حشد دولي لتقليص النفط وإنقاذ الأسعار من الانهيار

حشد دولي لتقليص النفط وإنقاذ الأسعار من الانهيار

19 نوفمبر 2014
تهاوي أسعار النفط يثير قلقا متزايدا لدى المنتجين(فرانس برس)
+ الخط -
يبدو أن بعض أعضاء منظمة الدول المصدرة للنفط "أوبك" يتخوفون من عدم إجماع المنظمة، في اجتماع مرتقب الأسبوع المقبل على خفض الإنتاج، لكبح تهاوي الأسعار، لتشهد الساحة العالمية تحركات لحشد تأييد المنتجين خارج المنظمة لخفض الإنتاج لإيقاف نزيف الأسعار الذي بدأ قبل نحو أربعة أشهر.

ويستهلك العالم يومياً نحو 92 مليون برميل يومياً، تنتج "أوبك" التي تضم 12 دولة نحو 30 مليون برميل. ومن هنا تنبع أهمية المنظمة في سوق الطاقة العالمي، من حيث رفع سقف الإنتاج أو خفضه، وهو ما ينعكس في مستويات الأسعار.

ورغم القلق من تراجع أسعار النفط عالمياً، تشير تصريحات مسؤولين في الدول الخليجية، التي تستحوذ على أكثر من نصف إنتاج "أوبك"، إلى إمكانية البقاء على مستويات الإنتاج حاليا، معتبرين أن تراجع الأسعار لا يدعو "للفزع".

لكن دولاً أخرى في "أوبك" وخارجها ترى أن الإبقاء على مستويات الإنتاج الحالية، يمثل تهديداً لمستويات الأسعار، وبالتالي يضعف إيرادات موازناتها التي تم تحديدها سلفاً عند مستويات تفوق في أغلب الدول 110 دولارات للبرميل، بينما هوت الأسعار حاليا إلى نحو 79 دولاراً، مقابل 115 دولاراً في يونيو/حزيران الماضي.

وقال رئيس فنزويلا، نيكولاس مادورو، في كلمة بثها التلفزيون على الهواء يوم الاثنين الماضي، إنه يجري الإعداد لعقد اجتماع دولي خاص بين الدول الأعضاء في "أوبك" والمنتجين المستقلين لمناقشة أسعار النفط العالمية.

ترقب

ويترقب سوق النفط اجتماع أوبك في 28 نوفمبر/تشرين الثاني، لمعرفة ما إذا كانت المنظمة ستخفض الإنتاج لدعم الأسعار التي نزلت نحو 31.1% منذ يونيو/حزيران.

وتطالب فنزويلا، التي تعاني من شح السيولة، بخفض الإنتاج لتعزيز دعم الأسعار ومساعدتها على تغطية ديونها المتنامية ودفع مستحقات متأخرة والإنفاق على برامج اجتماعية تحظى بشعبية ولكنها باهظة التكلفة.

ويقوم وزير الخارجية الفنزويلي، رافاييل راميرز، بجولة في عدد من الدول الأعضاء في أوبك ومن خارجها دول لحشد التأييد لخفض الإنتاج. وحددت فنزويلا، التي تنتج 2.7 مليون برميل يومياً، سعر النفط في موازنتها للعام 2013 بنحو 117 دولاراً وهو ما يعني أنها تخسر نحو 32.4 في المائة من الإيرادات المقدرة للأسعار السابقة.

ولا تعد فنزويلا الوحيدة في أوبك، التي حددت مستويات أسعار النفط في الإيرادات المتوقعة لموازناتها فوق مستوى 110 دولارات للبرميل، وإنما حددته إيران التي تنتج 2.68 مليون برميل يومياً بنحو 136 دولاراً، ونيجيريا المنتجة 1.95 مليون برميل يوميا عند 124 دولاراً، الإكوادور التي تنتج نصف مليون برميل بنحو 122 دولاراً.

كما وضعت الجزائر التي تنتج 1.19 مليون برميل مستويات إيراداتها من النفط عند حدود 119 دولاراً للبرميل، والعراق المنتجة 3.03 مليون برميل مقابل 116 دولاراً، وليبيا التي تنتج 900 ألف برميل يومياً عند 111 دولاراً للبرميل.

