عندما تنفجر قنبلة العمالة الفلسطينية في وجه نتنياهو

عندما تنفجر قنبلة العمالة الفلسطينية في وجه نتنياهو

03 يناير 2024
عمال فلسطينيين ينتظرون عند معبر إيريز (Getty)
+ الخط -

على خطى مغامرتها بالهجوم البري الفاشل على قطاع غزة، تخوض حكومة بنيامين نتنياهو الفاشية مغامرة أخرى تتمثل في تبني خطة شريرة للتخلص، وللأبد، من الاعتماد على العمال الفلسطينيين في تسيير أنشطة الاقتصاد الإسرائيلي، عبر جلب عمالة أجنبية من مختلف دول العالم، وفي مقدمتها دول جنوب شرق آسيا الفقيرة.

الخطة، التي أعدتها وزارات المالية والداخلية والعمل الإسرائيلية، تتضمن في المرحلة الأولى جلب 25 ألف عامل من سريلانكا، و20 ألف عامل من الصين، و17 ألف عامل من الهند، و13 ألف عامل من تايلاند، و6 آلاف عامل من مولدوفا.

تصاحب الخطة الخبيثة تلك خطط أخرى من منظمات القطاع الخاص وقطاع الأعمال الإسرائيلي لجلب عمالة أجنبية بديلة للعمالة الفلسطينية، منها محاولة جمعية البناء الإسرائيلية الساعية جلب نحو 100 ألف عامل من الهند ليحلوا محل الفلسطينيين الذين ألغت إسرائيل تصاريح عملهم بالفعل خلال الأسابيع الماضية. ينطبق ذلك على شركات كبيرة أخرى.

خطة نتنياهو الاستغناء عن العمال الفلسطينيين في إسرائيل محكوم عليها الفشل لأسباب عدة، منها الكلفة العالية والمخاطر الأمنية

وكما فشل نتنياهو في الخروج من مأزق غزة وحسم المعركة البرية لصالحه، وتحقيق أي من الأهداف الكبرى التي سعى إليها، وفي مقدمتها التخلص من قادة المقاومة في غزة، فإن خطة الاستغناء عن العمال الفلسطينيين محكوم عليها الفشل لأسباب عدة، منها.

أولا: الكلفة العالية لاستيراد تلك العمالة في وقت يعاني فيه الاقتصاد الإسرائيلي من أزمات معقدة وعجز حاد في الموارد المالية والإيرادات العامة.

موقف
التحديثات الحية

ثانيا: عزوف العديد من دول العالم عن توريد عمالة لدولة الاحتلال في هذا التوقيت مع زيادة المخاطر الأمنية والجيوسياسية، واهتزاز صورة إسرائيل وتعرض جيشها لضربات موجعة في غزة.

ثالثا: ما يتعلق بقلق العمال الأجانب أنفسهم من غياب حالة الاستقرار داخل إسرائيل والذي ظهر بشكل واضح عقب هجمات السابع من أكتوبر/ تشرين الأول، حيث فر آلاف العمال الأجانب من الأراضي المحتلة، وخاصة أن بعضهم وقع في أسر المقاومة. كما فر نحو نصف مليون إسرائيلي إلى الخارج، وهي إشارة قوية إلى فقدان عنصر الأمن حتى بالنسبة للإسرائيليين أنفسهم.

رابعا: يكمن في أن نتنياهو وغيره من أعضاء حكومته المتطرفة يدركون جيدا أن تنفيذ مثل تلك الخطة يتطلب إبرام اتفاقيات مع الدول موردة العمالة تحفظ حقوق هؤلاء وتنظم عقودهم.

نتنياهو يخوض حروبا نفسية فاشلة ضد الفلسطينيين انهارت أمام صمود المقاومة، الحكومة الفاشية تمارس حربا نفسية أخرى ضد العمال الفلسطينيين

وهذا الأمر يستغرق بعض الوقت وشهور طويلة، ولا أظن أن تلك الحكومة مشغولة الآن بتلك الأمور في ظل مرورها بأسوأ أزمة سياسية وأمنية واخفاق عسكري، وفشلها الذريع في تحقيق أي تقدم في غزة سوى الدمار وقتل الأطفال والنساء.

