حصن صلاح الدين الأيوبي

حصن صلاح الدين الأيوبي

15 يونيو 2017
جرى ترميمها عام 1985( ريتشارد نوتيز -كوربس)
+ الخط -
على جزيرة فرعون في خليج العقبة، يقع حصن صلاح الدين الأيوبي، الذي لا يبعد عن الساحل المصري أكثر من 250 متراً فقط، وثمانية كيلومترات عن طاباً، ومبتعداً عن مدينة العقبة الأردنيّة 10 كيلومترات فقط. يحتلُّ الحصن جزيرة فرعون شمالي خليج العقبة، مطلاً على الحدود الفلسطينية والأردنية والسعودية، وجزيرة فرعون جزيرة صخرية ذات شكل طولي، وتحيطها الشعاب المرجانية من كافة جوانبها، وفيها صخور قاسية مرتفعة حادة الحواف، تستعصي على التسلق. وهي صغيرة المساحة لا تزيد عن 350 متراً طولاً و170 متراً عرضا. ويطلق عليها، أحياناً، جزيرة الشعاب أو جزيرة المرجان، وترجع تسميتها إلى الفرعون رمسيس الثاني، الذي كان أول من استخدمها لتأمين الدولة المصرية الفرعونية، هذا الموقع الفريد اختاره صلاح الدين الأيوبي، ليكون رأس حربة الدفاع عن المنطقة ضد الغزاة، وتأمين طريق قوافل الحج التي هددها الصليبيون أكثر من مرة.

شُيد الحصن في عهد صلاح الدين على قمتين بارزتين بالجزيرة، وأحيط بالأسوار وأبراج المراقبة والمتاريس وأماكن نصب المجانيق، وفي داخل القلعة انتشرت ثكنات الجنود ومخازن السلاح والمؤن. ويقال إن الحصن بُني على أنقاض قلعة بيزنطية قديمة.
بُني الحصن من الحجر الجرانيتي الموجود على الجزيرة، واستخدمت الطَفلة المنجرفة من السيول لتجميع الأحجار وتثبيتها. استمدَّ الحصن قوته من ارتفاع التل المقام عليه عن سطح البحر، وشدة انحداره، وصعوبة تسلقه. وأقيم السور الخارجي الذي يتخلله تسعة أبراج للحراسة كخطِّ دفاعٍ أوّل، تليه متاريس وتحصينات عليها 14 برجاً، من ضمنها برج الحمام الزاجل. وكل التحصينات فيها سور دفاعي، أيضاً، تتخللها أبراجٌ بها مزاغل لإطلاق السهام النارية لإحراق السفن المغيرة. وأخذت المزاغل شكلاً مثلثاً لصعوبة القضاء عليها وحماية من خلفها. وقد ارتفعت الأبراج ما بين طابق وطابقين فوق سطح الأسوار.
ويستمدُّ الحصن مياه الشرب من خزانين كبيرن كانا يعتمدان على تخزين مياه الأمطار، كما كانت تنقل إليهما المياه من البر عندما يقل المطر، ويوجد بالداخل مسجد للصلاة ملحق به حمام عام وحمام بخار. وعند إعادة ترميم الحصن، تمَّ اكتشاف اللوحة التأسيسية للمسجد، ومكتوب عليها بخط النسخ أن من شيد المسجد هو الأمير حسام الدين باجل بن حمدان، وتؤرخ لبناء المسجد في عام 557 هـ/ 1171م.
وبالداخل أيضاً، مخبز ومطعم، وعثر في الصوامع على بقايا قمح وشعير وعدس، ولضمان سرعة نقل الأخبار للقادة حول التهديدات التي تواجهها هذه القلعة أو المتجهة نحو المنطقة أو القوافل؛ استخدم الجند الحمام الزاجل، ولذا أقيمت حظائر في الداخل.
تذكر كتب التاريخ، أن الأمير أرناط، حاكم حصن الكرك، حاصر هذه القلعة/الحصن عام 1182م في محاولة منه لإغلاق أبواب التجارة في البحر الأحمر ضد المسلمين واحتكارها. وأرسلت الحامية الموجودة في الحصن رسائل بالحمام الزاجل إلى صلاح الدين الذي أرسل أخاه الملك العادل أبا بكر أيوب بأسطول كبير مع القائد البحري حسام الدين لؤلؤ، فحاصرا مراكب الغزاة وأحرقاها.
ظلت القلعة مهملة إلى حد كبير حتى جرى مشروع ترميم شامل لها عام 1985 بدعم من اليونسكو، إلى أن أعيد افتتاحها عام 1986، ومعها ما تم كشفه من آثار تعود إلى مؤسسها صلاح الدين الأيوبي، وتم تسجيل القلعة ضمن التراث العالمي لليونسكو عام 2003 نظراً لأهميتها التاريخية وقيمتها الثقافية.
ويدّعي باحثون صهاينة يهودية الجزيرة والقلعة، إذ نشر الصهيوني ألكسندر فلندر، مقالاً في دورية علمية يدّعي أنه قام بمسح أثري حول جزيرة فرعون عام 1968 واكتشف أن الجزيرة كانت ميناء قديما أيام نبي الله سليمان، وأن اسم الجزيرة هو عصيون المذكورة في التوراة. ودلل فلندر على مزاعمه، بأن السور الدفاعي المحيط بالجزيرة مكون من كتل حجرية ضخمة، وأن هذه طريقة يهودية معروفة في التحصين، كما زعم أن قطع الحديد المكتشفة بالجزيرة تعود لعصر الملوك الإسرائيليين الذين عرفوا نشاط صهر الحديد.



دلالات

المساهمون