وكلاء السيارات بالجزائر يسرحون العمال لخفض النفقات

وكلاء السيارات بالجزائر يسرحون العمال لخفض النفقات بعد توقف الاستيراد

22 مايو 2017
تأجيل معرض دولي للسيارات لعدم وجود مركبات(فاروق باتيشي/فرانس برس)
+ الخط -
يواجه آلاف العمال في معارض ووكالات السيارات في الجزائر خطر التسريح، في ظل عدم إفراج الحكومة عن رخص استيراد المركبات الجديدة، والتي يتخذها وكلاء وتجار مبرراً للاستغناء عن العمالة، لتوقف نشاطهم الذي يعتمد على الاستيراد.
ويؤكد وكلاء لعلامات تجارية عالمية، انهيار المعاملات منذ بداية العام الحالي بعد نفاد مخزون السنة الماضية، واصفين حركة السوق خلال الأشهر الماضية بـ"البيضاء"، في ظل انعدام البيع والشراء.
وفي ظل هذه الظروف، بات العمال الحلقة الأضعف، في ظل تمسك الحكومة بالقيود المفروضة على استيراد السيارات عبر طرح تراخيص تحدد حصة كل مستورد، بينما يسعى الوكلاء والتجار إلى خفض نفقاتهم في ظل تراجع حجم أعمالهم.

يقول حسان لبراوي، مدير المبيعات لدى شركة "أوتو ديامال" متعددة العلامات، إن الشركة تدرس تسريح قرابة 150 عاملاً بعدما سرحت السنة الماضية 300 عامل، مشيرا إلى أن كتلة الأجور الشهرية تفوق 20 مليون دينار (180 ألف دولار) دون احتساب التأمين الاجتماعي والضرائب، بينما تهاوت المبيعات بنسبة تصل إلى 60 % منذ بداية العام الماضي 2016.
ويضيف لبرواي في حديثه مع "العربي الجديد": "الحكومة تتحمل مسؤولية ما آلت إليه سوق السيارات، بفعل مماطلتها في الإفراج عن رخص الاستيراد رغم مرور خمسة أشهر من بداية العام".
ولجأت الحكومة الجزائرية، بداية العام الماضي، إلى إخضاع عملية استيراد السيارات إلى نظام الرخص، وذلك ضمن سياسة كبح الواردات، حيث حددت الكمية المسموح باستيرادها بـ 152 ألف وحدة، قبل أن تقلصها منتصف 2016 إلى 82 ألف سيارة، تقاسمها 40 وكيلا بقيمة لا تتعدى مليار دولار، بعدما كانت الجزائر تستورد في 2015 نحو 450 ألف وحدة بقيمة تتجاوز 4 مليارات دولار سنويا، حسب إحصائيات رسمية، في حين تراجعت فاتورة الاستيراد إلى 768 مليون دولار خلال الـ 7 أشهر الأولى من العام الماضي، حسب أرقام ديوان الإحصائيات التابع للجمارك.

وتقول الحكومة إنها لا تزال تدرس طلبات رخص الاستيراد للعام الحالي، بعدما حددت الكمية المسموح باستيرادها بحوالي 50 ألف وحدة.
وبينما اتجه بعض الوكلاء المعتمدين والممثلين للعلامات الكبرى إلى تسريح العمال، كخيارٍ وحيد أمامهم لخفض النفقات، اتجه آخرون إلى مثل تقليص الأجور والإحالة إلى التقاعد لمن توفرت فيهم شروط السن مع اكتمال سنوات العمل.
ويقول عبد الكريم بوعمامة، مالك شركة لبيع السيارات رباعية الدفع، يعمل فيها قرابة 400 عامل في عدة مناطق بالبلاد، إنه فضل تقليص أجور العمال بما يتراوح بين 25% إلى 30% بدلا من تسريحهم.
ويضيف بوعمامة لـ"العربي الجديد"، أن " الشركة سجلت تراجعا في حجم أعمالها بنهاية العام الماضي بنسبة 55% مقارنة بعام 2015، متوقعا ارتفاع هذه النسبة إلى 60% خلال العام الحالي، ما سيدفعه إلى تسريح عدد من العمال.

وأدى تأخر الإفراج عن رخص الاستيراد إلى تأجيل معرض الجزائر الدولي للسيارات من شهر مارس/ آذار الماضي إلى سبتمبر/ أيلول المقبل، لعدم توفر السيارات، وفق مسؤولين عن تنظيم المعرض.
وأجل منظمو المعرض فعالياته، بفعل غياب السيارات الجديدة لدى الوكلاء، فضلا عن عدم معرفتهم بتوقيت إفراج وزارة التجارة عن رخص الاستيراد وكميتها.
ويقول يوسف نباش، رئيس جمعية وكلاء السيارات متعددي العلامات، إن قرابة ثلاثة آلاف عامل مهددون بالتسريح في الأيام القادمة، يضافون إلى أربعة آلاف عامل تم تسريحهم العام الماضي، بسبب "تواصل تعنت الحكومة والقرارات الارتجالية غير المدروسة التي أصابت السوق بضربة قوية".

ويضيف نباش، لـ "العربي الجديد"، أن " ما سيسرع بتسريح العمال هو تواصل حالة الانسداد التي وصل إليها ملف استيراد السيارات، يضاف إلى هذه المعطيات هو ضغط البنوك على حوالي 140 وكيلاً من أجل تسديد القروض المستحقة عليهم، ما يعني توجيه ضربة قاضية لهؤلاء الوكلاء".
ويرى عاملون في سوق السيارات أن أي حصة قد تحددها الحكومة لاستيراد السيارات في الأشهر المتبقية من العام الحالي، لن تخدم السوق، خاصة أن حجم الاستيراد المقترح يقل بنسبة 89% عما كان عليه قبل عامين، ما أدى إلى ارتفاع الأسعار، لا سيما للمركبات المستعملة، التي باتت ملاذ الكثير من الراغبين في شراء سيارة.
وما يزيد من الضغوط على سوق السيارات أن الجزائر كانت قد جمدت عمليات استيراد السيارات المستعملة لأقل من 3 سنوات، قبل عشر سنوات.

كما طرحت وزارة الصناعة الجزائرية عام 2014، قانوناً لتنظيم سوق السيارات، تضمن جملة من الشروط لمنع دخول المركبات التي لا تتوفر على معايير مطلوبة للسلامة والأمن، واشترط على الوكلاء مباشرةَ استثمارٍ محلي للتصنيع أو التركيب مقابل مواصلة النشاط.
وفي مقابل انتقاد الوكلاء والتجار لكبح الاستيراد، يؤكد عاملون في صناعة السيارات، أن القيود التي تضعها الجزائر على استيراد المركبات، دفعت كبار المصنعين لاستحداث وحدات إنتاجية في الدولة، حيث سبق أن كشف عملاق السيارات الياباني، "تويوتا"، عن إطلاق ثلاثة مشاريع كبرى لتجميع السيارات وتصنيع قطع الغيار في الجزائر، وكذلك شركات أوروبية، منها فولكسفاغن.
ورأى رئيس جمعية المصنعين ووكلاء السيارات، سفيان حسناوي، في تصريحات سابقة لـ "العربي الجديد"، أن إقامة صناعة للسيارات، يتطلب الكثير من الوقت ويجب مرافقتها بتنظيم التجارة المحلية وتعاون كامل مع المصنعين.


المساهمون