"تفاؤل حذر"بارتفاع النفط رغم تضحية السعودية بحصة من صادراتها

تفاؤل حذر بارتفاع أسعار النفط رغم تضحية السعودية بحصة من صادراتها

29 يوليو 2017
محطة وقود في مدينة ميلبورن الاسترالية (Getty)
+ الخط -

إلى أين تتجه أسعار النفط خلال العام الجاري بعد الخفض الذي أعلنت عنه الدول الأعضاء في منظمة "أوبك" وبعض المنتجين خارجها، في اجتماع مدينة بطرسبرغ الروسية بداية الأسبوع الجاري.

حسب وكالة رويترز، وصف الأمين العام للمنظمة النفطية محمد باركيندو، الاجتماع بأنه "كان الأكثر فعالية حتى الآن"، حيث ضحت السعودية، أكبر منتجي النفط في "أوبك"، بحصة مليون برميل يومياً من صادراتها السنوية في السوق العالمية. 

ولكن السؤال المطروح هل سيثمر هذا الاجتماع في إحداث ارتفاع كبير في أسعار النفط، رغم التضحية السعودية بهذه الحصة الضخمة؟

فالتوجهات الحالية تشير إلى أن أسعار النفط ستشهد تحسناً في النصف الثاني من العام الجاري، ولكنها لن ترتفع بمعدلات كبيرة.

في هذا الصدد، يورد خبير الطاقة بمصرف "غولدمان ساكس" الاستثماري الأميركي، ديمان كورفين، في مذكرة لعملاء البنك، أنه متفائل بشأن ارتفاع النفط، ولكنه يبقى "تفاؤلاً حذراً"، رغم ما شهدته الأسعار من تحسن خلال الأسبوع الجاري.

وتخطى سعر خام برنت حاجز 50 دولاراً، الخميس، لأول مرة منذ 8 أسابيع، كما تخطى حاجز 51 دولاراً للبرميل في التعاملات الصباحية التي جرت بسنغافورة.

ويرى كورفين في المذكرة التي نشرها على موقع المصرف، أن ما يدعم تفاؤله بشأن تحسن الأسعار ثلاثة عوامل رئيسية، الأول، انخفاض المخزونات النفطية في دول الاستهلاك الرئيسية، وعلى رأسها أميركا ودول الاتحاد الأوروبي والصين والهند.

وكانت إدارة معلومات الطاقة الأميركية قد ذكرت في بياناتها، الخميس، أن المخزونات الأميركية انخفضت بمقدار 7.2 ملايين برميل إلى 483 مليون برميل.

أما العامل الثاني، فهو انخفاض عدد الحفارات النفطية في أميركا، وهو ما يعني انخفاض إنتاج النفط الصخري أو على الأقل عدم زيادة الإنتاج. والعامل الثالث، انتعاش الطلب العالمي على النفط، وسط بيانات النمو الاقتصادي الإيجابية التي ظهرت في دول الاتحاد الأوروبي وكل من الهند والصين.

من جانبه، يشير خبير الطاقة بمصرف باركليز البريطاني، وارن رسل، إلى عامل آخر سيدعم أسعار النفط، وهو احتمال إقرار إدارة الرئيس دونالد ترامب لحظر مشدد ضد الحكومة الفنزويلية، يشمل حظر الصناعة النفطية وربما يشمل كذلك الخدمات المالية. وفي حال إجازة مثل هذا الحظر، فإن صادرات النفط الفنزويلية ستنخفض بشدة خلال الأشهر المقبلة. وبالتالي سيساهم ذلك الخفض في امتصاص التخمة النفطية في السوق.

ويرى الخبير راسل، حسب ما نقلت عنه نشرة "أويل برايس" الأميركية، أن أسعار النفط ربما تكسب حوالى 7 دولارات في حال إقرار الحظر الأميركي ضد الحكومة الفنزويلية. وإذا تحقق ذلك، فإن أسعار النفط ربما ترتفع مقتربة من 60 دولاراً للبرميل.

من جانبه، يقول الشريك بصندوق التحوّط الأميركي في نيويورك "آغين كابيتال إل إل سي"، جون كيلدوف: "هناك انطباع أن السوق تتجه أخيراً نحو التوازن بسبب انخفاض مخزونات النفط في أميركا".

ويضيف كيلدوف في تعليقات نقلتها وكالة بلومبيرغ: "لقد شهدت تعاملات الأسبوع انتعاشاً بسبب البيانات الأميركية". وفي الاتجاه الإيجابي ذاته، يقول آدم وايز، الذي يدير صندوقاً للمتاجرة بسندات الغاز الطبيعي والنفط في وول ستريت: "السوق يستجيب لبيانات السحب من المخزونات في الدول الرئيسية".

