رفع الدعم يزيد أعداد المتعثرين في البنوك الكويتية

رفع الدعم يزيد أعداد المتعثرين في البنوك الكويتية

04 مايو 2017
تداعيات رفع الدعم طاولت البنوك (جوسون لاركن/Getty)
+ الخط -
كشفت دراسة حديثة، حصلت "العربي الجديد" على نسخه منها، عن زيادة أعداد المتعثرين عن سداد القروض لدى البنوك الكويتية من مواطنين ومقيمين بعد نحو عام من تطبيق بند رفع الدعم الوارد بوثيقة الإصلاح الاقتصادي الحكومية.
وتظهر الدراسة، التي أعدها مكتب "كي بي أم جي" الاستشاري المعتمد لدى الحكومة الكويتية، أن رفع الدعم عن البنزين والكهرباء والماء ورسوم الخدمات، حسب وثيقة الإصلاح الحكومية، تسبب بالتبعية في ضعف دخل الفرد محلياً، ما أدى إلى ارتفاع أعداد المقترضين من البنوك سواء لتلبية احتياجاتهم اليومية عن طريق البطاقات الائتمانية أو تغطية متطلباتهم السنوية من خلال القروض البنكية.
وتوضح الدراسة أنه مع تزايد وتيرة ارتفاعات الأسعار في شتى مناحي القطاعات داخل البلاد سواء كانت تعليمية أو صحية أو استهلاكية، لم يستطع المواطن والمقيم أن يجاري تلك الزيادة لمحدودية دخلة (راتب الشهري) وثباته منذ سنوات ما أدى بطبيعة الحال إلى تعثره ماليا لعدم قدرته على تغطية احتياجاته وديونه البنكية في نفس الوقت، وبالتالي زادت أعداد المتعثرين دون أن تحدّد الدراسة أعدادهم.
ووافقت الحكومة الكويتية في منتصف مارس/آذار 2016 على وثيقة الإجراءات الداعمة لمسار الإصلاح المالي والاقتصادي التي أعدتها لجنة الشؤون الاقتصادية بمجلس الوزراء، التي تضمنت ستة محاور للإصلاح المالي والاقتصادي اشتملت على 41 برنامجا قصيرا ومتوسط الأجل، ومن أهم محاورها ترشيد دعم الطاقة.
وتعاني الكويت من كثرة الديون الشخصية تحت بند القروض الاستهلاكية التي يسحبها المواطن، إذ يدين ثمانية مواطنين من عشرة في الكويت بقروض للمصارف، حسب بيانات رسمية من الإدارة المركزية للإحصاء، فكثير من المواطنين والوافدين يلجؤون لسحب قروض استهلاكية لتغطية احتياجاتهم ومتطلباتهم، وتعمد البنوك لتسهيل شروط الائتمان للمواطنين والوافدين بشكل كبير جراء الفائدة التي تحصل عليها أكثر من القروض التقليدية.
وقرابة 80% من المواطنين مدينون للمصارف بقروض مختلفة تتعلق بتغطية الأقساط التعليمية أو شراء سيارة وأثاث وشراء منزل وتأثيثه، فيتآكل بحسب تقارير رسمية، أكثر من نصف الراتب بسبب الأقساط والفوائد المترتبة على تلك القروض، ما يحمّل المواطن مسؤولية كبيرة في حال التخلف عن السداد.
وفي هذا السياق، يقول الخبير المصرفي جاسم زينل لـ "العربي الجديد" إن وتيرة القروض الاستهلاكية ارتفعت خلال الآونة الأخيرة بسبب تزايد متطلبات الحياة اليومية بعد ارتفاع الأسعار، ما يؤدى إلى عجز المواطن بعد فترة عن السداد بعد تراكم الأقساط وفوائد القروض.
ويضيف زينل أنه بعد تزايد المتطلبات وعدم قدرة المواطن على السداد يلجأ لسحب قرض جديد من بنك آخر على أمل أن يسهم هذا في حل أزمته المالية التي وقع فيها، ولكن هذا التصرف يعمّق من مشاكله ويقلّل من جدارته المالية بسبب كثرة التزاماته، حتى يصبح عاجزًا عن السداد وينتظر مكرمة أميرية أو منحة تشطب عنه كل تلك الديون أو ينتظر قرار من المحكمة بإيقافه.
وصدر في نهاية العام الماضي 53 ألف أمر منع سفر لمدينين للبنوك، فيما صدر أكثر من 26 ألف طلب إحضار، وفق آخر إحصائيات إدارة تنفيذ الأحكام. وتبين إحصائيات التوزيع الجغرافي للمدينين المطلوبين للضبط والإحضار أن عدد المطلوبين الكويتيين أكثر من عدد غير الكويتيين، إذ تتركز طلبات الإحضار في المحافظات ذات الكثافة السكانية الكويتية كالأحمدي ومبارك الكبير والجهراء.
