خبز المنازل..تجارة عائلية تجوب طرقات بغداد بحثاً عن الرزق

خبز المنازل..تجارة عائلية تجوب طرقات بغداد بحثاً عن الرزق

07 يوليو 2015
صناعة الخبز في المنازل مصدر رزق للعاطلين (فرانس برس)
+ الخط -
بالكاد يستطيع الحاج مصطفى محمود، الذي يقطن أحد أحياء العاصمة العراقية بغداد، رفع رأسه بسبب كومة الخبز التي يحملها، ويجوب بها طرقات الأحياء الشعبية الفقيرة في العاصمة لبيع ما يكفي للحصول على مال يمكنه من تدبير احتياجات عائلته التي تعمل معه في إعداد أرغفة الرزق التي تحولت إلى مهنة للكثير من العوائل الفقيرة.
ومثل الحاج محمود البالغ من العمر 61 عاما، الآلاف الذين ينتشرون في المدن والبلدات العراقية صباح كل يوم لبيع الخبز، فمنهم من يتعامل مع الأفران، والآخرون يصنعون هذا الخبز في منازلهم بحثا عن عائد أفضل، لمواجهة الأعباء المعيشية المتفاقمة في هذا البلد.
ويقول في حديث لـ "العربي الجديد": "مهنة بيع الخبز هي آخر ما تبقى لي من قوة في جسدي، فلا أستطيع أن أعمل في مهنة أخرى".
ويضيف "تقوم زوجتي بصناعة ما بين 250 إلى 300 قطعة خبز بمساعدة ابنتي، وأقوم بحملها في الخامسة فجراً كل يوم إلى الحارات لبيعها، وأستمر لساعتين أو ثلاث ساعات حتى أفرغ ما على رأسي من الخبز".
ويتابع " أبيع الخمسة أرغفة بألف دينار (90 سنتاً)، ضيق الظروف المعيشية هي ما دفعتنا لكي نفكر بإعداد الخبز في المنزل وبيعه للناس".
ويعمل بتلك المهنة حسب تقديرات لمنظمات اقتصادية ونقابية عراقية نحو 30 ألف شخص، منقسمين بين باعة يقومون بشراء الخبز مباشرة من الأفران، وآخرون متجولون يصنعونه في منازلهم.
ويجني بائع الخبز ما يتراوح بين 20 إلى 30 ألف دينار يومياً (16.6 و24.8 دولاراً)، وذلك من عمليات البيع للمنازل والمطاعم الشعبية وعربات الأطعمة على الأرصفة.
ويقول الحاج محمود "نقوم بشراء عبوة الدقيق من أسواق الجملة وسط بغداد بنحو 40 ألف دينار (33.2 دولارا) للعبوة ذات 50 كيلوغراما، وهناك أنواع عدة من الطحين، نختار الجيدة منها ليكون المنتج جيداً للحفاظ على زبائننا".
ويؤكد "نصنع الخبز العراقي بنكهة خاصة، ومنه الصمون الحجري (نوع من أنواع الخبز التقليدي يصنع في أفران حجرية ويمتاز بهشاشة تكوينه؛ وهو على شكل مثلث أو مستطيل)".

ويوضح " تباع الثماني قطع من خبز الصمون بألف دينار (0.83 دولار)"، مشيرا إلى أن صناعة الخبز المنزلي منتشرة في جميع الأحياء الشعبية في بغداد، وتساهم في تشغيل آلاف الأشخاص".

اقرأ أيضا: (فيديو): ماذا يعني مؤشر التضخم؟

ويعاني العراق المنتج للنفط، من أزمة مالية حادة وارتفاع في معدلات البطالة، بسبب تراجع أسعار النفط في الأسواق العالمية وارتفاع كلفة الحرب ضد تنظيم الدولة الإسلامية "داعش"، الذي يسيطر على مساحات واسعة من شمال وغرب العراق.
ووفق البيانات الرسمية، فإن الموازنة العراقية للعام الحالي 2015، تبلغ نحو 105 مليارات دولار، مسجلة عجزاً بنحو 21 مليار دولار، وسط توقعات ببلوغها 40 مليار دولار، في ظل استمرار التردي الاقتصادي للبلاد.
وبينما يبحث الكثير من العراقيين، عن مخرج لأزماتهم المعيشية عبر امتهان أعمال تدر عليهم أموالا، إلا أن باعة الخبز والأفران على حد سواء يشكون من معاناتهم من عدم توفر السلع الأولية اللازمة لصناعتهم.
ويقول حسين علي، أحد أصحاب الأفران المختصة في بيع الصمون العراقي، في حديث لـ"العربي الجديد"، إن أسعار الطحين مرتفعة، بسبب تداعيات الحرب بين الحكومة وتنظيم الدولة الإسلامية، لأن انقطاع طريق الأنبار مع الأردن غرب البلاد أدى إلى قلة وصول الطحين، الأمر الذي حول طريق وصولها إلى موانئ الجنوب في البصرة.
ويتابع "نعاني أيضا في الحصول على الحصة النفطية التي تسلمها لنا وزارة النفط، وهي قليلة ونشتري 100 لتر من النفط الأبيض بـ 60 ألف دينار (49.7 دولاراً)، إضافة الى أجور العمال وإيجار المحل والمصروفات الأخرى كالكهرباء وسلع أخرى كالسمسم والملح، التي تتجاوز يوميا الـ 250 ألف دينار (207 دولارات)".
ويشير إلى أنه يعمل بالفرن نحو 20 عاملاً، بواقع وجبتين صباحية ومسائية، لافتاً إلى أن العامل يتقاضى 13 ألف دينار يوميا، بينما الأسطى (كبير العمال)، يحصل على 40 ألف دينار.
وبحسب عضو الغرف التجارية، عباس الجابري، فإن "أكثر من 200 ألف فرد عراقي يقتاتون من تلك المهنة، التي يعمل عليها أرباب الأسر، وهي توفر عملا للعاطلين وتسهم في دعم المشاريع الصغيرة في البلاد".
ويضيف "على الحكومة ووزارة النفط والتجارة دعم هذه المهنة التي تعتبر مكملة لباقي الأنشطة الاقتصادية في البلاد، خاصة أن القطاع الخاص يعاني من إهمال وكساد في ظل الأزمة المالية الحاصلة في البلاد، وعدم وجود نظرة اقتصادية حقيقية لما يحتاجه هذا القطاع المهم للعراق".

اقرأ أيضا: العرب فقراء بالنفط ومن دونه ... والسبب الصراعات والسلاح

المساهمون