مصر: موجة غلاء مرتقبة بعد رفع سعر الدولار الجمركي

موجة غلاء مرتقبة في الأسواق المصرية بعد رفع سعر الدولار الجمركي

02 ديسمبر 2018
المصريون على موعد جديد من ارتفاع أسعار السلع (Getty)
+ الخط -
توقع تجار ومنظمات أعمال ومستهلكون حدوث موجة غلاء في الأسواق المصرية خلال الأيام المقبلة عقب قرار الحكومة المصرية رفع سعر الدولار الجمركي للسلع التي وصفتها بالاستهلاكية وغير الضرورية من 16 جنيها للدولار إلى 18 جنيها للدولار.

واشاروا إلى أن أبرز السلع المرشحة لارتفاع أسعارها الأحذية والملابس وسيارات الركوب الخاصة والموتوسيكلات والتكاتك وأدوات التجميل والأجهزة الكهربائية مثل الثلاجات والمراوح والسيجار والتبغ ومنتجات الأثاث.

وبدأت الحكومة المصرية أمس السبت تطبيق قرار رفع سعر الدولار الجمركي، على عدد كبير من السلع والمنتجات المستوردة، وسط تأهب الشارع لموجة غلاء جديدة ستضرب الأسواق الأمر الذي يفاقم الأزمات المعيشية للمواطنين، وتوقعات زيادة معدل التضخم الذي زاد في شهر أكتوبر/تشرين الأول الماضي عن 17%.

ورفعت وزارة المالية المصرية سعر الدولار الجمركي من 16 جنيهاً إلى سعر البنك المركزي والذي يبلغ حاليا نحو 17.90 جنيهاً، محدّدة العمل بهذا السعر بشهر واحد ينتهي في 31 ديسمبر/ كانون الأول الجاري.

والدولار الجمركي الذي يتم على أساسه تحديد قيمة الجمارك على السلع المستوردة من الخارج.

وشملت قائمة المنتجات التي اعتبرتها وزارة المالية سلعًا ترفيهية وغير ضرورية، مجموعات كبيرة من السلع منها الهواتف المحمولة والحاسب الآلي والأثاث والملابس والأحذية وسيارات الركوب الخاصة والتكاتك والسجائر وكل أنواع الأجهزة الكهربائية المستوردة من الثلاجات والسخانات إضافة إلى أجهزة اللاب توب والسجاجيد والبطاطين والعصائر وأدوات التجميل والعطور ومنتجات أخرى.

ارتفاع الأسعار

توقع مستوردون أن تشهد أسعار السلع المستوردة التي شملها القرار ارتفاعات تصل إلى أكثر من 15% تأثرًا بزيادة سعر الدولار الجمركي، كما توقعوا أن تلحق الزيادات في الاسعار سلعا أخرى غير مدرجة في القائمة الحديثة لوزارة المالية ومصلحة الجمارك.

 ورجّح رئيس الاتحاد العام للغرف التجارية، أحمد الوكيل، زيادة أسعار السلع غير الأساسية والترفيهية، بعد قرار وزارة المالية برفع سعر الدولار الجمركي عليها اعتبارا من أول ديسمبر.

 وقال الوكيل في تصريحات صحافية: "نحن علمنا بالقرار.. وسندرس تداعياته وتأثيره على الأسعار"، لكن أسعار السلع الأساسية لن تتأثر بالقرار لأنها ستتعامل بسعر 16 جنيها دون تغيير.

من جانبه، قال نائب رئيس الشعبة العامة للمستوردين باتحاد الغرف التجارية، محمد رستم، إن الشعبة ستعقد اجتماعًا عاجلاً خلال أيام، لبحث التداعيات على تكلفة البضائع سواء التي وردت إلى الموانئ قبل صدور القرار أو المشحونة والتي لم تصل إلى الموانئ بعد.

 وتوقع رستم أن تشهد أسعار السلع المستوردة زيادات أكيدة على المستهلكين تأثرا بالقرار، لكنه فضل عدم ذكر نسب الزيادة إلا عقب دراسته.

 وأكد أن السلع الواردة من الدول التي لا يوجد اتفاقيات تجارية معها ستتأثر بشكل أكبر كروسيا وشرق آسيا وأميركا.


