مأزق السعودية: خسارة تصدير 360 مليون برميل سنوياً

مأزق السعودية: خسارة تصدير 360 مليون برميل سنوياً

06 اغسطس 2017
الأسواق تتحسب لتراجع أسعار النفط في الشهرين المقبلين (Getty)
+ الخط -
ربما تكون السعودية التي خسرت مليون برميل يومياً من حصة صادراتها النفطية في اجتماع بطرسبيرغ الأخير، قد ارتكبت الخطأ الثاني، بعد خطأ سياسة إغراق أسواق النفط الذي ارتكبته في العام 2014 وأدى إلى انهيار أسعار النفط. 

وكانت السعودية تلعب دور"المنتج المرجح" حتى اجتماع فيينا الذي عقد في نهاية نوفمبر/ تشرين الثاني وقررت فيه التخلي عن هذه السياسة وترك الأسعار تهبط على أمل اغتيال صناعة النفط الصخري الأميركية الوليدة حينها.

وانتهت نتيجة السياسة السعودية إلى انهيار أسعار النفط وإغراق نفسها في أزمات مالية، فيما تمكنت صناعة النفط الصخري الأميركي من التكيف مع أسعار النفط المنخفضة والبقاء، عبر استخدام التقنيات الحديثة في خفض كلفة الإنتاج. الآن عادت السعودية لسياسة "المنتج المرجح" على أمل رفع أسعار النفط الذي تحتاجة بشدة، تحت وطأة الظروف المالية الحرجة التي تعيشها. وسياسة "المنتج المرجح"، هي سياسة خفض أو رفع الإنتاج وصولاً للسعر الذي تستهدفه السعودية لبرميل النفط. وعادة ما تقرر السعودية السعر المستهدف ثم تقنع الدول الأعضاء بمنظمة "أوبك" بتبنيه. 

والسعودية بحاجة ماسة لارتفاع أسعار النفط خلال الشهور المقبلة، بسبب طرح حصة 5% من شركة أرامكو الذي تخطط له في العام المقبل، والحرب التي تخوضها في اليمن وتكلفها حوالى 600 مليون برميل شهرياً، حسب تقديرات صحيفة "فاينانشيال تايمز". ولكن هل سترتفع أسعار النفط.

بنوك الاستثمار العالمية التي تتاجر في الخامات، ترى أن أسعار النفط بدلاً من مواصلة الارتفاع ستعود للانخفاض خلال الشهور المقبلة. في هذا الصدد يرى مصرف باركليز البريطاني، أن أسعار النفط ستنخفض في الشهور المقبلة.

ويقول المصرف في مذكرة للعملاء على موقعه على الإنترنيت، إن العوامل التي دعمت ارتفاع أسعار النفط في يوليو/ تموز، من غير المحتمل أن تستمر خلال الشهور المقبلة. ويذكر أن أسعار النفط ارتفعت من مستوياتها الدنيا في الأربعينات إلى فوق 50 دولاراً في نهاية شهر يوليو/تموز.

وحدث ذلك، وحسب نشرة"أويل برايس" الأميركية، لسببين وهما، انخفاض المخزونات النفطية بدول الاستهلاك الرئيسية وعوامل جيوسياسية. ولكن المصرف البريطاني يقول في المذكرة، إن "أسس العرض والطلب ستبقى مهزوزة في الربع الثالث، وإن أي ارتفاع في أسعار النفط إذا حدث سيكون لفترة قصيرة ثم تعود الأسعار للتراجع". وهو ما يعني أن أسعار النفط ربما تعود مرة أخرى إلى مستوياتها في الأربعينات.