ولكن رغم هذا التفاؤل بتحسن أسعار النفط، يستبعد مصرف "غولدمان ساكس"، حدوث ارتفاع كبير في أسعار النفط خلال العام الجاري. ويعتقد المصرف في تحليله النفطي، أن أقصى ما يمكن أن تصل إليه الأسعار هو 55 دولاراً للبرميل.

ويقول ببساطة، إن أي ارتفاع كبير في الأسعار سيزيد من مخاطر دورة الانخفاض، لأنه سيغري شركات النفط الصخري الأميركية بزيادة إنتاجها وبسرعة. كما يشير المصرف كذلك إلى أن "تقيد دول أوبك بحصص الإنتاج والتصدير تبقى غير مضمونة، رغم العامل الإيجابي الخاص بأسس العرض والطلب النفطي في العالم".

ويقول خبير المصرف كورفين، في قراءته لمستقبل أسعار النفط: "إذا تواصلت هذه المعادلات الإيجابية في أسس العرض والطلب، فإن السوق النفطية ربما تصل لمرحلة التوازن في بداية العام المقبل".

وتشير بيانات المخزونات الصادرة عن "غولدمان ساكس"، إلى أن المخزونات انخفضت في كل من أميركا وأوروبا واليابان بحوالى 83 مليون برميل في نهاية النصف الثاني من العام.

وتبدو السعودية، صاحبة أكبر إنتاج في منظمة "أوبك"، حريصة على ارتفاع الأسعار بسبب العجز الكبير في الميزانية والإنفاق الضخم على حرب اليمن الذي تقدره صحيفة "فاينانشيال تايمز" البريطانية بحوالى 600 مليون دولار شهرياً، إضافة إلى حرصها على نجاح طرح حصة 5.0% من شركة أرامكو في أسواق المال العالمية.

ولكن السعودية لم تعد ذات تأثير كبير على أسعار النفط وسط فورة النفط الصخري وزيادة الإنتاج في كل من العراق وإيران وليبيا.

وكانت السعودية قبل أربع سنوات صاحبة الكلمة العليا في أسعار النفط وتلعب "دور المنتج المرجّح" في تحديد العرض النفطي في العالم، ودائماً ما تستهدف سعراً لبرميل النفط وتجبر الأسواق على الوصول إلى هذا السعر. ولكن هذا التأثير والنفوذ النفطي تبخر في الآونة الأخيرة، وأصبح النفط الصخري يلعب دور "المنتج المرجّح" في أسواق النفط العالمية.

كما أن انتعاش الطلب العالمي على الخامات النفطية، ساهم في رفع أسعار هذه الخامات في التعاملات الفورية خلال الأيام الأخيرة، حيث كسب خام غرب تكساس حوالى 2.4 دولار للبرميل.

وكانت أسعار النفط قد أغلقت تعاملاتها في الأسواق الآسيوية على ارتفاع، حيث بلغ سعر خام برنت للعقود الآجلة في سنغافورة 51.45 دولاراً للبرميل، فيما بلغ سعر خام غرب تكساس 49 دولاراً للبرميل.

ولكن أسعار النفط عادت للتراجع في التعاملات الصباحية في لندن، أمس الجمعة، لكنها تظل قرب أعلى مستوياتها في ثمانية أسابيع بدعم من انخفاض المخزونات الأميركية وجهود أوبك الرامية لخفض الإنتاج.

وحسب رويترز، تراجع خام القياس العالمي مزيج برنت في العقود الآجلة ثمانية سنتات أو 0.2% إلى 51.41 دولاراً للبرميل.

وهبط خام غرب تكساس الوسيط الأميركي في العقود الآجلة عشرة سنتات إلى 48.94 دولاراً للبرميل. وعادة ما تنخفض الأسعار بسبب عمليات جني أرباح، حيث يشعر بعض المستثمرين أن أسعار النفط ارتفعت خلال الأسبوع بما يكفي لتحقيق أرباح من عمليات البيع.

ويرى مصرف "غولدمان ساكس"، في تحليله، أن مخاوف المستثمرين من عدم حدوث الارتفاع المتوقع في الأسعار تعود في جزء كبير منها إلى الشكوك الخاصة بتقيد المنتجين والتزامهم بالحصص، حيث تكرر في السابق اتفاق المنتجين في منظمة "أوبك" وخارجها على حصة نفطية معينة ثم يحدث غش في التقيد بالحصص.

ومنذ أن عقد كبار منتجي النفط في العالم اجتماع سان بطرسبرغ ارتفعت أسعار الخام نحو ستة بالمئة بدعم من توقعات بتعميق التخفيضات، كما تذهب إلى ذلك رويترز. وقالت السعودية، القائد الفعلي لأوبك، إنها تخطط لخفض صادرات الخام إلى 6.6 ملايين برميل يومياً في أغسطس/ آب.

المساهمون