وكما أن نتنياهو يخوض حروبا نفسية فاشلة ضد الفلسطينيين انهارت أمام صمود المقاومة، فإن الحكومة الفاشية تمارس حربا نفسية أخرى ضد العمال الفلسطينيين سواء في الضفة الغربية أو في قطاع غزة، وتهدد أرزاقهم ومعيشتهم وأحوالهم المالية.

وهذه الحكومة تعلم جيدا صعوبة الاستغناء عن هذا العدد الضخم من العمالة الفلسطينية والبالغ ما يزيد عن 180 ألفا كانوا يعملون داخل إسرائيل قبل هجمات 7 أكتوبر، من بينهم 160 ألفا من الضفة و20 ألفا من غزة، وبمتوسط أجور يبلغ 1.5 مليار شيكل (417 مليون دولار) شهريا.

خامسا: هناك اعتبارات أخرى تعقد الخطة الإسرائيلية الخبيثة، منها أن خبرات العمالة الفلسطينية في قطاعات حيوية مثل الزراعة والمقاولات والبناء والتشييد والخدمات تفوق خبرات العمالة الأجنبية.

سادسا: إضافة إلى صعوبة فك الربط الاقتصادي مع الضفة الغربية، وحاجة سوق العمل الإسرائيلي القصوى لتلك العمالة الفلسطينية، إذ إن هذا السوق يعاني أصلا من ندرة في العمالة وبحاجة فورية إلى 28 ألف عامل، منهم 9500 لقطاع الزراعة، بحسب بيانات مجلس الأمن القومي الإسرائيلي.

سابعا: وهناك نقطة أخرى يجب لفت الأنظار إليها وهي أن إقدام الحكومة الفاشية على هذا القرار يعني تخلي دولة الاحتلال عن الالتزام ببنود اتفاقياتها مع السلطة الفلسطينية، ومنها اتفاقية أوسلو، التي تقضي بتشغيل العمال من الضفة الغربية في سوق العمل الإسرائيلي.

إقدام الحكومة الفاشية على القرار يعني تخلييها عن الالتزام ببنود اتفاقياتها مع السلطة الفلسطينية، والتي تقضي بتشغيل العمال من الضفة الغربية في سوق العمل الإسرائيلي

ثامنا: حكومة الاحتلال تدرك جيدا صعوبة حظر تشغيل العمالة الفلسطينية في إسرائيل بشكل كامل، لأن ذلك قد يؤدي إلى انهيار الاقتصاد الفلسطيني وأنشطته الرئيسية وأسواقه.

تاسعا: كما أن هذا المنع يرفع منسوب المخاطر الأمنية على إسرائيل نفسها مع تصاعد حالات التوتر والغليان ومقاومة جيش الاحتلال في الضفة الغربية المحتلة منذ اندلاع الحرب على غزة كما ذكرت تقارير إسرائيلية عدة قبل أيام.

عاشرا: هناك خطر تفشي البطالة في الضفة الغربية مع تضييق الخناق على السلطة الفلسطينية وضرب الحائط بالاتفاقات الدولية الموقعة يمكن أن ينشئ مخاطر لإسرائيل هي في غنى عنها حالياً.

وحسب الأرقام فإن هناك 369 ألف شخص في الضفة وغزة بلا عمل حتى نهاية الربع الثالث من العام 2023، ومع إضافة العمالة الفلسطينية في إسرائيل والجاري وضع قيود عليها، يرتفع الرقم إلى 547 ألفاً بلا عمل، وهذه قنبلة يمكن أن تنفجر في وجه الاحتلال.

نتنياهو وحكومته يلعبان بالنار التي ستحرقهما معا، فهذه الخطة ستعمق الخلافات داخل الحكومة ومجلس الحرب، حيث إن جهاز الشاباك وجيش الاحتلال ومنسق الحكومة في المناطق (الضفة الغربية) دعموا خطة أخرى تقضي بزيادة عدد العمال الفلسطينيين في إسرائيل وليس حظرها أو حتى تقليصها وذلك لأسباب أمنية، وأنهم أكثر كفاءة وجودة من العمالة الأجنبية، ويعملون في وظائف يرفضها الإسرائيلي، بسبب تدني الأجور وارتفاع المشقة.

المساهمون