعطيلات التي تعيق الإصلاح، وفي حين أن الدستور يكفل له حماية الوطن والأمن واستمرارية الدولة، فإن له أيضًا من الصلاحيات ما يخول له دعوة المؤسسة العسكرية لحماية المنشآت النفطية في ظل الخسائر المسجلة، فكما أن الدولة هي الضامنة للديمقراطية فهي أيضًا من تحمي المنشآت.

وأكّد الخميري أن رئاسة الجمهورية جدّدت خيارها بالاستمرار في سياسة الوفاق الوطني والحوار، وهو ما يميز التجربة التونسية، مبيناً أن حديث السبسي حول قانون المصالحة تضمن الكثير من التفهم؛ خاصة أن الحكم على هذا القانون سيكون داخل مجلس نواب الشعب، على اعتبار أن مشروع قانون المصالحة هو الآن قيد الدرس ضمن لجنة التشريع في المجلس، وبالتالي فإن رئاسة الجمهورية منفتحة على جلّ مقترحات التعديل، بحسب قوله.

وأضاف أن الخطاب في مجمله إيجابي، ويحتوي على رسائل طمأنينة للتونسيين، معتبراً أن دعم حكومة يوسف الشاهد جاء لاعتبارها الأنسب والأفضل لقيادة المرحلة المقبلة، كما أن هناك التزاماً بالوصول إلى الاستحقاق الانتخابي وتأمين الانتخابات البلدية.

وقال النائب المستقل، وليد جلاد لـ"العربي الجديد"، إن خطاب السبسي مطمئن على عديد الأصعدة، فقد جدّد الدعوة لإعادة هيية الدولة، مبيناً أن من صلاحيات رئيس الجمهورية حماية الدستور والأمن القومي والسياسة الخارجية.

وشدّد على حديث السبسي حول موضوع السياسة الخارجية، قائلًا إن تونس محل تقدير دولي، إذ تمت دعوتها للمرة الثالثة في قمة السبع الكبار، أما على مستوى الأمن القومي؛ فقد كسبت تونس كثيراً من الأشواط، خاصة في حربها ضد الإرهاب.

وأشار إلى أنه أمام الاحتجاجات المتواصلة التي تعيشها تونس، والتي أثرت على الإنتاج، فإنه لا يمكن تحقيق معدل نمو والإنتاج معطل، ولا يمكن تحقيق التشغيل وخلق فرص شغل في ظل الاحتجاجات، وبالتالي فقد أعلن رئيس الجمهورية عن إمساكه بزمام الأمور، ونهاية تعطيل الإنتاج، مع تكريس دولة القانون والمؤسسات، واحترام الحريات الشخصية.

واعتبر القيادي في "حراك تونس الإرادة"، عدنان منصر، أنّ "أغلب التونسيين كانوا ينتظرون حلولًا للأزمة، وليس تعميقها، مبينًا أن رئيس الجمهورية، بخطابه اليوم، اتجه إلى تعميق الأزمة أثناء حديثه عن المعارضة، ولكن ينبغي ألا ينسى أن قواعد اللعبة هي أيضًا السلم والديمقراطية والتظاهر السلمي"، مبينًا أن "السبسي فضّل رفض الاعتصامات السلمية، والاستعانة بالجيش، في الوقت الذي يفترض فيه أن رئيس الجمهورية لا يجب أن يهدد بمؤسسات الدولة، لأن القوانين تنفذ والجيش يعمل وفق قوانين".

وبيّن منصر لـ"العربي الجديد" أن خطاب السبسي لا يخلو من رسائل تجاوزها الزمن، ويذكر التونسيين بخطاب رحل منذ يناير/ كانون الثاني 2011، معتبراً أن لا أحد ينكر أن تونس في أزمة سياسية، وأن هناك أيضاً قصوراً في الأداء على كثير من الأصعدة الاجتماعية والاقتصادية.

وأضاف أن قراءة السبسي خطاب معتصمي تطاوين بلهجة ساخرة، أمر لا يليق، ومن المفترض أن يتفهم السبسي مطالب جزء من التونسيين، مبيناً أن رئيس الجمهورية "أضاع فرصة الصمت، وكان بإمكانه مواصلة السكوت كي لا يزيد الأجواء توتراً، مثلما فعل بهذا الخطاب".

وأكّد النائب عن "الجبهة الشعبية"، عمار عمروسية، لـ"العربي الجديد"، أنه على الرغم من الأزمة العميقة التي تعيشها تونس، على المستوى السياسي والاقتصادي والاجتماعي، فإن رئيس الجمهورية لم يعترف بالأزمة الراهنة، وخير الاستعانة بالجيش لحماية المنشآت النفطية، مبيناً أن هذا الحل هو لجوء إلى القوة طبقاً للفصل 80 من الدستور، وإقحام للمؤسسة العسكرية في الحراك الاجتماعي، على الرغم من أنها تحظى باحترام التونسيين، متسائلاً هل سيتم إشهار الدبابات والأسلحة والرشاشات أمام المحتجين.

وبيّن عمروسية أن تلاوة بيان محتجي تطاوين لا يخلو من التهجم على المعتصمين، والاعتداء على طالبي الحقوق المشروعة، معتبرًا أن دعوة الشباب الرافض والمعارضة إلى الانضباط غير مقبول، على الرغم من أن الدستور يحمي التونسيين، ويخول لهم حق التظاهر والاحتجاج.

وأشار النائب إلى انّ هذا الخطاب "استفزازي ومخيف للديمقراطية والحرية، وبداية الانقلاب على الثورة التونسية، خاصة أن دعوة السبسي المعارضة إلى احترام قواعد اللعبة دليل على أن السبسي لا يعترف بالحريات والديمقراطية"، مؤكداً أنه أشهر "سلاح القوة" أمام الجميع.