المازوت الإيراني يصل للبنان: مسار العملية ومخاوف من سيطرة "حزب الله"

المازوت الإيراني يصل إلى لبنان: مسار العملية ومخاوف من سيطرة "حزب الله" على السوق

16 سبتمبر 2021
طلائع قافلة المازوت الإيرانية تصل إلى مدينة بعلبك البقاعية (الوكالة الوطنية للإعلام)
+ الخط -

وصلت قوافل صهاريج المازوت الإيراني تباعاً الخميس، إلى القرى والبلدات اللبنانية قادمة من سورية بعدما حملت المادة الحيوية من الباخرة الإيرانية الراسية في ميناء بانياس على أن تتولى عملية التسلّم والنقل والتوزيع محطات الأمانة التابعة لـ"حزب الله" والمدرجة على لائحة العقوبات الأميركية.

وتجمهرت الناس في استقبال قوافل صهاريج المازوت الإيراني في منطقة بعلبك الهرمل ورفعت أعلام حزب الله على الطرقات التي مرّت منها وكان هناك تحضيرات لاحتفالاتٍ وتجمعات شعبية بيد أن أمين عام حزب الله دعا المسؤولين في الحزب والأهالي إلى عدم التجمهر حفاظاً على سلامة الجميع وتسهيلاً لعملية النقل في أفضل ظروفٍ ممكنة.

ويؤكد مدير شركة "الأمانة" للمحروقات أسامة عليق لـ"العربي الجديد" أن "الصهاريج وصلت إلى البقاع وسيُنقَل المازوت عبرها إلى الخزانات التابعة للشركة حيث ستبدأ بعدها عملية التوزيع التي ستشمل كافة المناطق اللبنانية وبإشراف الأمانة".

ويلفت عليق إلى أن الفئات المشمولة بالعملية سبق أن أعلن عنها أمين عام حزب الله حسن نصر الله في إطار قسمَين الأول يأتي في سياق الهبة والثاني عن طريق البيع للمؤسسات وللأفراد، حيث إن الهبة تشمل الجانب الإنساني مثل المستشفيات الحكومية، دور العجزة والمسنين، دور الأيتام، دور ذوي الاحتياجات الخاصة ومؤسسات المياه الرسمية الموجودة في المحافظات، أفواج الإطفاء في الدفاع المدني الرسمي والصليب الأحمر اللبناني وغيرها.

ويضيف: "من جهة ثانية، سيُخصَّص البيع للمستشفيات الخاصة، معامل ومصانع الأدوية والأمصال والمطاحن، الاستهلاكيات والتعاونيات الغذائية التي تبيع مواد غذائية ولحومات ومصانع الصناعات الغذائية والآليات والمعدات الزراعية، عدا عن البيع الفردي لمن يريد أن يشتري غالون مازوت استعداداً لموسم الشتاء".

وكان أمين عام حزب الله حسن نصر الله أشار إلى أن "الاعتماد سيكون بشكل أساسي على شركة الأمانة ومحطاتها. أما على صعيد الأسعار فهناك كلفة معروفة ثمن المازوت من المكان الذي يحمل منه وهناك سعر عالمي وكلفة النقل معروفة خصوصاً إذا كانت من مكانٍ بعيدٍ وبقية اللوازم في النقل والإدارة، مؤكداً أن البيع سيكون بالليرة اللبنانية".

ويوضح عليق أن "السعر لم يحدد بعد وسيُعلن عنه أمين عام حزب الله قريباً ومن المفترض ذلك بعدما نكون ملأنا كل مخازن الأمانة بالمازوت على أن يُحسم الموضوع بالتالي قبل التوزيع".

ويشير إلى أن "الفئات التي تريد أن تحجز حصتها من المازوت هناك آليات محدّدة سبق الإعلان عنها وأرقام هواتف عممتها الشركة على الجمهور والتي بدورها ستعود وتتواصل مع الزبائن عندما تصل المواد وضمن جدول زمني".

ويؤكد عليق أن "كل دفعة تضم بين مليون إلى مليوني ليتر من المازوت وتبعاً لاستهلاك السوق، وسنطلب الصهاريج الموجودة في سورية يومياً تبعاً أيضاً لحاجة السوق إذ ليس هناك مشكلة لا بالكمية ولا بالنقل"، لافتاً، إلى أن "محطات الأمانة موجودة في معظم الأراضي اللبنانية وتغطي كافة مساحة لبنان وسنستعين ببعض الموزعين خصوصاً في الأطراف بيد أن كل عملية التوزيع ستكون بإشرافنا".

ويشدد مدير شركة "الأمانة" للمحروقات على أن "الأولوية ستعطى في الباخرتين الأولى والثانية للمازوت نظراً لأهمية الحاجة إليه على مستوى كل القطاعات على أن تحمل الثالثة البنزين". 

من جهته، يقول رئيس تجمع الشركات المستوردة للنفط في لبنان جورج فياض لـ"العربي الجديد" إن "الشركات عادة تتعاطى من منطق العرض والطلب، واليوم نحن امام عرض وإذا كان هناك طلب على المازوت الإيراني فإنهم سيسدّون الحاجة ولا مانع من ذلك لتغطية جزء من حاجة السوق".

في المقابل، يضيف فياض: "لكن الأهم يبقى في استمرارية هذه العملية ومدى تطابقها مع القوانين اللبنانية التي تفرض إجازة استيراد وتحليل البضائع ورسوما وغيرها من الإجراءات والآليات التي لم تتوفر في عملية نقل المازوت الإيراني حيث إننا لا نعرف الكمية المحددة أو نوعية البضائع ولم يجر تحليلها وكذلك لا نعرف السعر وبالتالي فإنّ ما يحصل خارج عن إطار ممارسة التجارة الطبيعية".

