أزمة "نداء تونس" تتفاعل: انتخابات المكتب السياسي مؤجلة

أزمة "نداء تونس" تتفاعل: انتخابات المكتب السياسي مؤجلة

08 مارس 2015
فشل محاولات لتوسيع المكتب السياسي للحزب (فرانس برس)
+ الخط -

تتفاعل الأزمة داخل حزب "نداء تونس" جراء انتخاب المكتب السياسي للحزب، إذ كشفت مصادر مطلعة من الحزب لـ"العربي الجديد" أن انتخاب المكتب الذي كان من المفترض أن ينعقد اليوم الأحد، تأجّل إلى موعد لاحق لم يُحدّد، ما يؤكد حدّة الأزمة التي رافقت تشكيل المكتب السياسي، بعدما كان مفترضاً أن ينتهي الحزب من هذا الأمر منذ أسابيع ويتفرغ لإعداد مؤتمره المقبل في سبتمبر/أيلول المقبل.

والمكتب السياسي هيئة جديدة طالبت بتشكيله قواعد الحركة وقياداتها الوسطى وكتلتها البرلمانية لإنهاء ما سُمي بهيمنة بعض مراكز القرار في الحزب ودوائره الضيقة، ووضع حد للقرارات الفوقية وإضفاء مزيد من دمقرطة القرار داخل الحزب، وأوُكلت إليه مهمة ضبط التوجّهات السياسية الكبرى للحزب ومتابعة أنشطة الهياكل مركزياً ومناطقياً ومحلياً، وإبلاغ وتنفيذ مقررات الحزب وتوجهاته بالإضافة إلى التفاعل مع المستجدات والأحداث الوطنية والدولية ومتابعة لجنة إعداد المؤتمر.

واتفقت مكوّنات الحزب على أن يتشكل المكتب السياسي الجديد من الهيئة التأسيسية (14 عضواً) والكتلة البرلمانية (8 أعضاء) والمكتب التنفيذي (8 أعضاء) ليكون المجموع 30 عضواً، فيما ينتخب المكتب التنفيذي فيما بينه ممثليه وكذلك الكتلة البرلمانية.

وكان يُفترض أن تجري انتخابات ممثلي الكتلة البرلمانية في مقر مجلس النواب اليوم الأحد، فيما ينتخب المكتب التنفيذي ممثليه بأحد فنادق الضاحية الشمالية لتونس العاصمة، ليُضاف إليهم أعضاء الهيئة التأسيسية الـ14، غير أن معلومات وصلت "العربي الجديد" أكدت أن قيادات الحزب كانت تفكر في الأيام القليلة الماضية في توسيع الهيئة التأسيسية وإضافة اسم يُعتبر من المؤسسين الفعليين للحزب (غير الموقّعين على ورقة التأسيس)، وهو مالك قناة "نسمة" الفضائية الخاصة نبيل القروي، غير أنه ووجه ببعض المعارضة التي طالبت بإضافة اسمين آخرين هما الإعلامي الطاهر بن حسين ورجل الأعمال النافذ فوزي اللومي.

وكان الاتجاه يذهب نحو توسيع المكتب السياسي إلى 45 عضواً بدل 30، وتعيين ممثلي المكتب التنفيذي بالتوافق بدل الانتخاب، ولكن هذه المحاولات كلّها باءت إلى حد الآن بالفشل، خصوصاً أن عدد المرشحين على الكتلة البرلمانية والمكتب التنفيذي بلغ 58 مرشحاً لـ14 مقعداً فقط، ما يعكس احتدام المنافسة وصعوبة التنازل والتوافق بين المرشحين الذين يُعتبرون من أهم كوادر الحزب وقياداته.

اقرأ أيضاً: هل يغادر الغنوشي رئاسة "النهضة"؟

وتُعتبر انتخابات المكتب السياسي بمثابة "المؤتمر الصغير" أو بروفة المؤتمر المقبل، ورافقتها احتجاجات صدرت عن تنسيقيات مناطقية للحزب من خلال بيان مشترك عبّر عن رفض هذه التنسيقيات للطريقة التي سيتمّ بها انتخاب المكتب السياسي للحزب لأن "الظرف ليس مناسباً لمثل هذا الإجراء"، مطالبة بضرورة تمثيل التنسيقيات في المكتب السياسي.