بدوره، أكد رئيس شعبة المستوردين السابق بالغرفة التجارية بالقاهرة، أحمد شيحة، أن القرار سيؤدي إلى حدوث مزيد من الكساد في الأسواق، متوقعًا أن يسهم في ارتفاع أسعار السلع بنسب تتراوح بين 12 و15%.

ورأى شيحة في تصريحات صحافية، أن التجار سيستغلون فرصة زيادة سعر الدولار الجمركي، لزيادة أسعار المنتجات التي يتضمنها القرار، وإن كانوا قد استوردوها قبل تطبيق الزيادة في السعر.

الأدوات المنزلية

وانعكس القرار على أسعار الأدوات المنزلية، حيث قال أشرف هلال، رئيس شعبة الأدوات المنزلية بغرفة القاهرة التجارية، إن أسعار الأدوات المنزلية ارتفعت بنسبة 15% عقب إعلان وزارة المالية رفع سعر الدولار الجمركي على بعض السلع غير الأساسية والترفيهة.

وأكد هلال في تصريحات صحفية، أن نسبة الزيادة في أسعار الأدوات المنزلية تعادل نسبة الزيادة في سعر الدولار الجمركي.

ورأي أن الأدوات المنزلية ليست من ضمن السلع الترفيهية في حياة المواطنين.

ورغم أن حجم الأجهزة الكهربائية المستوردة لا يمثل إلا 10% من حجم الأجهزة الموجودة بالسوق المحلي، كما يقول هلال، إلا أن الارتفاع سيمتد للأجهزة المحلية "طبيعي لما المستورد سعره يرتفع المحلي هيرتفع".

وقال إن قطاع الأدوات المنزلية يعاني من ركود وبعد زيادة الأسعار الأخيرة سيصبح الأمر أكثرًا سوءًا.

وأضاف هلال أن هناك العديد من الطرق التي تسطيع من خلالها الحكومة أن تجلب من خلال المال، وهي رفع أسعار السجاير وغيرها من السلع التى هي بالفعل سلع ترفيهية في حياة المواطنين.

زيادة التضخم

وقال عضو مجلس النواب، محمد بدوي دسوقي، إن قرار وزير المالية، بزيادة الدولار الجمركي على بعض السلع، سيؤدي إلى موجة جديدة من ارتفاع أسعار كافة السلع، وليس الاستفزازية فقط.


وارتفع معدل التضخم السنوي في مصر ، إلى 17.5% في أكتوبر/ تشرين الأول 2018، متجاوزاً المعدل المستهدف الذي حدده البنك المركزي عند 16%، وذلك في مقابل 15.4% في سبتمبر/ أيلول.

وأضاف دسوقي في بيان، أن تقسيم السلع المستوردة إلى أساسية ومستفزة أمر غير منطقي، وسيتسبب في تكدس الموانئ بالسلع، مشيراً إلى أن تثبيت قيمة الدولار الجمركي يسرع الإفراج عن البضاعة المستوردة والمحتجزة في الجمارك حيث إنه يسهل كثيراً حساب قيمة الواردات وقيمة الجمارك المفروضة عليها، والتي كانت تستغرق وقتاً طويلاً خاصة بعد تحرير سعر الصرف بسبب تفاوت الأسعار من بنك لآخر.

ضغوط صندوق النقد

وعلى الرغم من أن قرار الحكومة المصرية زيادة سعر الدولار الجمركي إلى 18 جنيها فأجأ الأسواق المصرية، الا أن محللين قالوا إن هذه الخطوة لم تأتِ بعيداً عن القرارات التي اتخذتها الحكومة تحت ضغوط مطالب صندوق النقد الدولي للحصول على باقي شرائح القرض المتفق عليه.

وقال وكيل اللجنة الاقتصادية بمجلس النواب، أشرف العربي، إن القرار جيد خاصة أن الحكومة كانت قد قررت التعامل بالسعر المخفض للدولار الجمركي عقب تعويم الجنيه مراعاة للظروف الاقتصادية للمواطنين.

وتوقع العربي أن يكون القرار ضمن ملاحظات قد أبداها صندوق النقد الدولي خلال مراجعته الرابعة لا سيما أنه يطلب دائما عدم تدخل البنك المركزي في تحديد سعر الدولار خصوصًا مع تزامن صدوره بعد تعديل آلية تحويل أموال المستثمرين التي أقرها البنك المركزي والتي تحمل الفكرة نفسها.


