من طقس ديني إلى أداة لمبايعة السيسي..كيف تطوّر الرقص؟

من طقس ديني إلى أداة لمبايعة السيسي: كيف تطوّر الرقص عبر التاريخ؟

29 مارس 2018
ظهر أقدم دليل في كهوف الهند (يليبو ألفيرو/ Getty)
+ الخط -
يحب البشر الرقص في المناسبات والطقوس والأفراح، وترتبط ثقافات بشرية كاملة بالرقص. وفي الأيام الثلاثة الماضية، عاد الحديث بكثافة عن الرقص، وإن بطريقة ساخرة، وذلك تزامناً مع الانتخابات الرئاسية المصرية، إذ تجمّعت نساء مصريات أمام عدد كبير من اللجان الانتخابية، راقصات على أنغام أغانٍ مصنّفة وطنية ورافعات صور السيسي. 


لكن قبل أن يتحوّل الرقص إلى طريقة مبايعة لحاكم دكتاتور، كان لسنوات تعبيراً عن عادات وتقاليد مختلفة. ووفق موقع "دينس فاكتس"، المتخصص في جذور الرقص، فقد رافقت الرقصات الطقوس القديمة والتجمّعات الروحية والمناسبات الاجتماعية، ويمتد تاريخ أقدم الأدلة على ممارسته إلى 9 آلاف سنة.

 أول الأدلة من الهند

أقدم دليل على وجود الرقص يأتي من لوحات الكهوف القديمة التي يرجع تاريخها إلى 9 آلاف عام، والتي تم العثور عليها في الهند، وتصور مشاهد مختلفة من الصيد والولادة والطقوس الدينية والدفن، والأهم من ذلك: الشرب والرقص. ولم يكتفِ العلماء بالرسومات، بل بحثوا كذلك عن أدلة ثانوية وكتب ونحوت حجرية ولوحات وأعمال فنية مشابهة، وهو ما مكّنهم من الوصول إلى الألفية الثالثة قبل الميلاد، حيث كان الرقص منتشراً.

طقوس مصر واليونان والهندوس

في تلك الفترة بدأ المصريون في استخدام الرقص كجزء لا يتجزّأ من احتفالاتهم الدينية، بحسب لوحات المقابر الكثيرة، واستخدم الكهنة المصريون آلات موسيقية وراقصين لتقليد الأحداث المهمة وقصص الآلهة والأنماط الكونية للنجوم والشمس المتحركة. 

واستمرّ هذا التقليد في اليونان القديمة، حيث كان يتم استخدام الرقص بشكل منتظم ومفتوح للجمهور، وهو ما أدى في النهاية إلى ولادة المسرح اليوناني الشهير في القرن السادس قبل الميلاد. وتوضح اللوحات القديمة العديد من طقوس الرقص في الثقافة اليونانية، وأبرزها الطقوس التي تسبق بداية كل دورة ألعاب أولمبية.

ومع مرور القرون، قامت العديد من الديانات الأخرى بدمج الرقص في صميم طقوسها، مثل الرقص الهندوسي "براتا ناتيام" الذي لا يزال موجوداً اليوم.

 

الرقص ليس للدين فقط

لم تكن جميع الرقصات في تلك العصور القديمة لأغراض دينية، بل استخدم الناس العاديون الرقص للاحتفال والترفيه والإغراء والحث على الشعور بالابتهاج. 

وكان هناك احتفال سنوي على شرف إله النبيذ اليوناني ديونيسوس، والإله الروماني باكوس لاحقاً، يشمل الرقص والشرب لأيام عدة، وأظهرت لوحة مصرية قديمة تعود إلى عام 1400 قبل الميلاد مجموعة من الفتيات اللواتي يرتدين ملابس ضيقة ويرقصن أمام حشد من الأغنياء الذكور يرافقهن الموسيقيون.

  

من عصر النهضة إلى اليوم 

استمرّ هذا النوع من الترفيه حتى حقبة القرون الوسطى وبداية عصر النهضة عندما أصبح الباليه جزءاً لا يتجزأ من حياة الطبقة الغنية. ولم تكن الرقصات الأوروبية قبل بداية عصر النهضة موثقة على نطاق واسع، ولم يتبقَ اليوم سوى القليل من الشظايا المعزولة كدليل على وجودها. 

وكان معظم الرقصات التي تمارسها العامة يتخذ شكل سلسلة، وكانت الأكثر انتشاراً في أنحاء أوروبا، لكن ظهور أشكال جديدة من الموسيقى في عصر النهضة جلب العديد من الأنماط الأخرى في الأزياء.

وسرعان ما تم تخطي رقصات عصر النهضة من إسبانيا وفرنسا وإيطاليا من قبل الرقصات الباروكية التي أصبحت شائعة على نطاق واسع في فرنسا وبريطانيا.

وبعد نهاية الثورة الفرنسية، ظهرت العديد من أنواع الرقصات الجديدة، مع التركيز على الملابس النسائية الأقل تقييداً والميل إلى القفز، وسرعان ما أصبحت هذه الرقصات أكثر حيوية في عام 1844 مع بداية ما يسمى بـ"جنون البولكا الدولي" الذي جلب أيضاً أول ظهور للفالز. 

بعد فترة قصيرة من الزمن، بدأ عصر الرقص المكوّن من شخصين، ثم تلا ذلك اختراع العديد من الرقصات الحديثة، وأبرزها التانغو والسوينغ والهيب هوب والبريك دانس ورقصات أخرى حديثة... إلى أن وصلنا إلى الرقص أمام اللجان الانتخابية بشكل هستيري، غير مفهوم، تحديداً من قبل الطبقات الفقيرة التي تعاني بشكل مباشر من السياسيات الاقتصادية واستبداد النظام المصري.

(العربي الجديد)

دلالات

المساهمون