صيام رمضان... نصائح "ذهبية" لعادات غذائية سليمة

صيام رمضان... نصائح "ذهبية" لعادات غذائية سليمة

12 مارس 2024
تنحصر فترة تناول الطعام بين 8 و10 ساعات خلال رمضان (كريم صاحب/فرانس برس)
+ الخط -

يشكل شهر رمضان مناسبة خاصة بالنسبة إلى المسلمين في أنحاء العالم، فهو شهر المغفرة والتوبة والتقرب إلى الله. وعادة يمارس المسلمون البالغون الأصحاء الصيام اليومي من الفجر حتى غروب الشمس، أي نحو 14 ساعة، وينقطعون عن تناول المأكولات والمشروبات. وتقليدياً، يفطر المرء عند غروب الشمس، ثم يأكل مرة أخرى في السحور قبل الفجر، ما يعني أن فترة تناول الطعام تنحصر بين 8 و10 ساعات كأقصى حد، وهذه فترة ضيّقة نسبياً لتناول الكثير من الأطعمة.
يرى اختصاصي الصحة العامة محمد العتر، في حديثه لـ "العربي الجديد"، أن "شهر رمضان يخلق فرصة جدية لتغيير العادات السيئة، خاصة إذا استطاع الصائم اتباع ما يطلق عليها النصائح الذهبية. يصوم المسلم أكثر من 12 ساعة يومياً، ما يخفّض نسبة السوائل في الجسم ويتسبب في حصول جفاف، وبالتالي تتعلق أولى النصائح الذهبية بتناول نحو 8 أكواب من الماء بين فترتي الإفطار والإمساك، فتناول كميات من الماء يساعد في ترطيب خلايا الجسم، ويسمح للأنسجة بالعمل في شكل سليم خلال الصيام، كما أن الجسم يفقد الكثير من المعادن خلال فترة الصيام، لذا من المهم تناول المياه المعدنية لتعويض هذا النقص".
يضيف: "تتعلّق النصيحة الثانية بتناول أطباق خفيفة مليئة بالسوائل والألياف، والتوقف عن تناول كل الوجبة لمدة ساعة أو ساعتين كي ينفذ الجهاز الهضمي دوره من دون مشاكل، لذا يُنصح بتناول الحساء الخفيف وبعض المشروبات الساخنة، أو أطباق بسيطة، ثم التوقف عن الأكل ساعتين على الأقل".

احرصوا على تناول نحو 8 أكواب من الماء بين فترتي الإفطار والإمساك

ويشير العتر إلى أن "الجهاز الهضمي غير قادر على امتصاص كميات كبيرة من الطعام دفعة واحدة بعد ساعات طويلة من الصيام، وإلا قد يؤدي ذلك إلى حصول ارتباك معوي ومشاكل عسر هضم، إضافة إلى أوجاع في المعدة. أما النصيحة الثالثة والأهم فتتعلق بتناول وجبة السحور التي يفوتها كثير من الصائمين رغم أنها مهمة لمد الجسم بالطاقة المطلوبة للصيام ساعات طويلة. وبالنسبة إلى الموظفين أو الطلاب يساعد تناول وجبة السحور التي تحتوي على البروتين والألياف وحصة من الفاكهة في دعم الجسم خلال الصيام وإبقاء الجهاز العصبي والدماغ في حالة تنبّه ويقظة، وننصح بتناول وجبة خفيفة، إضافة إلى حصة من الفاكهة، مثل التفاح أو الموز، لمد الجسم بالطاقة، لأن هذه الفواكه تحتوي على البوتاسيوم والكالسيوم الضروريين للجسم".
وترى اختصاصية التغذية مي هاشم، في حديثها لـ"العربي الجديد"، أن "شهر رمضان يشكل فرصة حقيقية لتغيير الأنماط الغذائية السيئة وبدء برنامج غذائي صحي ومتوازن. ومن المهم اعتبار شهر رمضان فرصة للتخلص من تناول السكريات والمعجنات والأطعمة المشبعة بالدهون. ويمكن للصائمين الذين يحاولون اتباع نظام صحي متوازن تقسيم وجبة الإفطار إلى جزأين، ثم تناول وجبة سحور خفيفة باتباع قاعدة 3-3-3 أو 2-2-2". 

وجبة السحور مهمة لمد الجسم بالطاقة خلال ساعات الصيام الطويلة

وتشرح مي هذه القاعدة بالقول: "إذا كانت فترة الطعام المسموح بها 9 ساعات، من وقت الإفطار إلى السحور، يُستحسن تقسيم الوجبات إلى ثلاث، أما إذا كانت أقل فيمكن اتباع قاعدة الساعتين. وعلى سبيل المثال يمكن تناول الحساء وبعض الخضار عند بدء الإفطار الساعة السادسة مساء، ثم التوقف عن تناول الطعام ثلاث ساعات، وبعدها تناول وجبة بروتين وبعض الخضار، والتوقف ثلاث ساعات قبل وجبة السحور. وخلال هذه الفترات، يمكن تناول القهوة والشاي أو الأعشاب من دون سكر، وبطريقة منتظمة. وهذا الروتين يساعد في استيعاب الجسم للأطعمة وهضمها، وإفادته من المعادن والفيتامينات".
ومن المهم خلال شهر رمضان تنويع اختيار الأطعمة والأغذية، وبالتالي. ولا بدّ بحسب محمد ومي من تناول وجبة بروتين، أكانت شرائح لحوم أو دجاج أو بقوليات، فالبروتين يمد الجسم بالطاقة ويمنع حصول مضاعفات سلبية للصائم، مثل الهذيان والتعب والإرهاق. ويشدد محمد على أهمية الإكثار من تناول الخضار والشوفان، لأنها مصدر غني بالألياف، وتساعد في تخليص الجسم من أمراض الإمساك والنفخة.

