زيارة الرئيس اللبناني إلى موسكو: اللاجئون والنفط وتهديدات بومبيو

زيارة الرئيس اللبناني إلى موسكو: احتماء بروسيا من الولايات المتحدة

26 مارس 2019
سيحضر ملف تسليح الجيش خلال زيارة عون لموسكو(حسين بيضون)
+ الخط -
تكتسب زيارة الرئيس اللبناني ميشال عون إلى موسكو، التي وصلها أمس الاثنين، والتي تحضر فيها عناوين وملفات عدة، أبرزها قضية اللاجئين السوريين، أهمية مضاعفة، لا سيما أن توقيتها يأتي بعد أيام من زيارة وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو إلى لبنان، والتي أكدت أن الهوة بين لبنان الرسمي والولايات المتحدة الأميركية باتت كبيرة في ظل الإصرار الأميركي على مواجهة إيران و"حزب الله".

ويعول لبنان على دور روسي لإحداث توازن في الموقف الدولي حياله بعد "الإنذار الأميركي" بشأن "حزب الله"، أخذاً بالاعتبار علاقات روسيا مع مختلف الأطراف اللبنانية، فضلاً عن نفوذها المتشعب في المنطقة وعلى الساحة الدولية. تقول مصادر حكومية، في حديث مع "العربي الجديد"، إن عون سيؤكد بوضوح للرئيس الروسي فلاديمير بوتين، خلال اجتماعهما اليوم الثلاثاء، دعم لبنان للخطة الروسية لإعادة اللاجئين السوريين (تصر الدولة اللبنانية على وصفهم بالنازحين) على الرغم من اعتراض المجتمع الدولي والولايات المتحدة عليها، وربطها بالحل السياسي المنشود في سورية. وبحسب المصادر، سيدعو عون إلى تفعيل الخطة الروسية وإلى الحوار مع المجتمع الدولي ومع النظام السوري بشأنها، شارحاً بإسهاب لنظيره الروسي "أعباء" اللجوء على لبنان، اقتصادياً واجتماعياً، و"أنه لم يعد يحتمل، وبالتالي على المجتمع الدولي أن يتحمل مسؤوليته في هذا الصدد، إنْ عبر مساعدة لبنان، أو عبر العمل على إعادتهم إلى بلادهم"، خصوصاً أن الرئاسة تعتبر أن جزءاً كبيراً من الأراضي السورية بات آمناً، على الرغم من أن المجتمع الدولي يعتبر أن اللاجئ هرب بسبب عدة عوامل، من بينها بطش النظام السوري وأن ظروف العودة الآمنة لم تتوفر بعد.

ووفق المصادر نفسها، يحضر أيضاً ملف تسليح الجيش اللبناني، على الرغم من أن وزير الدفاع إلياس أبو صعب لا يرافق عون في زيارته، ما يعني أن لا اتفاقيات ثنائية في هذا الصدد، بل مجرد تناول للملف، خصوصاً أن موسكو وعدت لبنان منذ سنوات طويلة بتسليح الجيش اللبناني، إلا أن هذا الموضوع تعرقل لعدة اعتبارات، من بينها اعتماد الجيش اللبناني على المساعدات العسكرية الأميركية والغربية عموماً، واحتمال استفزاز واشنطن بذلك. أما ثالث الملفات الحاضرة، فهو ملف النفط والغاز بعدما سمع لبنان كلاماً متعلقاً بتفعيل الوساطة الأميركية، برعاية أممية، بين لبنان وإسرائيل لترسيم الحدود البحرية والبرية، وحل النزاع البحري بين لبنان ودولة الاحتلال المعروفة بالبلوك 9. وتقول المصادر إن اللقاء سيتطرق إلى مشاركة الشركات الروسية في العقود الخاصة بالتنقيب عن النفط والغاز في المياه الإقليمية اللبنانية، إلى جانب بعض الدول الأوروبية، مثل فرنسا وإيطاليا. مع العلم أن هذه الملفات الثلاثة كانت حاضرة خلال زيارة وزير الخارجية الأميركي إلى لبنان. صحيح أنه شكلياً، لم تأت زيارة عون إلى روسيا، المقررة منذ فترة، رداً على زيارة بومبيو، لكن لا يمكن اعتبار الزيارة منفصلة كلياً عن جولة وزير الخارجية الأميركي، وما حملته والتداعيات الرئيسية لها، خصوصاً أن وزير الخارجية الأميركي سمع، للمرة الأولى، موقفاً لبنانياً يطالب بسرعة حل ملف اللاجئين وعودتهم، وعدم ربطه بالحل السياسي، فيما الموقف الأميركي على حاله، إضافة إلى الخلاف الجوهري حول دور إيران و"حزب الله" في المنطقة.

ويعول لبنان الرسمي على دور روسيا بوصفها لاعباً رئيسياً في المنطقة حالياً. فقواعدها العسكرية في الساحل السوري تبعد كيلومترات قليلة عن لبنان، وبالقرب من مجاله الجوي. كما ينظر إليها بوصفها المقرر الأول اليوم على الأرض في سورية، خصوصاً أن لها علاقة مع النظام السوري، وتركيا، وإيران، و"حزب الله"، وإسرائيل. وتقول المصادر الحكومية، التي تحدثت مع "العربي الجديد"، إنه لولا الحضور الروسي هذا، لكان لبنان في أزمة أكبر، بعد الموقف الأميركي، خصوصاً أنه يبحث اليوم عن توازن معين، قد يحصل عليه من موسكو، التي تريد ورقة ضغط في ملف اللاجئين. وتضيف المصادر نفسها أن "الولايات المتحدة تدفع لبنان إلى الحضن الروسي، خصوصاً بعد خطاب بومبيو في بيروت، الذي خير اللبنانيين بين المضي قدماً أو أن يسمحوا لطموحات حزب الله وإيران بالهيمنة عليهم، وهو الخطاب الذي لا يستقيم في بيروت، مع إدراك الجميع وحتى الولايات المتحدة، أن أحداً في لبنان لا يمكنه مواجهة حزب الله، وأقصى ما يمكن تحقيقه هو الحفاظ على استقرار البلد، وهي الجملة التي سمعها من رئيس الحكومة سعد الحريري". وتقول المصادر إن "روسيا حققت فعلياً مصالح إسرائيل أكثر من الولايات المتحدة في سورية، خصوصاً أن اللقاءات والحوارات مستمرة والتوافق بين تل أبيب وموسكو كبير، وهو ما أدى مثلاً في العام الماضي إلى إبعاد حزب الله وإيران عن الحدود مع الجولان. كما أن أي انسحاب لحزب الله أو لإيران من سورية، كما تطالب إسرائيل، لا يمكن أن يتحقق إلا عبر الروسي".