نزاع استثماري بالعراق: تعثر يعرقل استكمال أكبر المدن السكنية

نزاع استثماري بالعراق: تعثر يعرقل استكمال أكبر المدن السكنية

22 أكتوبر 2022
تأثيرات تطاول أعمال البناء (أحمد الربيعي/ فرانس برس)
+ الخط -

يتعثر التقدم في استكمال بناء أكبر المدن السكنية في العراق، وهي مدينة "بسماية" التي تقع جنوب شرق بغداد، جرّاء الخلافات المالية وعدم التزام الحكومة العراقية بالإيفاء بحقوق شركة "هانهوا" الكورية المنفذة للمشروع.

وبالرغم من أن العامين الماضيين شهدا نحو 30 اجتماعاً بين الشركة والهيئة الوطنية للاستثمار ببغداد، إلا أن جميع الاجتماعات لم تصل إلى نتائج تستدعي عودة عمل الشركة لاستكمال نحو 60 في المائة من المشروع، وهو ما تبقى منه.

وأعلنت شركة "هانهوا" أخيراً، أنها "أبلغت لجنة الاستثمار الوطنية العراقية بإبطال عقد بناء مدينة بسماية الجديدة لمخالفة الجانب العراقي من ناحية التأخر في دفع المستحقات، حيث سيدخل إبطال العقد حيز التنفيذ بعد يوم 21 من شهر أكتوبر (تشرين الأول)"، مؤكدة في بيان أن "مشروع بناء مدينة بسماية هو مشروع بناء مدينة جديدة بالقرب من بغداد لاستضافة 100 ألف وحدة سكنية حتى عام 2017 وعلى مساحة 18.3 كيلومتراً مربعاً، ولحد الآن بلغت نسبة تنفيذ المشروع 40 في المائة، ويسكن حاليا أكثر من 100 ألف شخص في الوحدات السكنية المكتملة والبالغ عددها حوالي 30 ألف وحدة".

وتقدمت الشركة عام 2011 بطلب استثمار أرض كبيرة، كانت معسكراً للقوات الأميركية بعد احتلال العراق عام 2003، وحصلت على الموافقات العراقية، لبناء مدينة متكاملة تقع على حدود مدينتي بغداد وواسط.

وافتتحت هيئة الاستثمار العراقية في سبتمبر/ أيلول عام 2011، باب التسجيل على المجمع، بعد أن تعاقدت مع شركة هانهوا الكورية الجنوبية، على إنشاء 100 ألف وحدة سكنية في مجمع بسماية السكني، بعد أن استلمت من العراق حوالي 4.3 مليارات دولار منذ عام 2012 حتى عام 2017، ويساوي هذا المبلغ 43 في المائة من قيمة المشروع البالغة 12 ملياراً و120 مليون دولار، وفقاً للعقد الموقع بين الطرفين.

هيئة الاستثمار الوطنية، ردت على البيان الأخير للشركة الكورية، بالتعبير عن استغرابها مما صدر عن شركة هانهوا الكورية الجنوبية، قائلة في بيان رسمي، إن "مشروع بسماية تم تمويله بالكامل من قبل الدولة العراقية ولا توجد أموال أنفقت من قبل الشركة الكورية، كما أن العقد المبرم بين الحكومة العراقية وشركة هانهوا الكورية ينص على أن تتحمل الحكومة العراقية تمويل ما نسبته 25 في المائة فقط من تكلفة المشروع البالغة عشرة مليارات دولار لإنجاز 100 ألف وحدة سكنية خلال عشر سنوات من تاريخ توقيع العقد".

وأضافت الهيئة أن "الحكومة العراقية دفعت مبلغ ملياري دولار كدفعة مقدمة أولى بعد توقيع العقد، وأن العقد يتضمن أن تقوم شركة هانهوا الكورية بتمويل النسبة المتبقية من المشروع والبالغة 75 في المائة وفق آلية تتضمن قيام الشركة ببناء الوحدات السكنية وتسليمها للحكومة العراقية، لذلك فإن إخلال شركة هانهوا بمواعيد تسليم الوحدات السكنية المتفق عليها أدى إلى تعثر تمويل المشروع في الجزء الواقع ضمن مسؤليتهم".

وتمنع الشركة على أي من فريقها التصريح لوسائل الإعلام، لكن "العربي الجديد" تواصل مع أحد المسؤولين فيها، وقال بشرط عدم ذكر اسمه، إن "الحكومة العراقية لم توفر للشركة أي غطاء مالي منذ بداية عام 2017، بسبب حرب العراق ضد التنظيمات الإرهابية، ما أدى إلى توقف عمل الشركة بشكلٍ كامل لمدة عامين، حتى جاءت جائحة "كورونا" ودخل العراق فيها بأزمة مالية كبيرة، ودفع ذلك إلى تسريح مئات العاملين الكوريين وفسخ التعاقدات مع بعض المهندسين العراقيين، وبالرغم من النداءات الكثيرة للسلطات العراقية إلا أن الشركة لم تصل إلى نتيجة".

وأضاف المسؤول، أن "الشركة اضطرت خلال السنوات الماضية إلى الإنفاق على بعض الأعطال والمشاكل الفنية والتصليحات في دوائر المياه، إضافة إلى العقود الخاصة بالمصاعد وغيرها من الأمور، ما كلف الشركة مبالغ مالية كبيرة، باتت في عداد الخسائر".

وأكد أن "الشركة لم تستفد كثيراً من هذا المشروع بسبب عدم التزام الجانب العراقي بالتوقيت الخاص بتسليم المبالغ المالية، لذلك فإن الشركة حالياً تخشى من أي خسائر جديدة، لذلك فضلت فسخ العقد مع الجانب العراقي".

أما المتحدث باسم الأمانة العامة لمجلس الوزراء العراقي، حيدر مجيد، فقد أشار في حديثٍ مقتضب مع "العربي الجديد"، إلى أن "الأمر متروك إلى هيئة الاستثمار الوطنية، ونأمل أن تتوصل إلى حلول، لكننا وباعتبارنا جهة تنسيقية بين المؤسسات الرسمية، لم نُبلغ بأي شيء رسمي".

لكن مصدرا من هيئة الاستثمار الوطنية، قال إن "الأيام المقبلة ستشهد اجتماعاً مع ممثلي الشركة، في سبيل الوصول إلى حلول"، مؤكداً أن "الشركة الكورية تحتاج إلى أجورها المالية والدفعات المتبقية بذمة الحكومة العراقية، لكن الأخيرة تقول إنها لا تملك تكملة الدفعات، مما قد يؤزم الوضع ويؤدي في النهاية إلى الانسحاب النهائي للشركة من مدينة بسماية". وقال عدد من ساكني مدينة بسماية، إن "انسحاب الشركة الكورية من المدينة سيؤدي إلى تراجع الخدمات فيها، وقد يؤثر على أسعار الشقق".

المساهمون