هل يصمد الروبل الروسي مقابل الدولار؟

هل يصمد الروبل الروسي مقابل الدولار؟

18 ابريل 2022
الروبل الروسي يسترد عافيته مقابل الدولار (Geety)
+ الخط -

تلقى الروبل الروسي ضربات موجعة عقب غزو القوات الروسية أوكرانيا يوم 24 فبراير/شباط الماضي، وما تبعه من عقوبات غربية قاسية بحق الاقتصاد الروسي، وتجميد نحو 300 مليار دولار من نحو 640 مليار دولار تمتلكها روسيا في البنوك المركزية الغربية في صورة احتياطيات ذهب وعملات أجنبية، وإصرار التحالف الغربي على تجفيف منابع موارد روسيا المالية التي تستخدمها في تمويل الحرب الدائرة.

عقب الغزو تعرض الروبل للتراجع الشديد حيث بلغت قيمته الأدنى تاريخي ليصل إلى نحو 150 روبل مقابل الدولار الواحد يوم 7 مارس/آذار الماضي، خاصة مع زيادة الضربات التي تلقاها القطاع المصرفي والمالي من التحالف الدعام لأوكرانيا، وهروب الاستثمارات الأجنبية، لكن سرعان ما استرد الجزء الأكبر من عافيته.

ما سر تماسك الروبل رغم العقوبات القاسية والحرب الغربية الشرسة على الاقتصاد الروسي وأنشطته الاقتصادية وتجميد نحو نصف الاحتياطي النقدي

كثيرون تساءلوا: ما سر تماسك الروبل رغم العقوبات القاسية والحرب الغربية الشرسة على الاقتصاد الروسي وأنشطته الاقتصادية والمالية.

هناك عدة أسباب تفسر هذا التماسك وعودة الروبل للصعود بعد أسابيع من التراجع الحاد أمام الدولار أبرزها صعود أسعار النفط والغاز في الأسواق الدولية، وهو ما وفر سيولة ضخمة للاقتصاد الروسي، فإيرادات روسيا من الطاقة تمثل المورد الأبرز للنقد الأجنبي حيث تتجاوز 100 مليار دولار سنويا.

أيضا دعم قرار الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بيع الغاز الطبيعي إلى الدول "غير الصديقة" بالروبل وليس بالدولار أو اليورو العملة الروسية، صحيح أن القرار تم تأجيل تنفيذه بعض الوقت.

لكن في المقابل فإن هناك بعض الدول أعلنت التزامها به مثل أرمينيا والمجر وسلوفاكيا، لكن الاتحاد الأوربي والولايات المتحدة رفضا القرار بشدة وقررا حظر واردات النفط والغاز الروسيين بالكامل.

كما أدار البنك المركزي الروسي أزمة سوق الصرف الأجنبي بطريقة محترفة، فعقب غزو أوكرانيا وتهاوي الروبل اتخذ البنك قرارات عاجلة لدعم العملة المحلية والحد من تهاوي العملة ونزيف النقد الأجنبي.

زيادة الفائدة إلى 20%، ووضع قيود على عمليات تحويل الأموال، ومنع الروس من تحويل أي عملات أجنبية إلى خارج البلاد...خطوات حمت الروبل

من بين القرارات زيادة سعر الفائدة على الروبل إلى 20% مقابل 9%، ووضع قيود شديدة على عمليات تحويل الأموال إلى الخارج، ومنع الروس من تحويل أي عملات أجنبية إلى خارج البلاد، وفرض البنك حظرا على بيع الأجانب للأصول الروسية، كما أجبر المُصدّرين الروس على تحويل 80% من عائداتهم الدولارية إلى الروبل.

وزاد تماسك الروبل عقب التزام روسيا بسداد أقساط الديون الخارجية رغم تكهنات وتوقعات مؤسسات التصنيف العالمية بتعثرها عن السداد، خاصة مع تجميد الغرب نحو نصف الاحتياطي الأجنبي، ورفض دول أوروبية عدة قرار الرئيس الأميركي جو بايدن الخاص بفرض حظر شامل على النفط والغاز الروسيين، وإعلان الصين، أكبر مستهلك للطاقة في العالم، أنها لا تستبعد استخدام الروبل واليوان في تعاملاتها في مجال موارد الطاقة مع موسكو بدلاً من الدولار.

كما يتلقى الروبل دعما هذه الأيام من مدفوعات الضرائب، حيث إنه من المقرر أن تدفع الشركات ضرائب قياسية بقيمة 3 تريليونات روبل (37.50 مليار دولار)، وهو ما سيدفع بعض الشركات العاملة في مجال التصدير والسياحة إلى بيع العملات الأجنبية للحصول على سيولة بالروبل لسداد الضرائب المستحقة عليها.

لا يزال الروبل معرضاً لمخاطر التراجع وهز الثقة به في ظل استمرار الحرب الأوكرانية، وتعثر المفاوضات، واستمرار الغرب في حربه الاقتصادية الشرسة

ورغم كل وسائل الدعم التي يتلقاها الروبل هذه الايام، إلا أنه لا يزال معرضاً لمخاطر التراجع وهز الثقة به في ظل استمرار الحرب الأوكرانية، وتعثر المفاوضات الروسية الأوكرانية، واستمرار الغرب في حربه الاقتصادية الشرسة، وامتداد تلك الحرب إلى القطاع المصرفي الروسي ومحاولة خلخلة ثقة المتعاملين به.

المساهمون