وفي ذات الاتجاه المتشائم، يشير المسح الأخير الذي نشرته صحيفة "وول ستريت جورنال"، وشمل 15 مصرفاً استثمارياً تتاجر في النفط، ترى معظم هذه المصارف أن متوسط أسعار النفط سيكون في حدود 53 دولاراً للبرميل للعام الجاري. وهذا المسح يقل بدولارين عن توقعات هذه المصارف في المسح الذي أجرته نفس الصحيفة لهذه المصارف في شهر يونيو/حزيران.
من جانبه، يقول خبير الطاقة بمصرف "سوسيته جنرال" الفرنسي، مايكل ويتنر، "سنظل حذرين بشأن أسعار النفط في الشهور المقبلة، خاصة في سبتمبر وأكتوبر، فترة انخفاض الطلب على المشتقات البترولية". ومعروف إن موسم الصيف يتزايد فيه استهلاك الوقود في كل من أوروبا وأميركا ودول آسيا بسبب موسم الإجازات وحركة السفر ويقل الاستهلاك بعد عودة الناس من الاجازات.
أما العامل الخطير الذي يشير إلى أن رياح النفط لا تسير وفق ما تشتهي السفن، فهو خروج العديد من صناديق التحوط والاستثمار التي تضارب على النفط من السوق. وهذا العامل يشير إلى الإحباط الذي يعيشه تجار النفط وتشاؤمهم من مستقبل تحسن أسعاره.
وتشير نشرة "أويل برايس"، في هذا الصدد، إلى أن حوالى 10 صناديق استثمار وتحوط خرجت من سوق المضاربة على النفط في "وول ستريت"، وبعضها أفلس. من بين هذه الصناديق التي تخلت عن المضاربة في النفط، صندوق التحوط الذي انشأه المضارب النفطي آندي هول. وآندي هول من التجار المعروفين في المتاجرة بالنفط في وول ستريت. كما خسر صندوق "ماستر كوميديتز" الأميركي حوالى 30% من قيمته في النتائج التي أعلنها للنصف الأول من العام، أي حتى 30 يونيو/حزيران الماضي. وكان الصندوق قد ضارب عبر شراء صفقات آجلة بسعر مرتفع على أمل أن يؤدي قرار "أوبك" والمنتجين خارجها إلى سحب الفائض النفطي، ولكن ذلك لم يحدث وانتهى إلى تكبد خسائر ضخمة.
ويذكر أن الارتفاع الذي شهدته أسعار النفط، كان بسبب بيانات قوية للوظائف الأميركية، ما عزز الآمال بنمو الطلب على الطاقة، لكن أسعار الخام انخفضت على أساس أسبوعي متأثرة بارتفاع صادرات "أوبك" وقوة إنتاج الولايات المتحدة.
وارتفعت العقود الآجلة لخام القياس العالمي مزيج برنت 41 سنتاً، أو ما يعادل 0.8%، إلى 52.42 دولاراً للبرميل في التسوية، بينما زاد خام غرب تكساس الوسيط الأميركي 55 سنتاً، أو ما يعادل 1.1%، إلى 49.58 دولاراً للبرميل. وذلك في ختام تعاملات سوق "وول ستريت" الجمعة. وكانت العقود الآجلة للخام انخفضت في التعاملات المبكرة قبل أن يحفز تقرير الوظائف المتعاملين على الشراء.
وحسب رويترز، وعلى أساس أسبوعي، انخفضت العقود الآجلة لخام برنت وخام غرب تكساس الوسيط الأميركي لأقرب استحقاق بأقل من واحد بالمئة. ويقول محللون إن الأسعار تعرضت لضغوط جراء ارتفاع إنتاج الولايات المتحدة و"أوبك" إلى جانب زيادة صادرات المنظمة وإن كانت قوة الطلب حدت من الخسائر.
ويبدو أن جهود منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) لخفض الإنتاج بواقع 1.8 مليون برميل يومياً بالتعاون مع بعض المنتجين المستقلين مثل روسيا، تقابلها عوامل غير مساعدة من بينها ارتفاع إنتاج كل من ليبيا ونيجيريا والعراق، كما أن شركات النفط الصخري باتت جاهزة لاقتناص أي ارتفاع في الأسعار وزيادة الإنتاج. ويحدث ذلك في وقت بات الطلب فيه على النفط الصخري في آسيا يتزايد، لأنه نفط خفيف من جهة، كما أن الدول الآسيوية ترغب في زيادة استيرادها للنفط الأميركي لإرضاء الرئيس دونالد ترامب الذي يطالبها بخفض الفائض في موازينها التجارية مع أميركا. يضاف إلى ذلك عامل عدم تقيد بعض أعضاء "أوبك" بالحصص المقررة للتصدير. وحسب رويترز، زادت صادرات المنظمة في يوليو/تموز إلى مستوى قياسي، وبلغت الصادرات 26.11 مليون برميل يومياً بزيادة 370 ألف برميل يوميا جاء معظمها من نيجيريا.
وقالت شركة "روسنفت"، أكبر منتج للخام في روسيا، إن إنتاجها النفطي نما 11.1%على أساس سنوي في الربع الثاني من هذا العام. وهذا يعني أن المنتجين من خارج المنظمة وعلى رأسهم روسيا يواصلون خرق اتفاقية حصص الإنتاج.
ويلتقي مسؤولو اللجنة الفنية التي تضم أعضاء من "أوبك" ومن خارج المنظمة في أبوظبي يومي السابع والثامن من أغسطس /آب الجاري لمناقشة سبل تعزيز مستوى الالتزام باتفاق خفض الإمدادات.
وعلى صعيد إنتاج النفط الصخري، قالت تقارير إدارة معلومات الطاقة الأميركية، إن إنتاج الولايات المتحدة، بلغ الإنتاج 9.43 ملايين برميل يومياً مسجلاً أعلى مستوياته منذ أغسطس/ آب 2015 بارتفاع 12%عن المستويات المتدنية التي سجلها في يونيو/حزيران العام الماضي.

المساهمون