واتفقت مصر مع صندوق النقد على قرض بقيمة 12 مليار دولار حصلت منها على 4 شرائح بقيمة 8 مليارات دولار بعد تنفيذ عدة شروط منها تعويم الجنيه المصري أمام العملات الأجنبية وتقليص الدعم ورفع أسعار الوقود.

وحسب مراقبين، فإن قرار رفع سعر الدولار الجمركي يعد اعترافاً ضمنياً من الحكومة بأن سعر الجنيه المصري سيتجه نحو الانخفاض مجددّا، وهو ما رجحته العديد من التقارير لمؤسسات مالية ومنها وكالة التصنيف الائتماني "ستاندرد آند بورز" ومصرف "بي.إن.بي باريبا" و"كابيتال إيكونوميكس" و"أرقام كابيتال" و"فاروس" و"سي.أي كابيتال".

وحسب هذه المؤسسات، سيكون التراجع في حدود نسبة 5% وربما 10% على مدى عدة سنوات بحسب تقديرات المؤسسات المالية التي تتحدث عن سعر للدولار يصل إلى 18.4 جنيهاً قبل نهاية يونيو/ حزيران القادم، وعن سعر يتراوح ما بين 19 و20 جنيها قبل منتصف عام 2021.

وسيؤدي انخفاض سعر الجنيه إلى مزيد من الارتفاعات في أسعار السلع بشكل مباشر كما سيؤدي إلى زيادة قيمة الرسوم الجمركية على السلع التي شملها القرار الأخير. 


دفاع عن القرار

ودفاعاً عن القرار، قال وزير المالية محمد معيط، في تصريحات صحافية أمس السبت، إن تعديل سياسة الدولار الجمركي التي بدأت من الشهر الحالي يأتي انعكاسا للتحسن الاقتصادي الذي حققته مصر جراء تطبيق برنامجها الإصلاحي، وبالتالي عدم الحاجة إلى تدابير استثنائية قد تم اتخاذها بالفعل أثناء الأزمة السابقة وكان من ضمنها تحديد سعر الدولار بقيمة أقل من تداوله الحقيقي محليًا.

وأكد أن اسـتمرار تثبيـت سـعـر الدولار الجمركي عند 16 جنيها بالنسبة للسلع الاستراتيجية والضرورية، يأتي ضمانًا لعدم ارتفاع أسعارها أو زيادة الضغوط على المواطنين.


وفي نفس السياق، أشاد رئيس لجنة الضرائب والجمارك باتحاد الصناعات، محمد البهي، بالقرار، قائلاً إن هذا القرار تم فرضه على السلع الكمالية، لافتا إلى أن من يتعامل مع تلك السلع سيستطيع أن يتحمل هذا الفارق الضعيف.

وأضاف أن الدولة اتخذت خلال الفترة الماضية عدة قرارات تصب جميعها في مصلحة الصناعة المصرية والمواطنين، حيث إنهم يعملون دائمًا على تقليل الأسعار من خلال خفض نسبة الاستيراد.

غلاء السيارات

تعد السيارات من أكثر السلع تضرراً من قرار زيادة سعر الدولار الجمركي، إذ يتوقع ارتفاع أسعارها وسط حالة ركود تعاني منها الأسواق المحلية.

وقال المتحدث الرسمي باسم مجلس معلومات سوق السيارات "أميك"، ومدير عام المبيعات بمجموعة أبو غالي موتورز، خالد حسني، إن أسعار جميع أنواع السيارات ستتأثر بعد قرار وزارة المالية بتحرير سعر الدولار الجمركي.

وأوضح أن نسب الزيادات المتوقعة على السيارات لا يمكن تحديدها بشكل دقيق في الوقت الحالي.

 أما رئيس شعبة السيارات بغرفة الجيزة التجارية، عمر بلبع، فأكد أن السيارات غير الأوروبية هي الأكثر تأثراً بقرار وزارة المالية بتحرير سعر الدولار الجمركي.

وأضاف بلبع، أن نسبة الزيادة المتوقعة علي السيارات غير الأوروبية ستتراوح بين 5 و7% تقريباً.

 وتابع بلبع أن أسعار السيارات الأوروبية ستشهد زيادات متوقعة بالرغم من إعفائها جمركيًا، نظراً لعوامل أخرى، في مقدمتها ارتفاع أسعار السيارات في بلد المنشأ، وارتفاع تكلفة الشحن.

المساهمون