لماذا أقيل أوليكسي دانيلوف من مجلس الأمن القومي والدفاع الأوكراني؟

تغييرات قيادة مجلس الأمن القومي والدفاع الأوكراني: لماذا أقيل أوليكسي دانيلوف؟

27 مارس 2024
أوليكسي دانيلوف خلال مؤتمر في كييف الشهر الماضي (Getty)
+ الخط -
اظهر الملخص
- في سلسلة تغييرات قيادية بأوكرانيا، أقال زيلينسكي أوليكسي دانيلوف من منصب أمين مجلس الأمن القومي والدفاع، معينًا ألكسندر ليتفينينكو خلفًا له، في خطوة تعكس إعادة تشكيل كبيرة في القيادة الأوكرانية.
- إقالة دانيلوف، المعروف بمواقفه الصارمة ضد روسيا وتصريحاته المثيرة للجدل، قد تكون مرتبطة بمحاولات إهانة دبلوماسي صيني، في سياق سعي أوكرانيا لجذب الصين لمؤتمر سلام.
- تعيين ليتفينينكو، ذو الخلفية الأمنية القوية، يُنظر إليه كخطوة لتعزيز مجلس الأمن القومي والدفاع الأوكراني، في وقت حرج يتطلب تحضيرات لتعزيز الأمن القومي والدفاع أمام التحديات الداخلية والخارجية.

في إطار التغييرات المستمرة في أوكرانيا التي بدأت مع إقالة قائد الجيش فاليري زالوجني، الشهر الماضي، وقبل نحو شهرين من انتهاء فترة ولايته بمقتضى الدستور، وتعيين خلفه أولكسندر سيرسكي، أعلن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، في مرسوم أمس الثلاثاء، إقالة أوليكسي دانيلوف من منصب أمين مجلس الأمن القومي والدفاع الأوكراني، واختياره، في مرسوم ثانٍ، ألكسندر ليتفينينكو، الذي يرأس جهاز المخابرات الخارجية منذ عام 2021، خلفاً لدانيلوف، في حين تولى نائب رئيس مديرية المخابرات الرئيسية أوليغ إيفاشينكو منصب أمين جهاز المخابرات الخارجية، في مرسوم ثالث.

وربط البعض إقالة دانيلوف، المعروف بتصريحاته "الصقورية" المعادية والكارهة للروس، وبين إهانته الممثل الخاص لجمهورية الصين للشؤون الأوراسية، لي هوي، أخيراً، من خلال تشويه اسم المسؤول الصيني ليحمل معنى بذيئاً.

ويأتي ذلك رغم الجهود المضنية للقيادة في كييف من أجل جذب الصين للاشتراك في مؤتمر للسلام لمناقشة صيغة زيلينسكي، والتي تتواصل الجهود لعقده في سويسرا صيف العام الحالي.

وسبق لدانيلوف وصف أولئك الذين يتحدثون الروسية بـ"الحثالة"، قائلاً إنه ليس لهم مكان في البلاد، رداً على رفض النائب في البرلمان الأوكراني مكسيم بوزانسكي الحديث باللغة الأوكرانية في إحدى القنوات التلفزيونية. وفي مارس/ آذار الحالي، قال عن الروس: "لن نسمح لهم بالعيش في سلام".

تناقضات دانيلوف

وتحمل السيرة الذاتية لدانيلوف تناقضات. فالسياسي المعروف ولد عام 1962 في منطقة لوغانسك (ضمتها روسيا في خريف 2022). وبعد تخرجه من المدرسة، التحق بمدرسة تقنية للطب البيطري، وخدم في الجيش السوفييتي. في الوقت ذاته عمل في عدة مجالات مثل مدرس للتاريخ ومدير أعمال ومحام.

