"الفرن الملتهب"... سجن يحكي نضال الفيتناميين ضد الاستعمار

"الفرن الملتهب"... سجن يحكي نضال الفيتناميين ضد الاستعمار

هانوي

أحمد الداوودي

avata
أحمد الداوودي
15 ديسمبر 2017
+ الخط -
لطالما كانت الزنزانة قبراً للأحياء، وبيتاً لأحزانهم، خصوصاً إذا كان ذلك السجن مخصصاً من قبل دولة استعمار لاعتقال وتعذيب كل من يطالب بالحرية، ويسعى إلى استقلال بلاده.

سجن "هوا لو" في فيتنام واحد من أبشع السجون وأشدها قساوة في العالم، بناه واستعمله المستعمرون الفرنسيون للسجناء السياسيين الفيتناميين في نهايات القرن التاسع عشر، وتم الانتهاء الكامل من بنائه عام 1901.

تأتي أصل تسمية السجن من كلمة فيتنامية تعني "الفرن الملتهب"،  لتعكس حقيقته، فهو ملتهب بدرجات الحرارة العالية وبرائحة الموت التي تفوح في المكان، الذي كان يطاول المنادين بالاستقلال.

وما زال زائر هذا السجن، الذي تحول إلى متحف، يسمع أصوات المعذبين من المناضلين، إذ إن مكبرات الصوت هناك تعيد ترديد عذابات المساجين وآهاتهم، قبل أن يساقوا إلى مقصلة الموت والإعدام، التي اشتهر بها الفرنسيون.

تحمل جنبات "الفرن الملتهب"، بين طياتها، مشاهد التعذيب من خلال أشكال حجرية وشمعية حاكت الوضع المأساوي للمساجين، من الرجال والنساء بل وحتى الأطفال.

حوى هذا السجن، بين جدرانه القاسية، 400 شخص من نشطاء حركة استقلال فيتنام، ويقع "الفرن" في حي هانوي الذي أسسه الاستعمار الفرنسي، وتمت توسعته عام 1913 ليستوعب أكثر من 600 سجين، غير أن هذا الرقم ارتفع ليصل الى 2000 سجين بحلول عام 1954، وهو العام الذي هزم به الاستعمار الفرنسي بعد معركة ديان بيان فو التاريخية.

"الفرن الملتهب" تصوير أحمد الداوودي




الجائل بين جنبات السجن يلاحظ بوضوح أساليب التعذيب الفظيعة التي شملت الصعق بالكهرباء، والضرب والإهانة والإذلال من خلال جلب عوائل المسجونين وتعذيب أبنائهم أمامهم، والذي لم يستثنِ الأطفال والنساء، وصولا إلى مقصلة الموت التي قطعت رؤوس مئات المناضلين والأبرياء.

الزنزانات الانفرادية وسيلة تعذيب أخرى استخدمها الفرنسيون بكثرة، لكسر إرادة المناضلين، والذين كانوا يواجهون تهماً من قبيل تهديد الأمن القومي لفرنسا!

مع حلول عام 1954 وتحرير شمال فيتنام من الاستعمار الفرنسي، خضع السجن مؤقتاً لسيطرة الحكومة الفيتنامية، ولكن نيران الحرب ما لبثت أن اشتعلت مرة أخرى، مع القوة العالمية الأبرز وهي الولايات المتحدة، فأصبح السجن ما بين 5 أغسطس/آب 1964 إلى 29 مارس/آذار 1975 سجنا للطيارين الأميركيين الذين وقعوا بقبضة الثوار الفيتناميين.

ومن أشهر الأسرى الذين احتجزوا في هذا السجن، السيناتور الجمهوري المعروف ومرشح الرئاسة السابق، جون ماكين، إضافة إلى الجنرال وليام بورتر لورنس، الملقب بـ (بيل)، الحائز وسام الخدمة المتميز وقائد الأسطول الأميركي في المحيط الهادئ.

"الفرن الملتهب" تصوير أحمد الداوودي 

وفي عام 1993، قررت الحكومة الفيتنامية تحويل هذا "الفرن الملتهب" إلى متحف، تكريما لذكرى أرواح المناضلين من أجل استقلال فيتنام، واللافت أن الكثير من زوار هذا السجن هم من السياح الأميركيين والفرنسيين، أي من الدولتين اللتين ارتبطتا بتاريخ مروع تجاه هذا البلد، وخصوصاً تجاه "الفرن الملتهب".

ذات صلة

الصورة

سياسة

أكّد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، في مقابلة نُشرت مساء الأربعاء، أنّه لن يطلب "الصفح" من الجزائريين عن استعمار فرنسا بلدهم، لكنّه يأمل أن يستقبل نظيره الجزائري عبد المجيد تبون في باريس هذا العام، لمواصلة العمل معه على ملف الذاكرة والمصالحة.
الصورة
البرلمان التونسي/سياسة

أخبار

رفض البرلمان التونسي بجلسة عامة غلب عليها التشنج والتوتر لائحة تقدمت بها كتلة "ائتلاف الكرامة"، لمطالبة فرنسا بالاعتذار للشعب التونسي عن جرائمها خلال حقبة الاستعمار المباشر وبعدها.
الصورة
الجزائر

منوعات

صور فوتوغرافية بمناسبة الذكرى الثامنة والخمسين لـ"عيد النصر" الجزائري التي ستحل في 19 مارس/ آذار. صور تمر بمسار الملحمة الشعبية الطويل.
الصورة
جنازة ماكين/ أميركا

أخبار

بعدما خالف العرف السائد وعزف عن المشاركة في مراسم جنازة السناتور الراحل، جون ماكين، في تجسيد جديد لسياسة الانقسام التي يغذيها، وجد الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، نفسه محط انتقادات خلال الجنازة التاريخية التي حضرها رئيسان أميركيان سابقان.

المساهمون