الأسد يجمع الفنانين بقصره ويخرّب متعة الدراما الرمضانية

الأسد يجمع الفنانين بقصره ويخرّب متعة الدراما الرمضانية

12 مارس 2024
نشرت صفحة رئاسة الجمهورية السورية لقطات من اللقاء عبر منصات التواصل (إكس)
+ الخط -

استقبل السوريون شهر رمضان هذه السنة بفيديو وصور صادمة توثّق لقاء جمع الرئيس بشار الأسد بمجموعة من الممثلين الموالين والرماديين، لتملأ هذه الصور فضاء مواقع التواصل الاجتماعي في اليوم الأول من رمضان، ولتخلق نقاشات بين السوريين حول انعدام إمكانية فصل السياسة عن الفن في بلد مثل سورية وعن خيبات أمل الجمهور بالفنانين السوريين، بدلاً من النقاشات المعهودة بهذا اليوم حول الانطباعات الأولى عن المسلسلات الرمضانية، ليبدو أن الرئيس الأسد قد أفسد متعة الموسم الرمضاني على السوريين، التي قد تكون الأفيون الوحيد لشريحة واسعة منهم اليوم، في ظل تدهور الأوضاع الاقتصادية والأمنية في ظل حكمه.

الدراما السورية هي المنتج السوري الوطني الوحيد الذي نجح السوريون بتصديره في ظل حكم الأسد، الأب والابن، وتتمتع بشعبية كبيرة في مختلف أنحاء العالم العربي، ولكن نظام الأسد استثمرها بشكل رديء، مرّة تلو الأخرى، كسلاح ناعم في حربه ضد الشعب السوري، ليتسبب بتراجع شعبيتها محلياً وعربياً.

ولم ينجُ من الدراما السورية سوى النجوم الذين حرصوا على تخطي الانقسامات السياسية بأعمالهم، والذين غالباً ما هجروا الدراما السورية المحلية إلى أعمال اندرجت بخانة الدراما العربية المشتركة، لكن يبدو أن بعض هؤلاء قد وقعوا بمصيدة الأسد هذه المرة، فهل يتسبب بفقدانهم شعبيتهم؟ 

السؤال الذي يجب أن نسأله قبل إطلاق الأحكام على الفنانين السوريين الذين ظهروا بالفيديو والصور: هل يستطيع الفنان السوري أن يرفض دعوة لمُقابلة بشار الأسد إذا ما وجهت إليه في سورية؟ وهل حقًا كانوا سعيدين بهذا اللقاء؟ لو كانوا كذلك فعلاً، لكانوا شاركوا الصورة التي نشرتها صفحة رئاسة الجمهورية وتفاخروا بها، أو التقطوا صور سيلفي تجمعهم به ونشروها على مواقع التواصل الاجتماعي. لكن مُعظم الحاضرين في اللقاء لم ينشروا شيئا، بمن فيهم بسام كوسا وعباس النوري، اللذان اختارهما الأسد ليجلسا بجواره، وذلك لأن غالبية الفنانين يدركون جيداً أن اللقاء برأس النظام سيُلحق بهم الضرر ويؤثر بشكل سلبي على شعبيتهم، تحديداً الفنانين الرماديين الذين لطالما حرصوا على الالتزام بالحياد، مثل تيم حسن وسامر إسماعيل وسامر البرقاوي.

الوحيدون الذين شاركوا صور اللقاء بالأسد وعبروا عن سعادتهم به، هم الفنانون المعروفون مُسبقاً بالولاء المطلق للنظام، وهم خمسة فقط من بين كل الحاضرين: رشا شربتجي وسوزان نجم الدين وباسم ياخور وقصي خولي وخالد القيش، وذلك إن دلّ على شيء، فهو يدل أن اللقاء لم يُحدث أي تغيير ولم يترك أي أثر.

الجدير بالذكر أن الفيديو الوحيد الذي سُرّب من اللقاء هو فيديو صامت، تُرافقه موسيقى ملحمية تُشبه ثيمات الدراما الملحمية كمسلسل "غيم أوف ثرونز"، ليبقى الحديث الذي دار بين الأسد والفنانين لُغزاً يصعب تفسيره. ولكن ما يمكن الجزم به أن الحوار لن يكون له أي دور إيجابي بإيجاد حلول لأزمات الشعب السوري أو حتى العاملين في القطاع الفني، ولن يُساهم هذا اللقاء بدفع عجلة الدراما السورية نحو الأمام، بل ربّما سيؤدي اللقاء دوراً عكسياً ويُعطل سوق الدراما السورية مجدداً ويضر صناعتها، ولاسيما أنها بالكاد خرجت في الأعوام الثلاثة الأخيرة من النفق المظلم الذي وضعتها فيه ماكينة الإعلام السوري عندما أثقلتها بالرسائل السياسية المباشرة التي جعلت معظم القنوات العربية تعزف عن عرضها.

الأسد الذي عاد لعزلته الدولية مجدداً يبدو كالفاكهة الفاسدة، التي تُفسد أي شيء يوضع بجانبها، ولقاء الأسد بالفنانين سيلقي بظلاله السلبية عليهم وسيفسد على الجمهور متعة المسلسلات الرمضانية التي تُعرض خلال الموسم الحالي، فكيف سنقتنع مثلاً بأفكار مسلسل "تاج" ذات التوجه الثوري بعد مشاهدة أبطال المسلسل ومخرجه في ضيافة الأسد؟ وأسوأ ما في الأمر أن الأسد يبدو وكأنه يتعمد استفزاز الشارع السوري، إذ إن رمضان هذا العام يتزامن مع الذكرى الثالثة عشرة للثورة السورية، ومع استمرار المظاهرات الرافضة لحكم الأسد في السويداء.

المساهمون