وبدأ دانيلوف حياته المهنية عام 1981 في مصنع لوغانسك للفواكه والمياه المعدنية كمساعد بيطري. بعد ذلك، حصل على وظيفة طبيب بيطري في حديقة للحيوان. وفي أواخر الثمانينيات، بدأ العمل الخاص، فافتتح جمعية تعاونية وعدداً من الشركات الأخرى.

وفي أحد المزادات، اشترى متجر "دونيتسكي زوري" الشهير في لوغانسك بمبلغ 250 ألف دولار، وعندما سُئل من أين حصل على هذه الأموال، قال إنه اكتسبها "بفضل موهبته ومثابرته". لكن وسائل إعلام كشفت عن أنه كان مرتبطاً بالشخصية الإجرامية في تلك الأوقات، فاليري دوبروسلافسكي.

في يوليو/ تموز 1994، انتخب دانيلوف رئيساً لمجلس مدينة لوغانسك، ليصبح أصغر عمدة في تاريخ المدينة. وفي سبتمبر/ أيلول 1997، أُقيل من منصبه مبكراً، فيما كان السبب الرسمي هو الجمع بين المناصب العامة ونشاط ريادة الأعمال، فضلاً عن الاحتيال المالي.

وفي عام 2006، انتخب لعضوية البرلمان الأوكراني عن كتلة رئيسة الحكومة الأوكرانية السابقة يوليا تيموشينكو، والتي تحمل اسمها، وكانت من وجوه الثورة البرتقالية بين 2004 و2005، ضد ما وصف بالفساد الانتخابي عقب الانتخابات الرئاسية حينها. وفي عام 2014، كان أحد مؤسسي المنظمة العامة "عين المجتمع".

عُيّن دانيلوف أميناً لمجلس الأمن القومي والدفاع ورئيس مركز التنسيق الوطني للأمن السيبراني

وعُيّن في يوليو 2019 نائباً لأمين مجلس الأمن القومي والدفاع في أوكرانيا. وفي أكتوبر/ تشرين الأول من العام ذاته شغل منصب أمين مجلس الأمن القومي والدفاع ورئيس مركز التنسيق الوطني للأمن السيبراني.

وقال ميكولا أزاروف، رئيس وزراء أوكرانيا قبل أحداث عام 2014، إن دانيلوف "كان شخصية بغيضة منذ فترة طويلة. هذا رجل فظ وسيئ التعليم، كان في شبابه عضواً في عصابة لوغانسك. كانت أخلاقه بعيدة كل البعد عن التحضر، ولكن في ظل السلطات البرتقالية (نسبة للثورة البرتقالية) بدأ يتقدم بسرعة". وأضاف: "لكنه بدأ أخيراً يتحدث كثيراً ويقول أشياء غير ضرورية. ويبدو أن الصبر قد نفد عندما أهان الدبلوماسي الصيني بوقاحة. لا أعتقد أنهم سيتخلصون منه فحسب، بل سيجدون له استخداماً مفيداً".

والأرجح أن "القطرة التي أفاضت ماء الإناء" كانت تعليق دانيلوف على الهواء على قناة "رادا" التلفزيونية البرلمانية، في 20 من الشهر الحالي، حين سمح لنفسه بوصف مهين بحق الممثل الخاص للصين لي هوي، وانتقاده موقف الصين بشأن الصراع في أوكرانيا.

في المقابل، فإن تصريحات دانيلوف وتقييمه "المتطرف" للأوضاع من دون الأخذ بالحسبان الظروف الدولية وموقف الرئاسة، أفقدت دانيلوف الاتصال مع زيلينسكي منذ فترة طويلة.

دانيلوف ربيب الأوليغارشي البريطاني الأوكراني فيتالي غايدوك

كما ساءت الأمور بينه وبين رئيس مكتب زيلينسكي، أندريه يرماك، على الرغم من أن دانيلوف ربيب الأوليغارشي البريطاني الأوكراني فيتالي غايدوك، الشريك التجاري ليرماك، والرجل الذي وطّد العلاقات مع بريطانيا. والأهم أنه شغل منصب رئيس مجلس الأمن القومي والدفاع الأوكراني في عامي 2006 و2007.