واعتمدت البنوك المحلية مؤخرا سياسة جديدة في ملاحقة العملاء الذين تعثروا عن سداد التزاماتهم، حيث تعاقدت مع مكاتب محاماة متخصصة في ملاحقة المتعثرين ماليا، بهدف تكثيف نظم الملاحقة وتحصيل الأموال بشكل سريع سواء كان نقدا أو عن طريق تسييل الضمانات.
وحسب تقرير حديث صادر عن بيت التمويل الكويتي (بيتك) فإن النمو السنوي للائتمان الممنوح من قبل القطاع المصرفي الكويتي ارتفع مسجلا 3.3% في فبراير/شباط 2017، وهو أدنى نمو سنوي لذات الشهر خلال 5 سنوات من 2012 إلى 2017.
وتؤكد دراسة مكتب "كي بي ام جي" على ضرورة عدم تحميل المواطنين فاتورة العجز المالي للدولة، موضحة أن الصفقات الحكومية النيابية انعكست بالسلب على المواطنين خاصة فيما يتعلق بدعم البنزين واتفاق السلطتين على دعم المواطن 75 ليتر بنزين الذي لاقى اعتراضا شعبيا واسع النطاق أدى بالنهاية إلى تعليقه حتى إشعار آخر.
وحذرت الدراسة من أن أي زيادة للأعباء المالية للعاملين بالدولة بالقطاعين العام والخاص على مختلف مشاربهم سترفع معدلات التضخم بشكل كبير نتيجة القفزة المتوقعة في أسعار السلع الاستهلاكية والتي سيصعب السيطرة عليها رغم التطمينات الحكومية بتشديد الرقابة على الأسعار، موضحة أن تكاليف النقل (توصيل السلع وتوصيل الموظفين) قفزت بواقع 3% منذ زيادة البنزين، كما ارتفعت السلع الاستهلاكية في الجمعيات والأسواق المركزية، والمطاعم ومحلات ومتاجر الملابس، والأثاث، كما ارتفعت كلفة العمالة.
ويرى رئيس مجلس إدارة شركة الشال للاستشارات الاقتصادية جاسم السعدون، أن زيادات أسعار بعض السلع والخدمات ستؤثر على دخول المواطنين والمقيمين، حيث ستعتبر نسب الزيادة بمثابة استقطاع عام من دخولهم.
ويضيف السعدون خلال حديثه لـ "العربي الجديد" أن الزيادات ستؤثر بالطبع على القوة الشرائية للمتعاملين، كما سيدفع أصحاب الدخول المتوسطة لتوجيه مصروفاتهم نحو الأهم فالمهم (تعليم - صحة - غذاء - وغيرها)، مع الابتعاد عن السلع ذات طابع الرفاهية في ظل ارتفاع التضخم.
واعترف نائب رئيس مجلس الوزراء وزير المالية أنس الصالح بأن التضخم سيبلغ 3.5 % في 2017 ويتوقع ارتفاعه إلى 4% في 2018. وحسب محللين، يعني ذلك أن التضخم يرتفع دون مواجهة حقيقية لتداعياته السلبية على العامة ومتوسطي الدخول.
وفي أحدث تقرير نشرته وزارة المالية عن التضخم يظهر ارتفاع التضخم خلال شهر يناير/كانون الثاني 2017 إلى 3.3%، مقارنة بذات الشهر من عام 2016.
وفيما يلوّح وزير المالية بإعداد وثيقة جديدة في المقابل، تزيد حدة الاختناق الاقتصادي وتتفاقم أزمة المواطنين والوافدين في كيفية تغطية احتياجاتهم الضرورية في ظل الارتفاع المستمر في السلع والاحتياجات الضرورية دون أي تحرك للدخل.
ومن واقع بيانات حكومية حديثه صادرة من الإدارة المركزية للإحصاء، تكشفت تداعيات سلبية جراء بعض القرارات الحكومية الخاصة برفع الأسعار، منها على سبيل المثال، انخفاض مبيعات السيارات الفارهة بنسبة 25% والاقتصادية بنسبة 15% وفقاً لمؤشرات أولية خلال الربع الأول من العام الحالي كنتيجة مباشرة لزيادة أسعار البنزين.
كما لوحظ انخفاض حاد في أسعار القسائم السكنية بالمناطق الداخلية يعادل 20%، كما تراجعت مبيعات العقار المحلي 16% خلال يناير/كانون الثاني الماضي، وتظهر المؤشرات العامة تراجعا حادا في القوى الشرائية في ظل تخوفات لجهات رسمية عدة من اقتراب أزمة اقتصادية تحلّق في الأفق.

المساهمون