موسوعة "غينس" وإعلام النظام السوري

موسوعة "غينس" وإعلام النظام السوري

05 مارس 2017
+ الخط -
منذ بدء الثورة السورية، انخفضت شعبية وأسهم القنوات السورية التابعة للنظام، ويعود السبب للنهج الإعلامي الذي اتبعته تلك القنوات، القائم على تزوير الحقائق، مما أدى إلى حظر بثها من معظم الأقمار الفضائية، وبالتالي تقلص وبشكل كبير عدد متابعيها:
حاولت تلك القنوات أن تلفت الأنظار إليها، وأن تكسب بعض الضجة الإعلامية من خلال خوض التحديات لدخول كتاب "غينيس" للأرقام القياسية:
والبداية كانت مع قناة "تلاقي" عام 2014، إذ استطاعت القناة دخول كتاب "غينيس" من خلال بثها 70 ساعة متواصلة، كأطول برنامج تلفزيوني حواري، قدمته المذيعتان أريج زيات ورين الميلع اللتان روج لهما النظام فيما بعد، ومثلاه في برنامج "الملكة". ولم يكن البرنامج مهتماً سوى بتحقيق الرقم القياسي وكسر الرقم السابق، المسجل باسم تلفزيون "النيبال"، فمحتوى ما قدم كان فارغاً، ولم ترد خلال سبعين ساعة من الحوار، أي جملة تثير اهتمام الجمهور من الداخل السوري أو خارجه، فالبرنامج كان عبارة عن حشو متواصل لا طائل منه.
وفور تحقيق الهدف، تم تسييس الموضوع، إذ صرَّح وزير الإعلام السوري، عمران الزعبي: "بأن ذلك انتصار كبير للإعلام الوطني"، في محاولة منه لإثبات الذات، وطبعاً لإيصال رسالة مفادها أن "سورية بخير".

واليوم تُعاد الكرة، ويشتعل هوس إعلام النظام لدخول "غينيس"، من بوابة إذاعة "فيوز أف أم" التي ينحصر بثها على الأراضي السورية. وأطلقت الإذاعة تحديا بدخول "غينيس" من خلال بث حي متواصل لأطول برنامج إذاعي حواري في العالم، تتجاوز مدته 81 ساعة، ويقدّمه الإعلامي راكان الخضري وإخراج معتز لكود. ومنذ الساعة الأولى للبث انهالت الانتقادات على البرنامج، واعتبره الجمهور، بمن فيهم موالو النظام السوري، بأنه عبارة عن برنامج للثرثرة المتواصلة لا أكثر.
وبرَّر القائمون على الإذاعة دخولهم التحدي، بأنهم لا يسعون للدخول في موسوعة "غينيس" وحسب، بل إن هدفهم أنبل، وهو دعم ملف ترشيح دمشق لتسجيلها ضمن شبكة المدن المبدعة لدى منظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم "يونيسكو". ولكن الجمهور أصبح يدرك اليوم، بأن تملق إدارة الإذاعة من النظام، لن تحميها من قرارات النظام الجائرة، ولا أحد يستبعد أن تتكرر تجربة قناة "تلاقي" في إغلاق محطة جديدة دخلت في "غينيس".

ونقلت القنوات الرسمية للنظام التحدي عبر شاشاتها، إذ أعطت للبرنامج الإذاعي ما يقارب ربع مساحة الشاشة، وعرضت الحدث الإذاعي بدون صوت، فشوهت مسلسلاتها، ولم يتثن للجمهور معرفة الأحاديث التي تدور في برنامجه المخصص لـ"غينيس".



المساهمون