الصورة
تتنوع المائدة الرمضانية بحسب التقاليد والعادات (كارمن عبد علي/ فرانس برس)
تتنوع المائدة الرمضانية بحسب التقاليد والعادات (كارمن عبد علي/فرانس برس)

كما تنصح مي بتناول الأطعمة التي تحتوي على فيتامينات، وتحديداً فيتامين "سي"، مثل الفراولة والليمون، إضافة إلى الورقيات مثل السبانخ والهندباء والبقدونس وغيرها.
أما بالنسبة إلى الدهون فينصح الخبراء بتناول دهون صحية، مثل اللوز والجوز، التي تدعم صحة الدماغ والقلب، وتعتبر من العناصر الأساسية التي لا بدّ من الاعتماد عليها خلال شهر رمضان.
وتنصح مي أيضاً بضرورة الابتعاد عن تناول المأكولات المشبّعة بالدهون، مثل الأطعمة الجاهزة والسريعة، أو تلك المقلية والتي تحتوي على زيوت مهدرجة، "لأن تناول هذه الوجبات على معدة فارغة يتسبب في مشاكل بالجهاز الهضمي، ويمنع الصائم من عناصر غذائية أساسية قد تمنعه من إكمال صيام شهر رمضان". 
إلى ذلك، تنصح مي بالتوازن في تناول الأطعمة التي تحتوي على الحلويات، وتقول: "تتنوع المائدة الرمضانية بحسب التقاليد والعادات، ويجري تخصيص الحلويات كجزء من التراث الرمضاني، ما يجعل الصائم فير قادر على مقاومة هذه المغريات، لذا من المستحسن تناول قطعة واحدة بدلاً من كميات كبيرة، أي بين 50 غراماً و100 غرام، وذلك مرتين أسبوعياً على الأكثر".
وترى مي أنه "من الأفضل بالنسبة إلى الصائم تناول السكر الطبيعي في الفاكهة، علماً أن تناول حصة أو حتى حصتين من الفاكهة بمعدل 100 غرام يومياً يؤثر إيجاباً في الصحة، بدلاً من السكر المكرر.
وبالنسبة إلى وجبات السحور، ترى مي أنه من المهم الابتعاد عن المعجنات لأنها تتسبب في حصول عطش، لذا من المفضل تناول فاكهة مثل البطيخ والليمون، أو حتى الشوفان والحليب واللبن.
وعموماً تنصح مراكز صحية بالصوم لإزالة السموم من الجسم وتقوية جهاز المناعة وضبط ضغط الدم والكوليسترول. وأظهرت دراسة أن النظام الغذائي المتبع في الصيام الذي يعتمد على تقليل السعرات الحرارية التي يتناولها الأشخاص بنسبة تصل إلى النصف، يُبطئ الشيخوخة، كما تؤكد دراسات عدة أنّ قياس سرعة الشيخوخة لا يُحسب بعدد سنوات العمر، وتشير إلى أن الحفاظ على خلايا صحية يساهم في إبطاء الشيخوخة.

صحة
التحديثات الحية

ويساهم الصيام في تأخير الإصابة بمرض ألزهايمر وغيره، ويقضي على الخلايا الميتة ويحفّز على توليد خلايا جديدة. وتنصح الكثير من المراكز الطبية في أوروبا بتنفيذ صيام متقطع لأنه يقلّل بشكل عام من نسبة الأمراض السرطانية والالتهابات وغيرها، علماً أنه يعزز أيضاً مقاومة الخلايا العصبية لأنواع مختلفة من الإجهاد، التي يعتقدون أنها تتسبب في اضطرابات كثيرة، مثل الإجهاد التأكسدي والإجهاد الأيضي.
وفي تسعينيات القرن الماضي، وجد الباحث في علم الحيوان مارك ماتسون، أستاذ علم الأعصاب في كلية الطب بجامعة "جونز هوبكنز"، أنّ الطريقة الوحيدة لإبطاء عملية الشيخوخة التي تزيد من خطر بعض الأمراض مثل ألزهايمر وباركنسون والسكتة الدماغية، هي تقليص استهلاكهم الطاقة. 
وفي حال اتباع نظام غذائي متوازن، يخفّض الصيام الوزن ونسبة الشحوم في الدم والكوليسترول، لذا يعتبر فرصة جيدة للتغيير على المستويين النفسي والبدني، وبالتالي قد يكون خطوة لتغيير دائم نحو عادات غذائية وحياتية يومية أكثر صحة لجسم الإنسان".

المساهمون