جبرون والحاجي.. مقاربات في الدولة المغربية المعاصرة

جبرون والحاجي.. مقاربات في الدولة المغربية المعاصرة

25 مارس 2021
(الرباط خلال العشرينيات، Getty)
+ الخط -

في الجلسة الثالثة عشرة التي عقدت اليوم ضمن مؤتمر العلوم الاجتماعية والإنسانية "الدولة العربية المعاصرة: التصور، النشأة، الأزمة"، الذي ينظّمه "المركز العربي لأبحاث ودراسة السياسات"، قدّم امحمد جبرون ورقة بعنوان "في إشكالية العلاقة بين الدولة والدين في المغرب المعاصر: المملكة المغربية من العلمنة إلى الإسلام"، وسعيد الحاجي ورقة بعنوان "التقليدانية والبنية المخزنية العتيقة في الدولة المغربية ما بعد الاستعمارية، جهاز القواد نموذجاً"، وترأس الجلسة عز الدين البوشيخي.

تمثّلت الفرضية الأساسية في ورقة جبرون بأن الدولة المغربية الحديثة التي أنشأها الاحتلال الفرنسي كانت علمانية، وأن جزءاً من محنتها بعد الاستقلال وإلى اليوم تجلّى في سعيها إلى التخلّص من طبيعة هذه النشأة، وكان جزءاً كبيراً من الصراع بين أجنحة الحركة الوطنية، وكذلك بعد ظهور الحركات الإسلامية، وحتى يومنا هذا، خاصة في فترة الحرب على الإرهاب، في محاولة للاعتدال وبناء علاقة مختلفة مع الدين عما كانت عليه زمن الاستعمار.

جبرون: أنشأ الاستعمار الفرنسي دولة مغربية علمانية من خلال قوانين وضعية وتعليم عصري ومراقبة الأوقاف الإسلامية

وأوضح أنه خلافاً لما يعتقد البعض بأن الفرنسيين كانوا متسامحين مع التقاليد الإسلامية، إلا أن ثلاثة عوامل أساسية تقدّم صورة مغايرة لذلك، وهي تشريعهم لقانون وضعي بدلاً من الأعراف المستمدة من الشريعة، كما في قانون العقوبات الذي تم إقراره، وتأسيسهم لتعليم عصري من خلال تأسيس مدارس حديثة حجّمت دور الدين الذي لم يعد يدرّس نهائياً باستثناء تحفيظ القرآن في الصفوف الابتدائية، إلى جانب مراقبة الأوقاف الإسلامية من خلال استهدافها ونهب ممتلكاتها بطريقة أو بأخرى.

أما الحاجي، فتحدّث عن الشكل الذي اتخذته الدولة المغربية بعد الاستقلال حيث ظلّت تراوح مكانها بين دولةٍ تحاول وضع سلطتها في هيكل مؤسساتي عصريّ، وبين دولة مشدودة إلى محافظتها متأثرة بأيديولوجيتها، وبقي سؤال تقليدانية البنية المخزنية العتيقة مطروحاً حتى اليوم رغم تحديث العديد من البنى والمؤسسات.

الحاجي: سؤال تقليدانية البنية المخزنية العتيقة لا يزال مطروحاً حتى اليوم رغم تحديث البنى والمؤسسات

وأشار إلى رأي العروي بأن المخزن هو مؤسسة سياسية يمارس من خلالها الحكم، ونظام سياسي واجتماعي يبقى الثابت فيه طابع الدولة السلطانية الدينية الذي يكرّس نمط حكم يستند في تعاقده مع الشعب إلى المشروعية الدينية المتمثلة في البيعة التي اكتسبت طابعاً إلزامياً في ظلّ الدولة المخزنية، كما يميز بين المخزن الضيّق الذي يشمل كلّ الموظفين الذين يتقاضون راتباً من بيت المال، وبين المخزن الواسع الذي يضمّ الخاصة وعلماء الدين والمرابطين، ويخلص إلى وجود بنية متداخلة يصعب الفصل فيها بين المقدس والديني والمدني والعسكري.

وطرح الحاجي تساؤلاً حول السلطة المركزية إن كانت قادرة وحدها على ضبط المجتمع والمحافظة على دولة المخزن، مستعرضاً أدوات السلطة المحلية وخاصة دور جهاز "القواد" في هذا السياق، منذ كان هؤلاء القواد يحكمون باسم السلطان في جميع مناطق المغرب، وكانت بعض القبائل تنسّب قادتها وبعضها الآخر تنسّب قادتها من قبل السلاطين، وكان هؤلاء القواد مسؤولون عن جباية الأموال.

لكن خلال مرحلة الاستعمار، بحسب المحاضر، التي استفاد الاستعمار خلالها من القواد لجمع الضرائب، كانت هذه النخبة تريحه من تعيين موظفين فرنسيين، وبعد الاستقلال استمرّ الحال نظراً لحاجة الدولة لإظهار السلطة، واحتفظت بالشبكة الإدارية التي أسسها المستعمِر، من خلال تحديث جهاز القواد وفق بنية عصرية.

آداب وفنون
التحديثات الحية

المساهمون