الجيش الدنماركي "يغازل" النساء والمسلمين لدعم التجنيد

الجيش الدنماركي "يغازل" النساء والمسلمين لدعم التجنيد

01 ابريل 2024
يشكك المجتمع الدنماركي في قدرات جيشه الصغير (مادس كلوز راسموسن/فرانس برس)
+ الخط -
اظهر الملخص
- في ظل التحديات الأمنية، تعيد الدنمارك النظر في استراتيجيات التجنيد بالجيش، مع التركيز على تجنيد الإناث وتحسين الظروف لجذبهن، بما في ذلك الاعتبارات الخاصة بالدورة الشهرية والأمومة.
- تسعى وزارة الدفاع لتشجيع مشاركة الأقليات وتبني سياسة غير تمييزية، بتقديم معدات وزي يلائم النساء والنظر في توفير غطاء رأس للمجندات المسلمات وغرف للصلاة، رغم معارضة بعض الأحزاب اليمينية.
- الاستراتيجية الجديدة تهدف إلى توسيع نطاق التجنيد وتعزيز القدرات العسكرية لمواجهة التحديات الأمنية، مع توفير مواد نظافة شخصية مجانية وإنشاء غرف صلاة، وتأمل في جذب المزيد من النساء والأقليات.

من بين التغييرات التي فرضتها الحرب في أوكرانيا على المجتمع الدنماركي تزايد شكوكه في قدرات جيشه الصغير، وفعّالية مواجهة الأزمات من خلال اعتماد نظام تجنيد بالقرعة.
وفيما تطرح أفكار كثيرة لتخطي مشكلة تراجع عدد المنتسبين إلى الجيش، دخل المجتمع الدنماركي في سجال حول اقتراح فرض التجنيد الإلزامي للإناث، ما دفع وزارة الدفاع إلى عرض حوافز لتشجع النساء على قبول حمل السلاح للدفاع عن أراضي المملكة، كما تسوّق في دعايتها.
ومن بين هذه الحوافز جعل الزي العسكري جذاباً، وأخذ مسألة الدورة الشهرية عند المجندات في الاعتبار، ما أثار استغراب بعض الأحزاب وممثليها في البرلمان وحكومة ائتلاف يمين ويسار الوسط التي تؤكد الحاجة الماسة إلى عناصر بشرية في صفوف المؤسسة العسكرية، ما يدفعها إلى طرح أفكار عدة تخص النساء بينها تكييف ظروف العمل في الجيش مع متطلبات الأمومة، ومنح إجازات للحوامل والأمومة بعد الولادة. 
وعرضت وزارة الدفاع ما سمته "مبادئ توجيهية" تهدف إلى ضمان حق العسكريين من الجنسين في الحصول على إجازات أمومة وأبوة من دون عواقب على الراتب والتطوير الوظيفي. وترتبط مسألة جذب النساء إلى الجيش الدنماركي بواقع أنهن يشكلن نسبة 18 في المائة من إجمالي 22 ألف موظف ومنتسب إلى وزارة الدفاع. وفي قطاع التجنيد العسكري لا تتجاوز نسبتهن 9 في المائة.
وفي موضوع رفع عدد عناصر الجيش، لا يهتم مسؤولو وزارة الدفاع بجذب النساء من أصول دنماركية فقط، بل أولئك من أقليات الأصول المهاجرة. وهم طرحوا أفكاراً تتعلق باتخاذ إجراءات تجعل الزي الرسمي العسكري ملائماً لنساء الأقليات من أصول مهاجرة. 
ويندرج ذلك ضمن إجراءات تبني السلطات سياسة غير تمييزية في حق النساء عموماً، في حين تقول وزارة الدفاع إنه "تبنٍ لزي رسمي ومعدات أكثر ملاءمة للنساء، ما يجعلها لا تستبعد إيجاد حلول لمسألة غطاء رأس المجندات المسلمات مع تزايد النقاشات حول انفتاح الجيش على المسلمين، في ما يشبه "مغازلتهم" للالتحاق بصفوفه، رغم أن هذا الأمر يثير غضب أطراف يمينية قومية محافظة، مثل "حزب الشعب الدنماركي" و "البرجوازية الجديدة" وحزب "ديمقراطيو الدنمارك".
وفيما يرفض اليمين المتشدد مجرد طرح الجيش الدنماركي مسألة الاستعانة بمسلمي البلد الذين يقدّر عددهم بنحو 400 ألف من أصل 5.9 ملايين مواطن، زاد السجال إعلان وزارة الدفاع أنه يفكر في تخصيص غرف للصلاة والعبادة لجذب المسلمين والمسلمات إلى صفوفه. أيضاً تتضمن الاستراتيجية الجديدة لوزارة الدفاع الخاصة بجذب النساء والمسلمين للجيش نظرة مستقبلية تستهدف إعداد ضباط "يتفهمون مسائل نسوية مثل الأمومة والحيض، وتراعي الاعتبارات الدينية مثل أوقات الصلاة والطعام".