الأكثر تحوطا

في المقابل، كانت قطر والكويت والإمارات والمملكة العربية السعودية الأكثر تحوطاً في تحديد الإيرادات وفق أسعار الخام، حيث قدّرته قطر التي تنتج 0.73 مليون برميل يوميا بنحو 58 دولاراً في موازنة 2013، لتعد بذلك الأقل تضرراً من تهاوي الأسعار عالمياً.

وقدرت الكويت التي تنتج 2.6 مليون برميل يوميا، سعر الخام اللازم لموازنة 2013 بنحو 59 دولاراً، فيما حددته الإمارات المنتجة لـ 2.7 مليون برميل يومياً بنحو 90 دولاراً، في حين كانت السعودية أكبر الدول المنتجة في أوبك بنحو 9.65 مليون برميل يومياً قدرته بـ 92 دولاراً.

وحسب مراقبين لسوق النفط "حتى الآن يبدو أن الإشارات الصادرة من السعودية، توحي أن المنظمة لن تخفض معدلات الإنتاج الحالية في اجتماع فيينا المقبل".

ويدلل هؤلاء على ذلك بقولهم إن "وزير المالية السعودي، إبراهيم العساف، قال على هامش اجتماعات قمة العشرين بأستراليا قبل نحو أسبوع، إن جميع المشاركين في قمة العشرين متفقون على ترك الأسعار للعرض والطلب"، وهو ما يفهم منه أن المملكة ودول الخليج صاحبة نصيب الأسد في "أوبك"، متفقة على ترك سقف الإنتاج على مستوياته الحالية.

وقال وزير الطاقة الإماراتي، سهيل بن محمد المزروعي، في مؤتمر صحافي أمس، إن بلاده ملتزمة بإمداد السوق باحتياجاتها من الخام، وإن الإمارات لا تستهدف سعراً محدداً للنفط. وأضاف المزروعي أن الإمارات لن تضفي صبغة سياسية على الأسعار، وأن المسألة تخضع للعرض والطلب، مشيراً إلى أن الهدف ليس تحديد سعر للنفط، بل مواصلة الاستثمار. وتابع أن الإمارات لا تريد أن تشهد أزمة في السوق في السنوات المقبلة بسبب نقص الاستثمار أو لأن السعر غير مناسب.

ترشيد الإنفاق

أكد رئيس وزراء الكويت، الشيخ جابر المبارك الصباح، في مقابلة أجرتها معه صحيفة الرأي الكويتية أمس، أن "انخفاض أسعار النفط أمر متوقع مثل الارتفاع فالنفط سلعة يتحكم بأسعارها العرض والطلب والأحداث الجيوسياسية. ونحن في الكويت نتفهم قلق الناس إنما لا نريد أن يصابوا بالرعب نتيجة الانخفاض". وأضاف أن الحكومة احتاطت لمثل هذا الانخفاض منذ زمن بعيد "ونوعنا مصادر الادخار والدخل".

ولدى الكويت الغنية بالنفط واحداً من أقوى الصناديق السيادية في العالم، والذي تقدر أصوله بنحو 350 مليار دولار.

لكن عدم خفض مستويات الإنتاج، سيضع دولاً داخل "أوبك" وخارجها في مأزق كبير، حسب محمد أحمد محلل قطاع الطاقة في أحد مصارف الاستثمار الإقليمية التي تتخذ من القاهرة مقراً رئيساً لها.

وقال فؤاد، في اتصال هاتفي لـ "العربي الجديد"، إن هذا المأزق يؤشر إلى إمكانية خلق تكتلات جديدة على صعيد الصناعة عالمياً، لكن الأقرب بالنسبة للمنتجين هو الاتفاق على مصلحة الجميع. ويلاحظ أن السعودية التي كانت تلعب في السابق دور "المنتج المرن"، بما لديها من طاقة إنتاجية فائضة تمكنها من ضخ 12.6 مليون برميل يومياً، لا ترغب هذه المرة في هذا الدور.

وكانت المملكة تقوم بضبط إيقاع الإنتاج خفضاً وارتفاعاً بمعدلات توصل النفط إلى السعر المستهدف.

وسبق أن اتهم وزير النفط الإيراني بيجن زنغنه، يوم الأحد الماضي، بعض الدول باختلاق أعذار لتبرير معارضتهم لاستقرار الأسعار من خلال خفض الإنتاج في تلميح إلى السعودية.

ومعروف أن إيران، التي تعاني من الحظر الأميركي المتشدد تعيش ضائقة مالية حادة، وبالتأكيد ستتضاعف هذه الضائقة مع استمرار تدهور الأسعار.

المساهمون