ورأى المحتجّون في بيانهم "أن المؤتمر الوطني الديمقراطي للحزب هو الحل الأمثل"، منبّهين إلى خطورة المرحلة التي يمرّ بها الحزب ومن تداعيات إقصائهم أو تهميشهم، ومؤكدين أن هذا التوجّه متسرع ولا يتلاءم مع الظروف الحالية للحزب، متمسكين بإنجاز المؤتمر في مدة أقصاها بداية الصيف المقبل، على أن يسبقه مؤتمر غير انتخابي تنبثق عنه لجان لإعداد المؤتمر.

وعلمت "العربي الجديد" أن تأجيل انتخاب المكتب السياسي أدى إلى استقالة النائبين وليد جلاد ومصطفى بن أحمد من الكتلة البرلمانية لـ"نداء تونس" أمس السبت.

بن أحمد، أحد أبرز قياديّي الحزب المعروفين بجديتهم، أكد لـ"العربي الجديد" أنه استقال من الكتلة كرد فعل على ما وصل إليه "النداء" من وضع تحدده الأهواء الشخصية مما أدى إلى حالة من الشلل شبه التام في الحزب، مضيفاً أن إعلامه بقرار تأجيل انتخاب المكتب السياسي وصله عبر رسالة قصيرة من دون أي تفسير، موضحاً أن الإعلان عن الاستقالة سيتبعه غداً الإثنين موقف سياسي متكامل، فلم يعد ممكناً أن يواصل المشاركة في ظل هذه التصرفات، وهي استقالة من هذا المسار الذي وصل إليه الحزب، وليست تنصّلاً من المسؤولية"، وفق تعبيره.

من جهته، قال النائب عن "نداء تونس" محمد الطرودي لـ"العربي الجديد"، إن "ما يحدث داخل النداء هو أن أطرافاً تريد انتخابات على المقاس"، موضحاً أن "المعركة داخل الحزب ليست معركة على البرامج أو الرؤى أو طريقة إدارة الحكم وإنما هي معركة مواقع تسيّرها أطراف من خارج النداء، أي من لوبيات مصالح، وأطراف سياسية تريد اختراق الحزب".

وأضاف الطرودي أن "أطرافاً لم تُمثَّل في التشكيلة الحكومية ولديها مصالح خاصة، تُصفّي اليوم حساباتها باسم نداء تونس من دون أن تكون من ضمن مكونات الحزب".

كذلك كشف قيادي بارز في الحزب لـ"العربي الجديد"، رفض الإفصاح عن اسمه، أن التأجيل أدى كذلك إلى حالة من الغضب والاحتقان في صفوف بعض أعضاء الحزب الذين "ملّوا من الحسابات الضيقة التي تدور في الأروقة الخلفية للحزب".

وأكد أن حقيقة الصراع حول المكتب السياسي تعكس في الواقع صراعاً حول الخلافة داخل الحزب، بين جناحي حافظ قائد السبسي، نجل الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي، وبين رضا بلحاج المدير التنفيذي السابق للحزب ومدير الديوان الرئاسي الحالي.

وقال القيادي إن المكتب السياسي الجديد يُفترض أن ينظر في أولى اجتماعاته في إعادة هيكلة الحزب بعد خروج عدد من قواعده إلى مسؤوليات حكومية كبرى، بما فيها النظر في انتخاب أمين عام جديد بدل الطيب البكوش وزير الخارجية الحالي.

وأكدت مصادر متقاطعة لـ"العربي الجديد" أن الموضوع سيحسم بالتصويت إذا لم يتم حسم الأمر بالتوافق، ما يعني أهمية كل صوت يمكن أن يدخل إلى المكتب السياسي حالياً، ما يبرر هذه التجاذبات الكبيرة حول انتخابات اليوم التي تأجلت للمرة الثالثة على التوالي.

وكشفت المصادر أن أحد أبرز المرشحين لخلافة البكوش هو محسن مرزوق، المستشار الحالي للباجي قائد السبسي ومدير حملته الانتخابية الرئاسية، وهو مستعد للتخلي عن موقعه في القصر الرئاسي للتفرغ للحزب وفق المصادر التي تؤكد أنه "الأنفع" للحزب في هذه المرحلة و"الأقدر" على السيطرة على الخلافات والتجاذبات التي تكاد تعصف بالحزب.

المساهمون