الخباز.. عمل شاق بين نار الفرن وقيظ الصيف

الخباز.. عمل شاق بين نار الفرن وقيظ الصيف

22 اغسطس 2015
مخبز في مصر (أرشيف/Getty)
+ الخط -

يذوب " الفرًان" أو "الخباز" صيفا بين حرارة الطقس ونار الفرن، ليجني في نهاية اليوم جنيهات ليست بالكثيرة في ظل اشتعال الأسعار في مصر، مقابل ما يبذله من جهد وما يلاقيه من مخاطر في عمله الشاق.

ومهنة الفرًان تحتاج للصبر الشديد للوقوف أمام النار، بالإضافة إلى اليقظة لأن عدم الانتباه للعجين داخل الفرن معناه احتراق الخبز وخسارته، وانسداد خروج النار قد يؤدي إلى انفجار الفرن وموت العمال.

حمادة يونس، الذي يعمل فرانا بأحد المخابز بمحافظة المنيا جنوب مصر، يقول إن مهنته من أصعب المهن لأنه يواجه النار مباشرة طوال فصول العام، ويكون الوقت الأصعب في فصل الصيف، حيث تجتمع عليه ناران (نار الفرن ونار الحر).

ويوضح يونس لـ"العربي الجديد"، أن العمل فى الصيف يتسبّب في انخفاض الضغط، وانتشار القروح بالجسم نتيجة لارتفاع حرارة الجو، بالإضافة إلى أن حرارة الفرن تجعل من الصعب على أي إنسان أن يتحملها.

ويشير إلى أنه لا يستطيع استخدام أي شيء يخفض درجة الحرارة، لأنه في حالة غسل وجهه أو شرب مياه مثلجة يدخل في حالة إعياء شديدة بسبب حرارة جسده المرتفعة بطبيعة الحال، كما لا يمكن تشغيل مروحة أو جهاز تكييف في المكان، لأن ذلك سوف يؤثر على درجة حرارة الفرن، ويخرج الخبز غير جيد ولا يصلح للاستهلاك الآدمي "معجن"، على حد تعبيره.
 
يضيف، أن أجر الفران يتراوح بين 75 و85 جنيها في اليوم الواحد (9.6 و10.8 دولارات)، ويحاسب باليومية وليس براتب شهري ثابت، ولا يحصل على أي إجازات أو عطلات رسمية أو أسبوعية، واليوم الذي يغيب فيه عن العمل تخصم يوميته، وفي حالة توقف الفرن لأي عطل ما قد تخصم يوميته أيضا.

ويلفت إلى أن الفران لا يستطيع العمل طوال أيام الأسبوع، نظراً لصعوبة هذه المهنة ووقوفه طوال اليوم أمام النار مباشرة بخاصة في فصل الصيف.

اقرأ أيضاً: مخابز مصر تهدد بالإضراب لتأخر مستحقاتها

يونس، الذي يعول أسرة مكونة من 6 أفراد، ثلاثة منهم في مراحل التعليم المختلفة، وابنه الأكبر يعمل معه في نفس المهنة، يبرر رضاه عن عمله بأنه لا يجد غيره ولا يجيد غيره أيضاً، فخبرته كخباز تمتد لسنوات، واستطاع أن يعلمها لابنه، الذي يساعده في الإنفاق.

ويشكو يونس من ارتفاع الأسعار واقتصاره على توفير الضروريات فقط، قائلا: منذ 7 سنوات كانت اليومية لا تتجاوز 35 جنيها (4.5 دولارات) وكانت تكفي وتزيد، أما الآن فرغم تخطي اليومية ضعف ما كان يحصل عليه من قبل فهي لا تكفي أي شيء سواء مواصلات أو مصاريف المنزل أو العلاج.

ويقول: " يبدأ العمل في الثانية صباحا، حيث يصل العجان، الذي يقوم بعملية إعداد الخميرة وتجهيز الدقيق وتخميره، ثم تقطيع العجين ووضعه على النخالة، ليأتي دور الفران الذي يضع قطع العجين على سير الفرن لتتم عملية نضج الرغيف.

وبحسب رئيس شعبة المخابز بالغرف التجارية بالقاهرة، عطية حماد، فإن أصحاب المخابز والقائمين عليها اضطروا لتقليل عدد ساعات العمل ما بين ساعة وساعتين بسبب ظروف الحر الشديد خلال الأسبوعين الماضيين.

ويقول حماد، لـ"العربي الجديد"، إن بعض عمال الأفران امتنعوا عن العمل، بسبب الحر الشديد الذي سبب لهم حمى وأمراضاً أخرى بسبب سخونة الطقس .

ويضيف "اضطررنا لرفع يومية العمال المتبقين حتى لا يتوقف العمل تماماً داخل المخابز، كم اضطررنا لتقليل ساعات العمل ما بين ساعة وساعتين حتى لا نرهق العمال الذين يبدأون العمل في الرابعة صباحا".

ويشير إلى أن أصحاب المخابز لا يستطيعون التوقف عن العمل حتى لو بلغت درجة الحرارة 70 درجة مئوية، لأن من يتوقف عن العمل يتعرض لغلق المنشأة وسحب الرخصة، مشيرا إلى أن عمل المخابز مستمر حتى في أيام الأعياد، والحصول على أجازة يكون بإخطار وزارة التموين مسبقاً.

ولا يرى الخباز يوسف، أن منظومة الخبز الجديدة، التي أقرتها وزارة التموين والتجارة الداخلية المصرية العام الماضي، أضرت بالعمالة، وإنما ضيقت الخناق بعض الشيء على تهريب الدقيق المدعوم حكومياَ، فيما لا يزال بعض أصحاب المخابز يتحايل على هذه المنظومة، بوضع بيانات لبطاقات تموينية لأشخاص لا يشترون الخبز المدعم، وذلك للاستفادة من كميات الدقيق الحكومي.

وبحسب رئيس الشعبة العامة للمخابز، عبد الله غراب، في تصريحات سابقة لـ"العربي الجديد" فإن المنظومة الجديدة أدت إلى ترشيد الاستهلاك في الخبز، وهو ما نتج عنه قلة في الأرباح لأصحاب المخابز، وتكبدهم خسائر فادحة طوال العام الماضي.


اقرأ أيضاً: خبز المنازل..تجارة عائلية تجوب طرقات بغداد بحثاً عن الرزق

دلالات

المساهمون