حملات رمضان في العراق... دليل تعافٍ اجتماعي

حملات رمضان في العراق... دليل تعافٍ اجتماعي

01 ابريل 2024
يتميز شهر رمضان بالتكافل في العراق (أحمد الربيعي/فرانس برس)
+ الخط -
اظهر الملخص
- خلال شهر رمضان في العراق، تبرز حملات التبرع والمساعدة للفقراء بمشاركة فرق تطوعية، منظمات المجتمع المدني، وأصحاب أموال، مع دعم إعلامي يعزز التكافل الاجتماعي.
- تتضاعف الجهود مع اقتراب عيد الفطر، حيث تقدم المساعدات من طعام، ملابس، ومبالغ مالية، في ظل وضع اقتصادي صعب وارتفاع معدلات الفقر، مما يسلط الضوء على أهمية الدعم المتبادل.
- الحكومة العراقية تواجه تحديات في مكافحة الفقر، مع نسبة فقر تصل إلى 25%، وتُعتبر الإجراءات الحكومية لدعم الشرائح الهشة غير كافية، مما يستدعي تطوير استراتيجيات فعالة لتحسين الظروف المعيشية.

تتواصل حملات التبرعات ومساعدة الفقراء في العراق من خلال فرق تطوعية ومنظمات للمجتمع المدني وأحياناً تجار وأصحاب أموال، ما يجعل شهر رمضان يتميز بالتكافل العلني في ظل أجواء الصيام. ويساند صحافيون وإعلاميون هذه الحملات، ويروّجون لها في منصات ومواقع التواصل الاجتماعي.
وتضم الحملات التطوعية لمساعدة وإغاثة الفقراء خلال شهر رمضان أشخاصاً من الجنسين ينظمون أنفسهم عبر ارتداء ملابس موحدة، ويستخدمون أساليب مختلفة لجمع تبرعات عبر فرق جوّالة ومنشورات على مواقع التواصل الاجتماعي أو زيارات لرجال أعمال وأصحاب فنادق ومطاعم ووكالات تجارية من أجل التنسيق معهم في شأن برامج المساعدات، ومطالبتهم بالمساهمة فيها. وتلقى هذه المبادرات تجاوباً كبيراً يُساهم في إنجاحها.
ويقول حسن نادر، وهو متطوع في منظمة "عطاء" الخيرية بالعاصمة بغداد لـ"العربي الجديد": "لا تخضع حملات التطوع لتنظيم محدد، إذ تطلق عادة بأفكار أشخاص ثم تتوسّع، علماً أن منظمات تجمع تبرعات طوال أشهر السنة لتنفذ برامج لإغاثة فقراء في شهر رمضان".
يضيف: "أبواب المساهمة في التبرعات والتكافل مفتوحة خلال شهر رمضان، وتأخذ الفرق التطوعية عادة كل ما يتوفر من تبرعات قد لا تقتصر على الغذاء والمال، بل تشمل أيضاً أجهزة منزلية وغيرها". ويشير إلى أنّ "حملات التطوع تترافق عادة مع تغطية صحافية وإعلامية تتركز في منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي بهدف الوصول إلى أكبر عدد من المساهمين، وترويج نشاطات الحملات. ويشارك سياسيون ومسؤولون بالتبرع، لكن بعضهم يطلبون ذكر أسمائهم وعناوينهم خلال الحملات، وهو ما لا نقبله".

تكثر الحملات التطوعية لمساعدة المحتاجين مع اقتراب عيد الفطر

وتكثر عادة الحملات التطوعية لمساعدة المحتاجين والفقراء مع اقتراب عيد الفطر، وتشمل تقديم أطعمة ومفروشات وملابس للأطفال إضافة إلى مبالغ مالية، وأحياناً يجري اصطحاب أطفال وكبار في السن ينتمون إلى عائلات فقيرة إلى حلاقين ومحلات لشراء ملابس لهم، ثم إعادتهم إلى منازلهم. ويعني ذلك أن أشكال التكافل كثيرة، ولا يمكن حصر حملات المتطوعين في أمثلة محددة.
من جهتها، تقول مروة عبد المنعم، وهي عضو في فريق تطوعي خيري بمحافظة بابل، لـ"العربي الجديد": "نسبة الفقراء في العراق مرتفعة بسبب الوضع الاقتصادي المتردي وارتفاع معدلات التضخم وانخفاض قيمة الدينار. وبات موظفون مسؤولون عن عائلاتهم ضمن هذه الشريحة باعتبار أن رواتب بعضهم لا تتجاوز 200 دولار التي لا تكفي لتسديد مصاريف أسبوع واحد".
تتابع: "لم تتوقف الحملات التطوعية لإغاثة الفقراء خلال شهر رمضان طوال السنوات الماضية حين مرّت البلاد بأزمات اقتصادية وسياسية تسببت في مشكلات أمنية. وهي لا ترتبط بالشهر الفضيل وحده، بل تستمر طوال العام. وهناك حاجة دائمة للحملات التطوعية لأنها تزيد الوعي بقضايا حقوق الإنسان، وتساعد كثيرين".

