الدراما السورية: مسلسلات بلا طعم ولا لون

الدراما السورية: مسلسلات بلا طعم ولا لون

01 مايو 2021
أيمن زيدان في مسلسل "الكندوش" (فيسبوك)
+ الخط -

قطعت أعمال الدورة الرمضانية الحالية للدراما السورية نصف المشوار في عرضها وطرحها للمتلقي المنتظر طوال العام لمشاهدة مسلسل جديد ومختلف، بعد جفافٍ لسنوات أصاب قطاع الإنتاج الدرامي في سورية نتيجة ظروف الحرب. إذ تفاءل المتابعون والنقاد في هذا الموسم بعودة عجلة الإنتاج للدوران لتكون الأعمال السورية الخالصة حاضرة على صعيد الكم، لكن تلك الحركة بدت بلا بركة، فلم يترك أي عمل درامي في هذا الموسم انطباعاً استثنائياً، لا عند الجمهور ولا عند النقاد.

قرابة عشرين عملاً للدراما السورية لهذا الموسم، توزّعت بين أعمال البيئة الشامية والدراما الاجتماعية والكوميديا و"الأكشن"، جميعها بدت باهتة من دون ألوان جديدة تميزها عن سابقاتها من الأعمال، وبدت الدراما السورية في هذا الموسم وقد توقفت عن التطور المعهود لها في مواسم سابقة، وتعيبها بشكل رئيس أزمة النص النوعي نظراً لغياب الكاتب المحترف القادر على محاكاة المشاكل الاجتماعيّة.

أعمال البيئة الشامية

وعدت شركات الإنتاج بظهور صورة جديدة لهذا النمط من الأعمال، من خلال القصة والطرح والحبكة وحتى الشكل الإخراجي والفني، لكن الواقع أظهر أن مسلسلات "حارة القبة" و"الكندوش" و"أولاد السلطان"، وحتى الموسم الثاني من "سوق الحرير" الذي يفضل صناعه تصنيفه ضمن إطار الدراما الاجتماعية التي تتناول حقبة تاريخية متوسطة من تاريخ دمشق الحديث، بدت جميعها كما سابقاتها من أعمال البيئة الشامية التي تتناول مشكلات الحارة بالاستناد إلى مبرر درامي لعرض الأحداث، غالباً ما يكون شماعة المحتل، الفرنسي أو العثماني، كما في "الكندوش" و"حارة القبة".

الأعمال الاجتماعية

للأعمال الاجتماعية السورية في هذا الموسم نصيب وافر من الإنتاج، لكن كما غيرها، بدت ضعيفة وقليلة الإتقان، ويمكن تصنيفها من فئة الأعمال الخفيفة الهادفة فقط لملء الفراغ الكمي، فلم تسجل مسلسلات "على صفيح ساخن" و"خريف العشاق" و"ضيوف على الحب" و"بعد عدة سنوات"، على سبيل المثال، حضوراً إبداعياً معهوداً للدراما السورية في هذا المجال.

ورغم أن العمل الأخير حظي بترويج إعلامي كبير مهد له على أنه عمل الموسم من قبل الجهة المنتجة، "المؤسسة العامة للإنتاج الإذاعي والتلفزيوني" الحكومية السورية، إلا أنه وبعد عرض 15 حلقة منه، ظهر بأخطاء قاتلة إخراجاً ونصاً وحتى على صعيد المونتاج، فحضرت الانفعالات غير المبررة المصحوبة بحوارات طويلة ومملة وغير منطقية مع الأحداث. في حين يعتقد أن المسلسل لم يستعن بخبير أزياء وملابس نظراً لاستخدام أزياء عصرية للممثلين لا تتناسب مع الفترة التي تناول معظم أجزائها المسلسل، وهي نهاية الثمانينيات وبداية تسعينيات القرن الماضي، بالإضافة لغيرها من الأخطاء، رغم جودة الفكرة التي انطلق منها العمل.

كارثة الكوميديا

لا أعمال كوميديا في هذا الموسم يمكن تصنيفها في إطار الكوميديا الحقيقية والخلاقة التي عادة ما تنتجها الدراما السورية، فقد اقتصر هذا الموسم على مسلسل "سنة ثانية زواج" الذي يعد استمراراً للعمل الذي عرض في العام 2017 تحت اسم "سنة أولى زواج"، لم يحمل إلا المزيد من التهريج والتفاهة التي كانت حاضرة في جزئه الأول، وحتى العمل المشترك السوري – اللبناني "رجال تحت الإقامة الجبرية"، لم يكن بمستوى أفضل، لتكون الكوميديا كارثة في هذا الموسم على غير المعتاد.

سينما ودراما
التحديثات الحية

وغابت أعمال الكوميديا الساخرة التي تتناول جوانب اجتماعية وسياسية نظراً لغياب كتاب هذا النوع من الكوميديا عن الساحة بسبب ظروف الإنتاج الآخذة بالانحدار لصالح أعمال كوميدية أقرب لتصنيفها بإطار التهريج، أبطالها كومبارس، وكتابها عديمو الموهبة في هذا النمط.

مقارنة مشروعة

عموماً ظهر الموسم الحالي كسابقه من حيث النوع والجودة، في حين حضر الكم من دون تسجيل أي علامة فارقة لأي عمل يمكن أن يجبر الجمهور أو النقاد على الاهتمام به ومتابعته لالتماس شيء جديد مختلف عن السابق. جاءت المواضيع هذا الموسم مكررة وتم إخراجها كي تناسب احتياجات السوق.

سينما ودراما
التحديثات الحية

هذا الانطباع عن الموسم الحالي، يدعنا نسجل ظاهرة جديدة حضرت هذا العام على مستوى الدراما السورية، إذ حظيت الأعمال التي عرضت خارج الموسم الرمضاني الحالي، وقبله على وجه التحديد، بإعجاب الجمهور والنقاد. على سبيل المثال، حقق مسلسل "قيد مجهول"، للنجمين باسل خياط وعبد المنعم عمايري، مشاهدات كبيرة وتفاعلاً عالياً من الجمهور والنقاد على حد سواء، لجهة أداء الممثلين، وحتى الإخراج للسدير مسعود والنص لمحمد أبو لبن ولواء يازجي. كما سجلت العديد من الأعمال التي عُرِضَت على شكل عشاريات وسباعيات وحتى 15 حلقة، وخرجت عن إطار العرض التقليدي على التلفزيون بالتوجه إلى المنصات الإلكترونية، حضوراً مميزاً يدعنا أمام حالة جديدة، قد تسحب من خلالها أعمال "خارج الموسم الرمضاني" البساط من تحت أقدام أعمال الموسم كما كان تقليدياً. وربما تتبلور هذه الظاهرة بشكل أكبر في الموسم المقبل، رغم ملاحظتها في هذا العام أو هذا الموسم.

المساهمون