صحافيون تونسيون يواجهون تهديدات على خلفية تغطيتهم الأزمة السياسية

صحافيون تونسيون يواجهون تهديدات على خلفية تغطيتهم الأزمة السياسية

31 مارس 2022
التهديدات طاولت الصحافية وجدان بو عبدالله (سكاي لاين/فيسبوك)
+ الخط -

انتقدت منظمات حقوقية دولية وضع الصحافة في تونس بالتزامن مع الأزمة السياسية التي تعيشها البلاد، مشيرة إلى أنّ الصحافيين "هم ضحية للأزمة ويتعرضون للتهديد والترهيب". 

وقال "المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان"، اليوم الخميس، في بيان له، إنّ قوات الأمن التونسية بدأت بتشديد الخناق على العمل الصحافي في البلاد، إذ بات الصحافيون يخشون أكثر من أي وقت مضى التعرض إلى إجراءات تعسفية على خلفية عملهم الصحافي.

وعبّرت منظمة "سكاي لاين" الدولية لحقوق الإنسان، في بيان لها أيضاً، عن قلقها لما وصفتها بـ"حملة التهديد والترهيب التي يتعرض لها صحافيون في تونس من السلطات الأمنية في البلاد؛ ضمن محاولات إسكاتهم، في عملية ممنهجة تهدد حرية الصحافة".

ووثقت المنظمات الحقوقية تدهوراً حاداً في الحريات في تونس منذ إعلان الرئيس قيس سعيّد إجراءات استثنائية في 25 يوليو/تموز الماضي، عندما أصدر عدداً من المراسيم والقرارات التي مسّت باستقلالية القضاء، وألغت تقريباً السلطة التشريعية، وركزّت جميع السلطات في يده.

ومساء أول من أمس الثلاثاء، أصدر سعيّد قراراً بحل مجلس النواب التونسي، في تصعيد يضيف مزيداً من التعقيد إلى الأزمة المستمرة منذ إعلان الإجراءات الرئاسية الاستثنائية.

من جانبها، أقرت نقابة الصحافيين التونسيين إضراباً عاماً في الإعلام العام، في الثاني من إبريل/نيسان، رفضاً "لمحاولات الرئيس السيطرة على الإعلام العمومي وإصرار السلطة على تهميش القطاع"، وسط مخاوف على حرية التعبير الذي منحته ثورة 2011.

مديرة "بوابة تونس": نتعرض للترهيب بسبب تغطية البرلمان

ونقل "المرصد الأورومتوسطي"، عن رئيسة تحرير موقع "بوابة تونس" الصحافية وجدان بو عبدالله، قولها: "منذ 25 يوليو/تموز 2021، هناك تهديدات تصل إلينا صراحة، سواء على حساباتنا الشخصية عبر منصات التواصل الاجتماعي، أو التهديدات التي يتلقاها طاقمنا خلال عمله الميداني، ورغم حمله شارة الصحافة بوضوح وتغطيته تجمعات أنصار الرئيس التونسي، إلا أنّه يتعرض للمضايقة بشكل مستمر".

وأضافت "لم نرتكب أي جريمة حينما نقلنا جلسة البرلمان. وأحمّل قيس سعيّد مسؤولية سلامة طاقمي الصحافي في "بوابة تونس"، وكل الصحافيين والمراسلين الأجانب في البلاد. نحن ننشر مختلف وجهات النظر، ونعمل بشكل قانوني وفق مقتضيات الدستور التونسي، ولا يحق للرئيس سعيّد أو غيره من الجهات الرسمية تقييد عملنا أو معاقبتنا بسبب ما ننشره".

وتابعت: "من دون مبالغة، فإنّ قطاع الصحافة الأكثر تضرراً في الأشهر الماضية في تونس. كل المكاسب التي حققناها بعد الثورة، وهي ثمار نضال أجيال، اضمحلت. صارت البيئة غير مناسبة للعمل الصحافي لا سيما بعد وعيد الرئيس أمس صراحة للإعلام".

منظمة "سكاي لاين" نقلت بدورها عن بو عبدالله تأكيدها تلقيها ومؤسستها عملية ترهيب وتهديد غير مباشرة، على خلفية تغطيتها الأحداث والفعاليات، وأحدثها جلسة برلمان الشعب المجمّد من الرئيس قيس سعيّد التي عقدت إلكترونياً، وأعقبها قرار سعيّد حل المجلس بالكامل.

وأفادت الصحافية بو عبدالله "سكاي لاين" بأنه "منذ الانقلاب هناك تهديدات، وتعرض فريق العمل للضرب في التظاهرات وجرى التجاوز عن هذا الأمر".