الصورة
نسبة الفقراء في العراق مرتفعة (أحمد الربيعي/ فرانس برس)
نسبة الفقراء في العراق مرتفعة (أحمد الربيعي/فرانس برس)

بدوره يتحدث عضو تجمع "وصال" لحقوق الإنسان، وهي منظمة مجتمع مدني مسجلة رسمياً لدى الحكومة العراقية، محمد كمر، لـ"العربي الجديد"، عن أن "الدستور العراقي يؤكد واجب دعم المؤسسات الحكومية منظمات المجتمع المدني والفرق التطوعية من خلال تخصيص نسب من إيراداتها المالية لها، لكن المؤسسات الحكومية لا تلتزم بهذا النص، ما يدفع الفرق والمنظمات إلى إعلان حملات التبرع". 
ويؤكد أن "الفقراء يزدادون في العراق، في حين تطبّق الحكومة إجراءات ضعيفة، فهي تمنح مرتبات ضئيلة جداً للرعاية الاجتماعية، والتي لا تكفي لتوفير أي شيء للفقراء الذين ينقصهم كل شيء، لا سيما الدواء والعلاجات التي تكلفهم أموالاً كثيرة. وعموماً يعتبر التكافل سمة أساسية بين العراقيين، وتدل الحملات الكثيرة على أن المجتمع تعافى من المشكلات والخلافات التي لم تؤثر فيه كثيراً".
والعام الماضي، أقرّت الحكومة بارتفاع نسبة الفقر إلى 25 في المائة من إجمالي عدد السكان، وهي أعلى نسبة تتبناها وسط شكوك في أن النسبة المعلنة أقلّ من الواقع، خاصة في المدن المنكوبة بالحروب والمعارك شمالي البلاد وغربيها من أجل طرد مسلحي تنظيم "داعش".

واتخذت الحكومة مجموعة إجراءات لدعم الشرائح الهشّة والفقراء وبينها رفع رواتب المشمولين بالرعاية الاجتماعية، وزيادة سعة شمول الأسر الفقيرة، وتحسين البطاقة التموينية وتنظيم توزيعها بشكل شهري، وضم مواد غذائية جديدة لها. لكن خبراء يقولون إن "إقدام خطوات الحكومة غير علمية أو مدروسة في شكل كافٍ، في حين يتوقع أن تعيد تشغيل المعامل والقطاعات القادرة على سحب أكبر عدد من اليد العاملة العاطلة، والتي تصل إلى 50 في المائة في بعض المدن".
وتقاس نسبة الفقر في العراق بحسب معدل الدخل اليومي للعائلة، وتبلغ ما يعادل 8 دولارات بالحد الأدنى يومياً، في حين تشير إحصاءات برنامج الغذاء العالمي إلى أن 2.4 مليون ألف عراقي في حاجة ماسة إلى غذاء. لكن خبراء يؤكدون حاجة العراق إلى مسح اقتصادي يحدد بقع أو مناطق الفقر الأكثر حرجاً، ويرون أن التقديرات الحكومية "تفتقر إلى الدقة والعلمية، في حين يجب أن تستند إلى مسوحات ميدانية ومحددات مسبقة"، ويرجحون بالتالي أن "نسب الفقر أعلى مما تعلنه الحكومة".
وكان برلمانيون عراقيون تحدثوا عن أن نحو نصف سكان محافظة القادسية (جنوب) يعيشون تحت مستوى خط الفقر، بعدما كانت المحافظة من بين أغنى المحافظات بسبب إنتاجاتها الزراعية والصناعية.

المساهمون