الصورة
مبنى وزارة الدفاع في كوبنهاغن (العربي الجديد)
مبنى وزارة الدفاع في كوبنهاغن (العربي الجديد)

وأعلن مجلس موظفي وزارة الدفاع أنه يدعم مبادرات رفع عدد أفراد الجيش، وقال في بيان إنه "سيبحث إمكانية توفير مواد نظافة شخصية مجانية، وإنشاء غرف صلاة في الثكنات"، على سبيل المثال. وأكد وجود فرص كبيرة لتجنيد النساء وأفراد من الأقليات العرقية، والتي "لا نستغلها في شكل كافٍ".
ويرى قادة في الجيش أن المجتمع يضم أشخاصاً ينتمون إلى أقليات ويتمتعون بمهارات عالية، لكنهم لا يتجندون في شكلٍ كافٍ في صفوف الجيش، ويؤكدون أنهم سينفذون برامج تعليم في القوات المسلحة، ويوفرون خدمات طوارئ للنساء والأقليات العرقية كي يتعزز تمثيلهم في صفوف المؤسسة العسكرية، والذي لا يتجاوز 4 في المائة حالياً.
ورغم أن حزب "الشعب الدنماركي" المتشدد يرى أنه من الجيد أن يأخذ الجيش مسألة الدورة الشهرية لدى النساء والأمومة في الاعتبار، لكنه يعارض بالكامل فكرة جذب المواطنين من أصول مهاجرة، خاصة المسلمين، إلى صفوفه، ويعتبره "مجرد هراء يندرج في سياق التصحيح السياسي الذي يتبناه اليسار".
ويشدد الحزب على أن اقتراحات تخصيص غرف صلاة في الثكنات "يورّط الجيش في جهود التصحيح والتصويب السياسي، وأيضاً وزارة الدفاع في مسائل دينية".
ويقول مقرر الشؤون الدفاعية في "حزب الشعب"، أليكس أهرندسن: "ما يطرحه الجيش للتنويع يثير غضبي"، لكن بعض أحزاب يسار الوسط تؤيد التوجه نحو النساء والأقليات. ووصف المتحدث باسم الدفاع في حزب "راديكال فينسترا" كريستيان فريس باك خطة وزارة الدفاع بأنها "جيدة وشجاعة"، وبينها إنشاء غرف للصلاة. 

ويأمل وزير الدفاع ترولس لوند بولسن الذي ينتمي إلى يمين الوسط، في أن تساهم الاستراتيجية الجديدة في جذب مزيد من النساء والأقليات إلى القوات المسلحة، لكنه لا ينفي الطابع السياسي للنقاشات الخاصة بغرف الصلاة والحجاب.
ويؤكد مسؤولون منذ أشهر حاجة الجيش إلى مزيد من الأيدي، ويطالبون بتوسيع نطاق التجنيد الإجباري ليشمل الإناث، من أجل تعزيز القدرات في مواجهة الأزمات التي تعيشها أوروبا مع روسيا تحديداً. 
ويخدم الشاب الدنماركي 4 أشهر في الجيش في المتوسط، ويتقاضى راتباً شهرياً يتجاوز ألفي يورو، ويتمتع بميزات تتعلق بمستقبل دراسته. ويرى من يؤيدون التفاوض على قانون تجنيد جديد أن مدة الخدمة العسكرية في البلد قصيرة جداً مقارنة بدولتي السويد والنرويج المجاورتين، حيث يستمر التجنيد بين 6 أشهر و16 شهراً.
ومن الاقتراحات التي سبق تقديمها إلى البرلمان من أجل جذب مزيد من المجندين، إدخال زيادات على رواتبهم، وربط خدمتهم بمواصلة التعليم. كما طالبت أحزاب يسار الوسط بصرف مليارات لتحسين قاعدة التجنيد، من خلال التركيز على الصحة العقلية والنفسية للأجيال الدنماركية الجديدة. وجاء ذلك بعدما رسب أكثر من نصف الذين امتحنوا للخدمة العسكرية.

المساهمون