النزوح لا يتوقف في العراق.... وإقليم كردستان المقصد الأول

النزوح لا يتوقف في العراق.... وإقليم كردستان مقصد النازحين الأول

24 يوليو 2019
يبحثون عن الأمن المفقود في بلداتهم ومدنهم(كريم صاحب/فرانس برس)
+ الخط -


على الرغم من طي صفحة المعارك في العراق بالكامل، إلا أن ثمة موجة نزوح مستمرة في العراق، لا تشمل سكان المدن الشمالية والغربية والوسطى من بلاد الرافدين وحدها بل حتى من جنوب العراق، يقصدون بغداد ومحافظات إقليم كردستان العراق، لأسباب كثيرة.

ووفقا لمسؤولين في أربيل، عاصمة إقليم كردستان العراق، الذي يتمتع بحكم شبه مستقل عن بغداد، والتي تعتبر الأفضل لجهة الخدمات والمستوى المعيشي والأمني بين بقية مدن العراق، فإن ما لا يقل عن 50 ألف عراقي نزحوا للإقليم منذ مطلع العام الجاري، عدا أولئك الذين
 انتقلوا شمالاً منذ سنوات ويرفضون العودة إلى مدنهم بعد فرارهم منها.

وأكد مسؤول في حكومة الإقليم المشكلة حديثا لـ"العربي الجديد"، أن "النازحين من أسر صغيرة أو عائلات كاملة قدموا من مناطق منكوبة عبر هجرة عكسية من مدنهم بسبب عدم توفر الخدمات أو لانعدام الحياة المدنية وانتشار السلاح وتعدد جهات الأمن والفوضى وعمليات الخطف والابتزاز".

واعتبر أن لعائلات جنوب العراق أسبابها بإعادة الانتقال نحو كردستان العراق أو العاصمة، منها البحث عن حياة أكثر راحة أو فرص عمل أو لوجود منغصات خاصة تتعلق بها، لافتا إلى أن الإقليم يرحب بهم سواء كانت إقامتهم مؤقتة أو دائمة، ونشعر أن وجودهم يساهم في نجاح أربيل والمجتمع في الإقليم عموماً.

وبحسب المسؤول ذاته فإن قرابة ربع مليون نازح موجودين الآن في الإقليم هم من سكان بلدات ومناطق محررة، ولكن إما تسيطر عليها المليشيات وترفض الانسحاب منها، أو لأنها ملغمة بالمتفجرات ومخلفات "داعش".

وقال أحمد السورجي عضو لجنة الإغاثة في الإقليم لـ"العربي الجديد"، بأن نسبة من القادمين يكونون بحاجة للمساعدات، وأغلبهم يحتاجون إلى مأوى، لكن لا مأوى لدينا حالياً إلا المخيمات، بعد نفاد البيوت الجاهزة". وتابع "غير ذلك نقدم مساعدات مختلفة لهم، ونجتهد في مواصلة المهمة حتى نهاية العاصفة بالعراق وسورية".

أحمد سعود الشمري (48 عاماً) أوضح لـ"العربي الجديد"، أنه غادر الإقليم قبل تسعة أشهر لكنه قرر العودة إليه مرة أخرى. وأضاف "عدت إلى مدينتي، البعاج غرب الموصل، ولم أجد سوى المسلحين من عناصر المليشيات، ولا خدمات، ولا أمن، ولا احترام للمواطن، ولا فرص عمل، والمدينة خراب. خفت على أسرتي وقررت العودة للإقليم"، مبينا أن منزله كانت قيمته قبل اجتياح "داعش" أكثر من 250 مليون دينار (نحو 200 ألف دولار)، لكن الآن بعد أن قررت بيعه لأستقر في الإقليم لم يدفع لي أكثر من ربع قيمته".

وأضاف "ما دفعني للنزوح مرة أخرى هو ما دفع آخرين، الأمن بالدرجة الأولى ثم الخدمات، فمدننا يسيطر عليها قادة مليشيات وليس القانون أو الدستور".

وأكد حسن الجابري (65 عاماً) أنه ترك مدينة الحلة وهي العاصمة المحلية لمحافظة بابل، نحو أربيل، بحثا عن الهدوء. وأضاف "أحلت للتقاعد وأستحق أن أعيش بضع سنوات براحة دون أن أفكر بالماء والكهرباء والأمن، أو كيف أعيش مشكلة ازدحام الشوارع والأوضاع الصعبة"، لافتاً إلى أنه سيقنع أولاده وزوجاتهم بأن يلحقوا به أيضا.

الناشط وعضو التيار المدني العراقي، علي المالكي، أوضح أن النزوح إلى بغداد هو الآخر مستمر وشبه يومي، ليس من المدن المنكوبة فقط بل من الجنوب أيضا. وأشار إلى أن "الناس تبحث عن الأمن والقانون والخدمات، وبغداد بالتأكيد أفضل قياسا بالجنوب أو مدن الشمال والغرب".

ورأى أن "عمليات النزوح تلك لا يمكن أن تعتبر طوعية، فكما يجبر الإرهاب الناس على النزوح، فالخدمات وانعدام الأمن والفوضى هو إرهاب من نوع آخر، كما تتحمل الحكومة مسؤولية الانفجار السكاني في بغداد".

وأوضح أن "نسبة 60 في المائة من المتوجهين إلى إقليم كردستان العراق تقريباً هم من أصحاب الأموال الذين يحركون السوق هناك، لذا يلقون الترحيب، فضلاً عن كون الإقليم لديه وفرة في السكن ومستعد لاستقبال آلاف النازحين شهرياً".

المساهمون