الدولار الجمركي والسمسرة في المواطن

الدولار الجمركي والسمسرة في المواطن

02 ديسمبر 2018
زيادة الدولار الجمركي ترفع الأسعار في الأسواق (Getty)
+ الخط -



لا تترك الحكومة المصرية فرصة لزيادة إيرادات الموازنة العامة إلا استغلتها، حتى لو جاء ذلك على حساب جيوب ملايين المصريين المنتمين للطبقات الفقيرة ومتوسطة الدخل.

وبعد أن اقتحمت الحكومة عالم سمسرة الأراضي والعقارات على مصراعيه عبر التوسع الملحوظ في بيع الأراضي وبناء وحدات سكنية وعقارات فاخرة وبيعها بأسعار مرتفعة للأثرياء وأصحاب الدخول المتوسطة، دخلت الآن مرحلة السمسرة في التجارة عبر مضاعفة الرسوم الجمركية عدة مرات خلال سنوات معدودة.

والملفت أن الحكومة تصر على هذا السلوك حتى لو أدى ذلك إلى حدوث هزة عنيفة في الأسواق ودخول ملايين الأسر "المستورة" دائرة الفقر، وزيادة معدلات التضخم والبطالة والفقر وهروب الاستثمارات

آخر ما فعلته الحكومة قرار زيادة سعر الدولار الجمركي يوم الجمعة الماضية من 16 جنيهاً إلى نحو 18 جنيهاً وذلك على مئات السلع التي وصفتها بالترفيهية وغير الأساسية.

رغم أن نظرة سريعة لقائمة السلع التي تم رفع السعر عليها بنسبة تصل إلى 15% نلحظ أهميتها الشدية للأسرة المصرية مثل سيارات الركوب الخاصة والتكاتك والأجهزة الكهربائية كالثلاجات والسخانات وأجهزة اللاب توب والسجاد والبطانيات والعصائر وأدوات التجميل والعطور ومنتجات أخرى مثل الهواتف المحمولة والحاسب الآلي والأثاث والملابس والأحذية والسجائر.


الحكومة ترفع شعار "من يريد شراء سلعة عليه تحمل تكلفتها كاملة بما فيها الجمارك والرسوم الحكومية"، وكأنها تحولت لتاجر شنطة أو رجل أعمال هدفه في النهاية تحقيق المزيد من الأرباح بغض النظر عن الدور الاجتماعي الذي يجب أن تقدمه الدولة. 

كما أن القرار يعيد الحديث مرة أخرى عن وجود أسعار متعددة للدولار داخل السوق الواحدة، فالسوق بات لديه الآن 3 أسعار للدولار وليس سعرين فقط، كما كان الحال قبل تعويم الجنيه في نوفمبر 2016.

1- سعر رسمي داخل البنوك يبلغ نحو 17.9 جنيها ويتم تحديده حسب قوى العرض والطلب.

2- سعر للدولار الجمركي للسلع الاستراتيجية يبلغ 16 جنيها وتحدده وزارة المالية بداية كل شهر.

3- سعر للدولار الجمركي للسلع المستوردة التي تصنفها الحكومة أنها غير ضرورية، وهذا السعر يكون قريبا من سعر البنوك لكن يتم تحديده بقرار إداري بداية كل شهر.

قرار وزارة المالية الخاص برفع سعر الدولار الجمركي يكشف عن وجود تضارب في السياسات المالية والنقدية المتخذة داخل الدولة وعدم وجود تناغم بينهما، ففي الوقت الذي يكافح فيه البنك المركزي لخفض معدلات التضخم وأسعار الفائدة والطلب على الدولار، تتخذ وزارة المالية إجراءات من شأنها وأد الخطوات التي يقوم بها البنك المركزي.

قرار زيادة سعر الدولار الجمركي لن يكون الأخير في سلسلة قرارات حكومية متواصلة تستهدف جيب المواطن الذي بات فارغا بعد أن سحب التضخم والزيادات المتواصلة في الأسعار والضرائب والرسوم كل ما بداخله، بل وتركته مخروماً.