عبد المنعم عمايري... "جوكر" الدراما السورية

لا يمكن حتى الآن، إطلاق أيّ حكم نقدي نهائي على مسلسل "قيد مجهول" من نص محمد أبو لبن ولواء اليازجي، وإخراج السدير مسعود، والذي ما زال في فترة العرض على شاشة OSN. لكن، بالإمكان القول عن الحلقات الأولى بأنّها تنقل أجواء الدراما السورية من واقعها التقليدي إلى عوالم أكثر انفتاحاً من جهة التغيير في زاوية التناول، والأفكار المطروحة بشكل جديد، والتقنيات المستخدمة في التصوير. كما أنَّ مسعودا يحاول التقاط التفاصيل الصغيرة وتحويلها إلى دراما واقعيّة، رغم المشاكل التي أخّرت العمل لأشهر طويلة.

قد يكون اختيار لبنان كمكان لتصوير "قيد مجهول" قد فتح نافذة للمخرج الشاب الذي يحاول أن يضفي بصمته على الدراما السورية. كما أنَّ المنتج محمد مشيش كسب الرهان هذه المرّة، علمًا أنّ أعماله عادة ما تنجح في اكتساب قيمة جديدة من ناحية الطرح والتناول. كمحاولة أولى لقراءة "قيد مجهول"، يتبيَّن أنّ النص، ورغم بعض الضعف الذي يعانيه، يطرح روايات يومية من حياة مجموعة بسيطة من الناس، في قالب لا يخلو من التشويق. 

والواضح أن ثمّة قراراً في منح الحق كاملاً للممثل السوري عبد المنعم عمايري كلاعب حر تماماً في مواجهة زملائه، وأولهم باسل الخياط. يتناول المسلسل جريمة قتل تودي بحياة أحد النافذين في السلطة، ممن يمتلكون علاقات نسائيّة متعددة. كان من المفترض أنّ تتحوّل هذه الحادثة إلى القصّة الرئيسيّة في المسلسل القصير المؤلف من 8 حلقات، لكن، سرعان ما يخطف عمايري الأضواء في دور معقد يمتصّه بالكامل. يلعب عمايري دور ربّ أسرة مؤلّفة من زوجة وطفلة، ويحاول قصارى جهده تحسين وضعه المالي والمجتمعي من دون جدوى. لاحقاً، يقع عمايري فريسة سهلة في يد نصاب يستغل طيبته ويسعى لتوريطه.

سينما ودراما

التحديثات الحية

باسل خياط... نجم كل المواسم

يحاول العمايري استعادة جوهر مشاعره الخاصة في مواجهة فعل الشخصية المضادة التي يعيشها. شكوك كثيرة تسكنه في المشهد الأول، إذ يتمسّك بالعاطفة التي تحكم الدور، ثم يتجه إلى اللحظات العاطفية، خصوصاً أثناء بحثه عن خيانة زوجته له. كما يصور العمل سعيه من أجل شراء "سكوتر" لطفلته، وهو الطلب الذي يتحول بمرور الوقت إلى حلمٍ صعب المنال. كلّ ذلك يختزله العمايري في تعامله مع صديقه النصاب، ورفضه بداية المغريات التي يقدمها له، ثم ينساق وراء الطمع أمام الهواجس الكثيرة التي تُصعّب حياته وتجعل تحقيق أحلام ابنته مستحيلاً.

في الشكل والمضمون ينجح عمايري في العبور إلى عالم "المونودراما" وينقل، بخبرة سنوات، لحظات انفعال صادق إلى المتلقي بجهد بسيط. ولا شكّ في أنّ تجاوزه للرواية في مشاهد كثيرة قلّل من هفوات بعض زملائه، كرتابة تحقيق الممثل إيهاب شعبان الذي يتولى الكشف عن جريمة مقتل الرجل النافذ، وغيرها من الأمور التي تطراً في "قيد مجهول" على مساحة الدراما السورية، وتخرجها عن قاعدتها المتعارف عليها هذه المرة. لا يختلف الزمن في "قيد مجهول" رغم أنّه افتراضي خيالي، عن الواقع اليومي المعاش فقط، بل يسعى من خلال ما عرض إلى انقلاب جزئي في تطور الدراما الخاصة بالمنصّات والحلقات المعدودة، وكسب مزيد من النجاحات في حال وظَّفت الممثل لصالح العمل والعكس صحيح.