الأعباء المعيشية ترهق الأتراك بعد رفع الأسعار... وآخرها المياه

الأعباء المعيشية ترهق الأتراك بعد رفع الأسعار... وآخرها المياه

06 ابريل 2022
تراكم الأعباء على الأتراك (Getty)
+ الخط -

يتزايد غلاء الخدمات في تركيا، إذ أعلنت بلدية إسطنبول الحضرية، رفع أسعار المياه بنسبة 29% ليطبق القرار مطلع شهر مايو/ أيار المقبل، وذلك بعد رفع أسعار حوامل الطاقة، التي كان الغاز أول من أمس آخرها بعد زيادة أسعار البنزين والمازوت خمس مرات، منذ اندلاع حرب روسيا على أوكرانيا في 24 فبراير/ شباط الماضي. 

وقالت بلدية إسطنبول إنها وافقت على مقترح مجلس إدارة شركة المياه "iski" بالإجماع، ليقفز سعر المتر المكعب من المياه من 5.56 إلى 8.33 ليرات تركية.

ويرى مراقبون أن رفع أسعار المياه بإسطنبول جاء بعد بيان إدارة المياه والصرف الصحي انخفاض منسوب المياه في السدود، من 90% إلى 88,59% إضافة إلى "فلسفة البلدية" بفرض تقنين استخدام المياه وعدم الإسراف، لأن السدود الكبرى بالولاية (بويوك تشكمجة وعمرلي وعلي بي كوي) والتي بلغت منسوبها الأعلى منذ سنوات، مهددة بالنفاد خلال فصل الصيف، نظراً لزيادة سكان الولاية عن 16 مليون نسمة.

ولا ينكر الاقتصادي التركي مسلم أويصال أن رفع أسعار المياه بالولاية يأتي لزيادة تحصيل العائدات، مبيناً أن "القرار ذاتي بإسطنبول، ففي حين أعلن رئيس بلدية أماسيا محمد ساري عن مجانية المياه خلال شهر رمضان والعيد، رأينا بلدية إسطنبول ترفع أسعار المياه، وبنسبة كبيرة".

ويشير الاقتصادي التركي إلى أن بلدية إسطنبول رفعت سعر المياه، لتؤمن دخلاً، بعد رفض مركز تنسيق النقل المستمر لرفع أجور النقل، إذ تم، قبل يومين، رفض اقتراح زيادة بنسبة 50 في المائة في أسعار التذاكر الإلكترونية وسيارات الأجرة وأسعار الحافلات الصغيرة وزيادة رسوم الخدمة بنسبة 40 في المائة بأغلبية الأصوات بالبلدية وللمرة الثانية.

اقتصاد دولي
التحديثات الحية

ويضيف أويصال لـ"العربي الجديد" أن رفع أسعار الغاز والمياه والمشتقات النفطية يزيد من تكاليف معيشة الأتراك ويرفع من نسبة تضخم الأسعار الذي تعدى 61% شهر آذار/ مارس الماضي، مبيناً أن "أزمة التضخم" مستوردة جراء الحرب الروسية وارتفاع استيراد فاتورة الطاقة بتركيا إلى أكثر من 50 مليار دولار سنوياً.

وزادت تكاليف معيشة الأسرة التركية بعد القفزات السعرية والتضخم وتراجع سعر صرف الليرة، لتصل إلى عتبة الفقر، بحسب مركز أبحاث المعادن المتحدة (BİSAM) إلى 14978 ليرة، أي حوالي 3.5 مرات أعلى من الحد الأدنى للأجور البالغ 4250 ليرة.

ويشير حد الفقر إلى الأموال اللازمة لأسرة مكونة من أربعة أفراد لإطعام نفسها بشكل كافٍ وصحي، كما أنها تغطي النفقات على الضروريات الأساسية مثل الملابس والإيجار والكهرباء والمياه والنقل والتعليم والصحة.

في حين تشير عتبة الجوع إلى الحد الأدنى من المال اللازم لإنقاذ أسرة مكونة من أربعة أفراد من الجوع شهريًا، التي وصلت إلى 4330 ليرة ولم تزل دون الحد الأدنى للرواتب والأجور.

وتأتي ولاية إسطنبول في مقدمة المدن التركية ارتفاعاً بالأسعار، إذ أشارت وكالة التخطيط في إسطنبول التابعة لبلدية إسطنبول الكبرى إلى ارتفاع تكاليف المعيشة بنسبة 11.17% خلال الشهر الماضي.

وقالت الوكالة خلال تقرير نشرته أمس إن أسعار السكر ارتفعت بنسبة 27.10% واقترب ارتفاع أسعار زيت عباد الشمس من 40% واللحوم 21.3% والديزل 42% خلال العام الجاري.

وكانت بيانات مؤشر أسعار المستهلك التي نشرها معهد الإحصاء التركي أول من أمس قد أشارت إلى ارتفاع معدل التضخم الشهري للمستهلك 5.45 بالمائة والتضخم السنوي 61.14 بالمائة.

وجاء رفع أسعار المياه أخيراً، بعد رفع مؤسسة اللحوم والألبان التركية (ESK) أسعار اللحوم الحمراء والبيضاء المباعة في متاجرها بعموم البلاد بنسبة 48%، وذلك بالتزامن مع رفع اتحاد أصحاب محطات الوقود (EPGİS) سعر الديزل والبنزين، بنحو 61 قرشاً على الديزل و57 قرشاً على البنزين، ليصل سعر لتر الديزل إلى 21.31 ليرة في أنقرة و21.23 ليرة إلى 22.82 ليرة في إسطنبول.

تلاها رفع شركة "بوتاش" الحكومية سعر الغاز الطبيعي اليوم بنسبة 35% للمساكن و50% للتجار و44% على السعر الخاص بمحطات توليد الكهرباء، وذلك بعد رفع تركيا أسعار الكهرباء مطلع العام الجاري، بنسب تتراوح بين الـ 50 والـ 100 في المائة للاستخدام المنزلي وللشركات.

ويرى الاقتصادي مسلم أويصال أن على الحكومة التركية "الوقوف إلى جانب المستهلك" بعد زيادة الأعباء المعيشية، كأن تتدخل بشكل مباشر في الأسواق، عبر ملاحقة المحتكرين والبيع عبر منافذها، أو تخفيض الضرائب، كما فعلت بضريبة الاستهلاك والقيمة المضافة أخيراً وتعويض المنتجين عبر دعم مباشر أو قروض ميسرة، والأهم برأي أويصال، تسريع رفع الحد الأدنى للأجور والرواتب، لأن الوضع المعيشي بواقع الغلاء بات خانقاً، على حد تعبيره.

ويوصي أويصال بتفعيل الأتراك لشكايات عبر "بلاغ الغلاء الفاحش" لوزارة التجارة، لأن أسعار بعض السلع "ترتفع بالعدوى" في حين لا ارتباط لها بالمستوردات ولا تشكو الأسواق من تراجع بمعروضها.

المساهمون