الجزائريون يلجؤون لغاز السيارات بعد رفع أسعار الوقود

الجزائريون يلجؤون لغاز السيارات بعد رفع أسعار الوقود

11 مايو 2017
إقبال كبير على تحويل السيارات للغاز (فاروق باتيتشي/فرانس برس)
+ الخط -
تعيش ورشات تركيب خزّانات غاز السيارات في الجزائر ضغطا كبيرا منذ بداية السنة، بعدما دفعت الزيادة التي أقرتها الحكومة في أسعار الوقود، الجزائريين نحو استعمال هذه الطاقة كبديل رخيص.
وحسب آخر أرقام شركة نفطال الحكومية لتوزيع الوقود، فقد عرفت عملية تحويل السيارات إلى العمل بوقود الغاز إقبالا كبيرا من طرف الجزائريين، حيث وصل عدد السيارات التي تم تحويلها إلى 19 ألف مركبة، خلال الربع الأول من العام الجاري، في حين تم تحويل 10 آلاف سيارة طوال السنة الماضية.
في محطة "خروبة" لتركيب خزانات غاز السيارات في العاصمة الجزائرية، طابور طويل من السيارات، وعلمت "العربي الجديد" أن بعض السائقين يأتي مع الساعات الأولى لليوم حتى يضمن مكانة، خاصة أن المحطة تعمل بنظام "الحصة اليومية"، أي عدد مركبات ثابت يوميا.

وأجمع السائقون الذين التقتهم "العربي الجديد" أن توجههم إلى استعمال غاز السيارات بدل الوقود لم يكن اختياريا، بل فرضته الزيادة التي جاء بها قانون الموازنة العامة للسنة الحالية على كل أنواع الوقود، والتي تراوحت بين 3 و8 دنانير في اللتر الواحد.
يقول جمال كسوري، وهو سائق أجرة ما بين المحافظات، إن الزيادة التي طُبقت منذ يناير/كانون الثاني الماضي على أسعار الوقود حتّمت عليه استعمال غاز السيارات عوض البنزين.
وأضاف لـ "العربي الجديد": "في السابق كنت أملأ خزان السيارة مرتين في الأسبوع بـ4 آلاف دينار (36 دولاراً)، وبعد الزيادة الثانية على أسعار الوقود ارتفعت تكلفة ملء الخزان في الأسبوع الواحد إلى قرابة 5500 دينار (50 دولاراً) ولم أعرف كيف أعوض هذه الزيادة، فوزارة النقل رفضت مقترح رفع أسعار النقل، وبالتالي كان الحل هو التوجه نحو الغاز".

ويتوقع سائق الأجرة الجزائري أن يوفر أسبوعيا قرابة 2500 دينار (23 دولاراً) من مصاريف الوقود، حيث يقول نفس المتحدث إن ملء خزان غاز السيارات يكلف 1000 إلى 1200 دينار (11 دولاراً) للمرة الواحدة، وإنه لن يحتاج أكثر من خزان ونصف أسبوعيا، لأن استهلاك المحرك لغاز السيارات أقل من استهلاكه للبنزين.
ولم تقتصر هجرة الجزائريين من استعمال الوقود إلى غاز السيارات على سائقي الأجرة والنقل في القطاع الخاص، بل تعدتهم إلى المواطنين العاديين الذين باتت جيوبهم المنهكة لا تتحمل مصاريف إضافية تحرقها محركات السيارات.
وما زاد من إغراء الجزائريين على استعمال الغاز هو دعم الحكومة لعملية تحويل استهلاك السيارة إلى الغاز المسال من خزينة الدولة، حيث لا يدفع المواطن إلا 10 آلاف دينار (90 دولاراً)، بينما تدفع الحكومة نحو 300 ألف دينار (290 دولاراً).

كما أن سعر غاز السيارات الذي لا يتعدى 9 دنانير (0.08 دولار) للتر الواحد، زاد من استقطاب الجزائريين، بعدما رفعت الحكومة، مطلع يناير/كانون الثاني الماضي، أسعار الوقود للمرة الثانية في غضون 12 شهرا بين دينار و3 دنانير حسب النوع، لتصبح مع الزيادة أسعار البنزين الممتاز نحو 35.49 ديناراً (0.34 دولار) للتر، ونحو 35.08 ديناراً (0.32 دولار) للبنزين الخالي من الرصاص، و19.76 ديناراً (0.17 دولار) للديزل.
وقال حكيم لوكيل الذي يعمل موظفا في شركة خاصة: "ترددت قبل اتخاذ قرار استعمال غاز السيارات بالنظر للتأثيرات السلبية التي قد تنعكس على محرك السيارة حسب ما قال لي البعض، لكن حالة سيارتي القديمة واستهلاكها المفرط للوقود جعلني أختار التحول إلى الغاز، خاصة بعدما علمت أن تكلفة تغيير خزان الوقود مدعومة حكوميا، وأن سعر الغاز ضئيل مقارنة بالوقود العادي (بنزين) الذي أستعمله".

وأضاف لوكيل لـ "العربي الجديد" أنه يستهلك الكثير من الوقود بالنظر لاستعماله اليومي للسيارة، مثل الذهاب للعمل وتوصيل الأولاد إلى المدرسة، كل ذلك في ظل الزحمة المرورية التي تعرفها العاصمة يوميا.
وتراهن الحكومة الجزائرية على تحويل مليون سيارة إلى استعمال غاز السيارات، وذلك في إطار خطة وضعتها الحكومة لكبح فاتورة استيراد الوقود، بالإضافة إلى حماية البيئة من انبعاث غاز ثاني أوكسيد الكربون، تماشيا مع مخرجات قمة المناخ التي انعقدت في باريس عام 2015.
وحسب الخبير في مجال الطاقة بوزيان مهماه، فإن تحول الجزائريين من استعمال الوقود إلى استعمال غاز السيارات يعتبر أمرا منطقيا فرضته الظروف العسيرة التي يمر بها المواطن.

ويبقى الإشكال، حسب تصريحات مهماه لـ "العربي الجديد"، في ضعف أو غياب التسويق الحكومي لهذه الطاقة، بالرغم من أنها (الحكومة) تراهن مستقبلا عليها كبديل عن الوقود العادي الذي بات يكلف الخزينة العامة فاتورة كبيرة جراء استيراده من إسبانيا وفرنسا، في ظل محدودية القدرة التكريرية للنفط في الجزائر.
أما حول ما يستفيد منه المواطن من استعمال غاز السيارات، فيقول مهماه إن السائق يربح قرابة 110 آلاف دينار (ألف دولار) عند قطع مسافة 100 ألف كيلومتر إذا استعمل الغاز بدل البنزين، دون احتساب ما سيوفره من مصاريف تغيير بعض قطع الغيار كمصفيات البنزين.
وتستورد الجزائر سنويا ما يقارب 3 ملايين طن من وقود السيارات بفاتورة تعدت المليار دولار سنة 2016، مقابل 2.2 مليار دولار سنة 2015.