ووفقاً للتقارير المحلية، سيتم الآن تعيين دانيلوف سفيراً لدى النرويج، لينضم إلى سفراء ودبلوماسيين جدد، ربما يزداد عددهم في ظل احتدام الصراع بين النخبة الأوكرانية على خلفية التراجع الواضح في الجبهات، وتباين المواقف بشأن تنظيم انتخابات رئاسية حتى مايو/أيار المقبل.

ألكسندر ليتفينينكو سكرتير مجلس الأمن القومي والدفاع الأوكراني

في المقابل، يتمتع ليتفينينكو، سكرتير مجلس الأمن القومي المعيّن حديثاً، أيضا بسيرة ذاتية مثيرة للاهتمام. فقد ولد في عام 1972، ودرس في موسكو وتخرج من مدرسة "كي غي بي" العليا في الاتحاد السوفييتي سابقاً. وبعد انهيار الاتحاد السوفييتي، حصل على دبلوم من معهد التشفير والاتصالات والمعلوماتية التابع لأكاديمية جهاز الأمن الفيدرالي الروسي، وأصبح متخصصاً في التشفير.

عمل ليتفينينكو أولاً في جهاز الأمن الأوكراني في إدارة الاتصالات الحكومية، ثم في المعهد الوطني للدراسات الاستراتيجية 1998-2007، وعاد لاحقاً إلى جهاز الأمن الأوكراني ليشغل منصب نائب رئيس قسم المعلومات والدعم التحليلي. ودرس أيضاً في الكلية الملكية للدراسات الدفاعية في المملكة المتحدة، وفي عام 2014 عُيّن نائباً لأمين مجلس الأمن القومي والدفاع الأوكراني.

وفي هذا الإطار، فإن تعيين ليتفينينكو ربما يكون في إطار محاولة تعزيز مجلس الأمن القومي والدفاع الأوكراني تحسباً لتاريخ انتهاء فترة ولاية زيلينسكي الرئاسية، في 20 مايو المقبل. ومعلوم أن ليتفينينكو، بصفته رئيس المعهد الأوكراني للدراسات الاستراتيجية داخل مجلس الأمن القومي والدفاع، كان مهندس تحويل المجلس إلى هيئة عقابية للنضال السياسي والاقتصادي ضد غير المرغوب فيهم في أوكرانيا.

أي دور لمجلس الأمن القومي؟

ومع تغيير القيادة، الأرجح أن دور مجلس الأمن القومي والدفاع سيتعزز مرة أخرى، ويتحوّل مجدداً إلى ثقل سياسي، من دون اقتصاره على منصة نقاش، فزيلينسكي يحتاج إلى جيش وحكومة موالية يتم التحكم فيها يدوياً.

ورغم أن وظيفة مجلس الأمن في البلاد هي "التنسيق والرقابة على أنشطة السلطات التنفيذية في مجال الأمن القومي والدفاع عن أوكرانيا"، فإن المهام والصلاحيات الحقيقية لمجلس الأمن نفسه وسكرتيره شخصياً تحددها علاقته بالرئيس الأوكراني وطموحاته السياسية والإدارية الشخصية، والمهمات المنوطة به في مرحلة معينة.

وعلى سبيل المثال، فقد كان ألكسندر تورتشينوف، الذي شغل منصب أمين مجلس الأمن القومي والدفاع في عهد الرئيس الأوكراني السابق بيترو بوروشينكو، "العين السيادية" المسؤولة عن ضمان سير الحرب وتطوير المجمع الصناعي العسكري.

وعمل فيتالي غايدوك وإيفان بليوشش في عهد الرئيس الأسبق فيكتور يوتشينكو على بناء الجسور بين المعسكر السياسي "البرتقالي" ومعارضيه في دونيتسك.