إعلام لبنان أمام تحدي العدالة في انفجار مرفأ بيروت

إعلام لبنان أمام تحدي العدالة في انفجار مرفأ بيروت

26 أكتوبر 2021
المؤتمر بعنوان "حرية التعبير والإعلام وتحدي العدالة في جريمة مرفأ بيروت" (حسين بيضون)
+ الخط -

لعبت بعض وسائل الإعلام في لبنان دوراً مساهماً في تقويض الحقيقة والعدالة بقضية تفجير مرفأ بيروت والترويج للشكِّ بنزاهة المحقق العدلي، القاضي طارق البيطار، وتكريس سياسة الإفلات من العقاب، الأمر الذي دفع تحالف "حرية الرأي والتعبير" و"ائتلاف استقلالية القضاء" إلى رفع الصوت عالياً، خصوصاً بالتزامن مع تنامي الخطاب التحريضي الممنهج.

وأكدت إيلدا غصين، من "تجمّع نقابة الصحافة البديلة"، أن "دولة القانون وإحقاق العدالة لا يمكن أن تتحقق من دون قضاء مستقلّ وإعلام مستقل يواكب الملفات القضائية بطريقة مهنية وينقل المعلومات إلى الرأي العام بدقة بعيداً عن الأجندات السياسية لتعزيز الثقة بالقضاء عوضاً عن بثِّ الأخبار المضللة والمفبركة وتأليه مقامات سياسية يطلب القضاء استجوابها أو محاسبتها".

ويأتي المؤتمر، اليوم الثلاثاء، تحت عنوان "حرية التعبير والإعلام وتحدي العدالة في جريمة مرفأ بيروت"، في ظلّ وجود جوٍّ من التخوين والتحريض يطاول وجوهاً مستقلة تقدّم خطاباً بديلاً وتدعو من خلاله إلى المحاسبة وترسيخ دولة القانون، بحسب ما تؤكد غصين، وكذلك تزامناً مع تنامي الخطاب التحريضي الممنهج الذي يشكك بعمل القضاء ويقوض استقلاليته ويرسخ الإفلات من العقاب وغياب دولة القانون.

من جهته، قال المسؤول الإعلامي لمؤسسة سمير قصير "سكايز" للحريات الإعلامية والثقافية جاد شحرور إن "السلطة السياسية تستخدم الصوت والصورة كأداة أساسية لتنقضّ على ملف بحجم جريمة مرفأ بيروت".

وشدد شحرور على أن هذه ليست المرة الأولى التي تعتمد فيها السلطة السياسية الأساليب نفسها والأدوات ذاتها، وهي التي تضع يدها على الإعلام ومن خلال مواقع التواصل الاجتماعي ومؤثرات ومؤثرين على هذه المنصات والجيوش الإلكترونية والمحللين السياسيين والصحافيين المعروفي الانتماء السياسي، وذلك أيضاً لتبرير أي حدث أمني قد يحصل في صالح هذا الحزب أو ذاك التنظيم السياسي، وهو ما حدث أخيراً في قضية اغتيال الناشط السياسي لقمان سليم وتفجير المرفأ.

وأكد شحرور أن "معركة الحريات ليست منفصلة عن معركة استقلالية القضاء، والاستقرار يكون موجوداً وقائماً مع وجود حريات".

من جهته، أشار محامي مؤسسة "مهارات" طوني مخايل (ألقى كلمة تحالف حرية التعبير)، إلى أن "متابعة المسار القضائي على حساسيته دفع صحافيين ووسائل إعلامية إلى الانزلاق سريعاً نحو تبني خطاب التحريض الذي تقوده جهات سياسية فاعلة بهدف توقيف هذا المسار وضرب أي مبادرة لتحقيق العدالة".

وعدّد مخايل بعض المسؤوليات الأخلاقية والاجتماعية والقانونية المفروضة على وسائل الإعلام التي تحتم ضمان التغطية النزيهة لمسار التحقيق القضائي بعيداً عن التجاذبات والأجندات السياسية الساعية إلى عرقلة التحقيق في القضية، منها الحرص على مسار التحقيق وعدم تقديم معلومات غير متحقق منها أو تأتي في سياق السبق الصحافي التي قد تؤثر سلباً في مساره، وتتبع المسار القضائي وإطلاع الرأي العام على مختلف المعلومات المتوفرة في القضية مع احترام حقوق الأشخاص وحريتهم الفردية ومبدأ سرية التحقيق وقرينة البراءة.

ومن المسؤوليات أيضاً، يقول مخايل: "عدم الكشف عن أي معلومات سرية تأتي في إطار التحقيق القضائي قبل أوانها ما لم تقتض المصلحة العامة كشفها، عدم شنّ حملات إعلامية مبرمجة ومسيسة ضد القضاة من خلال ممارسة حرية التعبير بشكل مفرط يؤدي إلى انتهاك استقلالية القضاء بشكل خطير، تجنب فتح الهواء للتحريض والمشاركة في حملات التضليل وفبركة الأخبار حول مسار التحقيق وشخص المحقق العدلي وشيطنة دوره وعمله وتلفيق الأخبار لترهيبه وثنيه عن متابعة مسار العدالة".

إلى جانب "وضع المعلومات في سياقها بعيداً عن التأويلات والتكهنات بما يضرّ بمسار التحقيق، الإشارة إلى مكامن الخلل والثغرات في القضية والابتعاد عن الحلول محل القاضي والحكم بدلاً منه، وتجنب استخدام الإعلام للضغط على نظام العدالة من أي جهة كانت".

وألقت المحامية غيدة فرنجية كلمة "ائتلاف استقلال القضاء في لبنان"، مشيرةً إلى أنه "منذ أن وجّه القاضي طارق البيطار طلبات لرفع الحصانات عن نواب وقادة أجهزة أمنية وأصرّ على صلاحيته بملاحقة وزراء سابقين، رأينا إطلاق حملة ممنهجة ضدّه تصاعدت تدريجياً وعلى مستويات عدّة وصلت إلى حدِّ التشكيك باستقلاليته والإيحاء بأن استمراره في منصبه يشكل بحد ذاته فتنة قادرة على إشعال حرب أهلية".

ولفتت فرنجية إلى أن "هذه الحملة الممنهجة ترافقت مع مناورات احتيالية تفنَّنت بها القوى الحاكمة للإفلات من العقاب والتشويش على التحقيق وعرقلته، ومن أبرزها تزوير مواد النظام الداخلي لمجلس النواب، طلب اتهام الوزراء السابقين أمام محكمة مُتخيَّلة، رفض منح الإذن بملاحقة القادة الأمنيين، تمنّع وزير الداخلية عن إجراء التبليغات من خلال قوى الأمن الداخلي، بالإضافة إلى تواطؤ النيابة العامة التمييزية مع القوى الحاكمة ورفضها تنفيذ قرارات المحقق العدلي بما يهدد بشلّ التحقيق بأكمله".

وطالبت ريما زاهد، من لجنة أهالي ضحايا انفجار مرفأ بيروت، وزير الداخلية بمعاملة ملف الانفجار كباقي الملفات باستدعاء المدعى عليهم من قبل الضابطة العدلية وإعطاء الإذن بملاحقة المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم، والمجلس الأعلى للدفاع بإعطاء الإذن لملاحقة مدير عام أمن الدولة اللواء طوني صليبا، كما طالبت المدعي العام التمييزي بالقيام بدوره الحقيقي أمام الضحايا بمحاسبة بعض القضاة الذين تم استدعاؤهم من قبل المحقق العدلي.

المساهمون