على صعيد آخر، يشدد فياض على أن تكون كل الخطط والقرارات المتخذة لحلّ أزمة المحروقات في لبنان بعيدة المدى، مشيراً إلى أننا تبلغنا طلب المديرية العامة للنفط عدم تسليم السوق المحلي أي كمية من المشتقات النفطية المدعومة التي تم احتسابها على سعر صرف 8000 ليرة لبنانية والواردة على البواخر المبينة في الجدول لحين التأكد من الكميات المدعومة وغير المدعومة في السوق المحلي. 

ويلفت في هذا الإطار، إلى أن الاتجاه بات جدياً باتجاه رفع الدعم عن المحروقات وقد يتخذ اليوم قبل الغد، والقرار في النهاية يكون للسلطات الرسمية ونحن كشركات نستورد البضاعة سواء مدعومة كانت أم لا وجدول الأسعار يحدد من قبل وزارة الطاقة.

وفي ظل تقلّب سعر صرف الدولار وانخفاضه الكبير الذي لامس الخميس 13 ألف ليرة لبنانية وكيفية احتساب الأسعار في حال رفع الدعم يكتفي فياض بالقول: "لا يمكن معرفة التسعيرة، فالدولار في لبنان سياسي أكثر مما هو اقتصادي وبالحقيقة نحن لا نعرف قيمة الدولار الاقتصادي".

بدوره، يقول مدير "معهد المشرق للشؤون الاستراتيجية" سامي نادر لـ"العربي الجديد": "على المدى القصير، من الجيد أن يدخل المازوت إلى لبنان في لحظةٍ هو بحاجة إليها من أجل سدّ حاجات الناس والاقتصاد خصوصاً أنه يقول إن البيع سيكون بسعر أقل من السوق بيد أن أسئلة كثيرة تطرح في المقابل، منها، هل هذه العملية ستكون مستدامة؟ كيف سيصبح شكل سوق النفط في لبنان بعد ثلاثة أشهرٍ؟ هل سيبقى السوق مفتوحاً على المنافسة أم سيكون حزب الله هو المسيطر الوحيد؟ ماذا عن العقوبات الأميركية وتداعياتها على الاقتصاد، وبهذه الحالة من سيشتري البضاعة ويعرّض نفسه لخطر إدراجه على اللائحة؟".

ويضيف: "يمكن النظر إلى العملية اليوم من بوابتين، الأولى لها علاقة بالأزمة وانعكاساتها على المواطن الذي بات قادراً الآن على شراء المادة بسعر معقول ولكن من ناحية ثانية ماذا عن استدامة المشروع ومستقبل سوق الطاقة في لبنان علماً أن الحل المستدام يبقى مبنيا على الطاقة المتجددة التي تبقى أيضاً أقل تكلفة بكثير بدل دعم المحروقات بمليارات دولارات ذهبت غالبيتها للتهريب وأدت إلى نزف احتياطي المركزي".

ويشير نادر إلى أن "الخوف يكمن في أن يتحوّل السوق من سوقٍ فيه لاعبون عدّة إلى سوق تتحكم به الكارتيلات أكثر ويصبح أقسى من قبل من يتحكمون بالأسعار، وبالتالي المهم ألا نبني الاحتكار مستقبلاً".

ويشرح أنه "عند نزول الأسعار كثيراً كما حاصل الآن في المازوت الإيراني أي كسر الأسعار وبشكل لا يسمح لأشخاص أو شركات أخرى بالمنافسة والدخول إلى السوق سيمهد ذلك إلى خروجهم من السوق وسيطرة طرف عليه ليصبح هو المتحكم بالسعر وقد يعمد لاحقاً إلى رفعه، من هنا أهمية أن يبقى السوق مفتوحاً للمضاربة".

من الناحية القانونية، يقول نادر إن كل من يتعاطى مع النفط الإيراني معرّض اليوم للعقوبات الأميركية ولكن في المقابل إن القافلات مرّت عبر البرّ وأمام أعين الداخل والخارج ويبدو أن هناك نوعاً من غض النظر، مؤكداً أن لا حصار أصلاً على لبنان فناقلات النفط راسية على الشاطئ وتنتظر فقط فتح الاعتمادات وبالتالي فإن الأزمة هي مالية نقدية والحصار يقتصر على الفساد وإفلاس الدولة.

على صعيد آخر، يسأل نادر: "هم يقولون البيع بالليرة اللبنانية، والعملية يتولاها حزب الله، وبالتالي ماذا سيفعل بالمال؟ لمن سيعطيه؟ هل سيشتري به الدولار الأميركي؟ بهذه الحالة سيعاود سعر صرف الدولار الارتفاع".

أخيراً، لا يربط نادر انخفاض سعر صرف الدولار الخميس بشكل كبير بوصول قافلات المازوت الإيراني بل يربط المسار الذي بدأ منذ تشكيل الحكومة الجديدة بهذه المستجدات المرفقة ومبلع 1.1 مليار دولار الذي أعلن عن تسليمه إلى لبنان من جانب صندوق النقد الدولي عدا عن الحديث عن استئناف التفاوض بين الطرفين، والأجواء التي يحاول المعنيون بثها حول الإصلاحات ويبدو أن هناك من يتدخل لعرض الدولار على السوق بهدف خفض الأسعار".

المساهمون