ماذا يعني انسحاب قطر من منظمة "أوبك"؟

ماذا يعني انسحاب قطر من منظمة "أوبك"؟

03 ديسمبر 2018
مقر منظمة أوبك في فيينا (Getty)
+ الخط -
خسرت منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) حوالي 635 ألف برميل من النفط القطري يومياً، مع إعلان الدوحة، اليوم، انسحابها من المنظمة بعد انضمامها في العام 1961. فما هو دور منظمة أوبك؟ وفي أي ظرف يأتي انسحاب قطر من عضويتها؟ 

يأتي القرار القطري المفاجئ وسط العديد من المشكلات التي تعصف بالمنظمة، بعد اندفاع السعودية للتجاوب مع مطالب الرئيس الأميركي دونالد ترامب من خلال رفع إنتاجها في تناقض مع قرار الخفض الذي اتخذته المنظمة في 2017.

كذا، تتهم إيران السعودية باتخاذ قرارات سياسية عبر زيادة ضخ النفط بالتزامن مع فرض العقوبات النفطية على طهران. 

في حين يجتمع أعضاء "أوبك" في السادس من ديسمبر/كانون الأول المقبل، في العاصمة النمساوية (فيينا)، لاتخاذ قرار نهائي بتنفيذ خفض في إنتاج النفط من عدمه في 2019.

كما تغادر قطر في وقت تواجه فيه منظمة "أوبك" مخاطر سياسية أوسع نطاقاً. إذ كشفت وكالة "بلومبيرغ" الأميركية، اليوم، أنه بالإضافة إلى الهجمات الكلامية من ترامب، تقوم وزارة العدل الأميركية بمراجعة التشريعات بشكل رسمي لكبح سلطة المنظمة، إذا تم تمرير مشروع قانون NOPEC الذي يفتح الباب لهجمات قانونية ضد أعضاء أوبك بموجب قانون شيرمان لمكافحة الاحتكار لعام 1890، الذي استخدم منذ أكثر من قرن لتفكيك إمبراطورية النفط للملياردير الأميركي جون روكفلر. 

ما هو دور منظمة أوبك؟

تأسست منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) في بغداد مع توقيع اتفاقية في سبتمبر/ أيلول 1960 من قبل خمس دول، هي إيران والعراق والكويت والسعودية وفنزويلا. لتنضم قطر بعد عام واحد ومن ثم إندونيسيا، ليبيا، الإمارات، الجزائر، نيجيريا، الإكوادور، الغابون، أنغولا، غينيا الاستوائية، وكانت آخر الدول المنضمة هي الكونغو خلال العام الحالي.

وفقاً لنظامها الأساسي، فإن مهمة منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) هي تنسيق وتوحيد السياسات النفطية للدول الأعضاء فيها وضمان استقرار أسواق النفط من أجل ضمان توفير إمدادات اقتصادية منتظمة من النفط للمستهلكين، والدخل الثابت للمنتجين والعائد العادل على رأس المال بالنسبة لأولئك الذين يستثمرون في صناعة البترول.

وتضم أوبك 15 دولة (قبل انسحاب قطر) تعتمد على صادراتها النفطية اعتمادا كبيرا لتحقيق إيراداتها. وتملك الدّول الأعضاء في هذه المنظّمة نحو 33.1% من الناتج العالمي في سبتمبر/ أيلول الماضي، وفق آخر تقرير لأوبك، و70% من الاحتياطي العالمي للنّفط. 


ما هو حجم إنتاج قطر من النفط؟

وصل إنتاج قطر النفطي في نهاية العام 2015 إلى 663 ألف برميل يومياً، لينخفض إلى 656 ألف برميل في السنة اللاحقة. وفي نهاية 2017، مع بدء تطبيق اتفاق خفض الإنتاج، تراجعت مساهمة قطر إلى 607 آلاف برميل يومياً. أما في سبتمبر/ أيلول من العام الحالي فوصل إنتاجها إلى 616 ألف برميل يومياً، وقدر وزير الدولة لشؤون الطاقة القطري سعد الكعبي، اليوم الاثنين، حجم إنتاج بلاده من النفط بأنه يراوح ما بين 620 و630 ألف برميل يوميا.
وبدأ تفعيل اتفاق خفض إنتاج النفط منذ يناير/ كانون الثاني 2017 لتخفيض الإنتاج بمقدار 1.8 مليون برميل يوميا لمدة 6 أشهر، لكن تم تمديده إلى نهاية مارس/ آذار، ثم جرى تمديده مرة أخرى حتى نهاية عام 2018، لتكون "أوبك" خفضت إنتاجها لعامين كاملين.