وأوضحت أنها علمت عبر جهات موثوقة بوضعها ومؤسستها على القائمة السوداء، على خلفية بث الموقع الإخباري الذي ترأسه وقائع جلسة برلمان الشعب، وأن هناك قراراً بتتبع المؤسسات التي غطت الجلسة التي عدها رئيس البلاد تآمراً على الدولة.

وأشارت إلى أن سياسة الترهيب التي تعرضت لها المؤسسة لها انعكاسات خطيرة على العمل، مؤكدة أنّ 3 صحافيين من فريق العمل طلبوا إجازة لأنهم يشعرون بالخوف، وأنها لا تستطيع لومهم على ذلك.

إعلام وحريات
التحديثات الحية

الصحافيون مستهدفون أمنياً

وكشف "المرصد الأورومتوسطي"، ومقرّه جنيف في سويسرا، عن تلقيه شكاوى من صحافيين تونسيين وصلت إليهم معلومات عن احتمالية استهدافهم أمنياً، بسبب تغطيتهم أو عملهم في وسائل إعلام تغطي تطورات الأزمة السياسية في البلاد، وخصوصاً تلك التي تتناول وجهات النظر المعارضة سياسات الرئيس التونسي قيس سعيّد.

وأوضح "الأورومتوسطي" أنّ تلك التهديدات جاءت بعد نقل بعض وسائل الإعلام المحلية الجلسة الافتراضية، التي عقدها البرلمان التونسي أمس الأربعاء، وصوّت فيها على إلغاء الإجراءات الاستثنائية التي فرضها الرئيس قيس سعيّد في يوليو/تموز الماضي.

وأكّد أنّ الادعاءات التي تلقّاها من الصحافيين جاءت بعد ساعات من انتقاد الرئيس التونسي العلني وسائل الإعلام التي نقلت جلسة البرلمان، بما يشير على ما يبدو إلى قرار رسمي من أعلى المستويات بفرض قيود على حرية العمل الصحافي في البلاد لأسباب غير مشروعة.

وشدّد "المرصد الأورومتوسطي" على أنّ الدستور التونسي كفل على نحو واضح حرية الإعلام والنشر، إذ ينص الفصل (31) منه على أنّ "حرية الرأي والفكر والتعبير والإعلام والنشر مضمونة". وأنّه "لا تجوز ممارسة رقابة مسبقة على هذه الحريات".

وقال رئيس "المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان" رامي عبده: "من المؤسف اللجوء لأساليب كنا نعتقد أنّ تونس تجاوزتها. نعرب عن تضامننا الكامل مع جميع الصحافيين ووسائل الإعلام المستهدفين بحملات التحريض والتهديد لمجرد تأديتهم واجبهم في نقل الحقيقة".

ودعا "المرصد الأورومتوسطي" الرئيس التونسي إلى التوقف عن التحريض على وسائل الإعلام، وحمّله مسؤولية أي اعتداء أمني قد يتعرض له الصحافيون في تونس، لافتاً إلى أنّ حالة الاحتقان الحالية تمثل بيئة خصبة للاعتداء على الحريات وهدر الحقوق المكفولة بموجب الدستور التونسي.

"حالة ردة" عن الحالة الديمقراطية

ورأت "سكاي لاين" أنّ عملية الترهيب والتهديد المباشر وغير المباشر، التي تعرضت لها الصحافية وجدان بو عبدالله وغيرها من الصحافيين والصحافيات في تونس منذ استيلاء الرئيس على كل السلطات في البلاد، "تمثل حالة ردة عن الحالة الديمقراطية التي شهدتها تونس بعد الثورة".

وأكدت أنّ ما يجري "عملية ممنهجة بإرادة رسمية من نظام الحكم الحالي بهدف تكميم الأفواه وإسكات الأصوات المعارضة وحتى المهنية، وإعادة إحياء الرقابة الذاتية لدفع الصحافيين إلى الصمت حرصاً على حياتهم وأمنهم الشخصي، وهو ما يمثل مساساً بحرية العمل الصحافي".

وأشارت المنظمة الحقوقية، ومقرّها العاصمة السويدية استوكهولم، إلى أنها تابعت اعتقال وإيقاف وتهديد العديد من الصحافيين وعرض بعضهم لمحاكم عسكرية ومدنيين آخرين، منذ 25 يوليو/تموز الماضي، وكل ذلك ضمن نهج متصاعد في تقييد الحريات وتكميم الأفواه وترهيب الصحافيين.

وطالبت المنظمة السلطات التونسية بـ"التوقف عن ممارساتها التي تمس بالتزامات تونس الدولية المتعلقة بالحرية الصحافية والحق في الرأي والتعبير"، ودعت الصحافيين والمجتمع المدني إلى "التكاتف وإفشال محاولة إسكاتهم".

المساهمون