ما هي الدول التي انسحبت من أوبك سابقاً؟

قالت أمريتا سين، كبيرة المحللين في شركة الاستشارات النفطية في لندن لوكالة "بلومبيرغ"، إن مغادرة أوبك خطوة رمزية بالنسبة لقطر. "لقد كان إنتاجها من النفط ثابتًا مع وجود احتمالات محدودة للزيادات". 

وتتزايد الخلافات داخل "أوبك"، ما يدفع المراقبين إلى توقع انفراط عقد هذه المنظمة، وفق "بلومبيرغ". ومع ذلك، استمر وزراء النفط من إيران والعراق في حضور الاجتماعات نفسها حتى في الوقت الذي خاضت فيه دولتاهم حرباً دموية.

وفي منتصف التسعينيات، ظهرت فنزويلا في بعض الأحيان على حافة الانسحاب. كما حاول بعض السياسيين في الولايات المتحدة إقناع العراق بالانسحاب بعد الغزو عام 2003.

وفي تاريخ الكارتل، غادرت ثلاث دول المنظمة، على الرغم من أن اثنتين انضمتا في وقت لاحق. وفي الآونة الأخيرة، علقت إندونيسيا عضويتها في منظمة "أوبك" لأن وضعها كمستورد صاف للنفط جعل الانضمام إلى تخفيضات الإنتاج في عام 2016 غير عملي.

وسبق وعلّقت الإكوادور عضويتها في ديسمبر/ كانون الأول عام 1992، لكنها عادت إلى أوبك في أكتوبر/ تشرين الأول 2007. كذا، علقت إندونيسيا عضويتها في يناير/ كانون الثاني عام 2009، لتنشط فيها مرة أخرى في يناير عام 2016، إلى أن تم تعليق عضويتها مرة أخرى في اجتماع مؤتمر أوبك في نهاية 2016.

كذا، أنهت الغابون عضويتها في كانون الثاني/ يناير 1995. ومع ذلك، عادت وانضمت إلى المنظمة في تموز/ يوليو 2016. 

وينص النظام الأساسي لأوبك على أن "أي بلد لديه صافٍ كبير من النفط الخام، والذي له مصالح متشابهة جوهريًا مع البلدان الأعضاء، قد يصبح عضوًا كامل العضوية في المنظمة، إذا تم قبوله بأغلبية ثلاثة أرباع الأعضاء الكاملة، بما في ذلك أصوات جميع الأعضاء المؤسسين".

كيف أثر الرئيس الأميركي على إنتاج أوبك؟

وزادت الصراعات داخل أوبك أخيراً، مع إعادة الولايات المتحدة للعقوبات على إيران، وزيادة ضغوطات الرئيس الأميركي دونالد ترامب على السعودية وأوبك لزيادة الإنتاج كآلية لخفض الأسعار. 

وقامت السعودية بزيادة إنتاجها النفطي مليوناً و112 ألف برميل يومياً منذ مطلع العام الحالي، وفق رصد أجراه "العربي الجديد" لبيانات منظمة "أوبك" في 2018. 

وارتفع إنتاج المملكة من 9 ملايين و988 ألف برميل يومياً في كانون الثاني/ يناير 2018، ليصل إلى 11 مليوناً و100 ألف برميل (بأدنى تقدير من قبل رويترز)، في نوفمبر/ تشرين الثاني. 

وفي مايو/ أيار، بدأت ضغوطات ترامب الداعية لخفض الأسعار، خلال استعداداته لخوض الانتخابات النصفية الأميركية من جهة، وفرض العقوبات الاقتصادية والنفطية على إيران من جهة أخرى. حينها زاد إنتاج أوبك إلى 32.129 مليون برميل يومياً، كما ارتفع إنتاج السعودية إلى 10 ملايين و17 ألف برميل يومياً.
وفي 4 يوليو/ تموز، قال ترامب في تغريدة: "على محتكري أوبك أن يتذكروا أن أسعار البنزين ترتفع وهم يقومون بقليل من المساعدة... لعلمكم هم يرفعون الأسعار بشكل مستمر في الوقت الذي تحمي فيه الولايات المتحدة كثيرًا من أعضاء المنظمة مقابل أموال قليلة جدًا. يجب أن يكون هذا طريقا في الاتجاهين. خفضوا الأسعار فورا".

وحقق إنتاج أوبك ارتفاعات متتالية، ليقفز في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي إلى 32 مليوناً و900 ألف برميل يومياً، مع رفع السعودية إنتاجها إلى 10 ملايين و630 ألف برميل يومياً، بزيادة 127.3 ألف برميل بين سبتمبر/ أيلول وأكتوبر، كما زادت الإمارات 141.7 ألف برميل يومياً خلال الفترة ذاتها.

المساهمون