بيتر أوجينغيري.. هوية أفريقيا بعد الاستعمار

بيتر أوجينغيري.. هوية أفريقيا بعد الاستعمار

06 مارس 2022
من المعرض
+ الخط -

على مساحات كبيرة من القماش، يرسم الفنان النيجيري، بيتر أوجينغيري، بورتريهات لأشخاص يقفون على مفترق طرق بين الواقع والاستعارة، في لحظة معقدة؛ حيث لا يزال المجتمع في بلاده، مثل غيرها من المجتمعات الأفريقية، يعيشون حالة اضطراب منذ مواجهتهم الأولى مع الاستعمار في منتصف القرن التاسع عشر.

ما الذي جرى في أكثر من قرن ونصف مضت؟ سؤال يسعى أوجينغري للإجابة عنه في معرض الجديد "مواجهة التمزق" الذي افتتح مساء الأربعاء الماضي في فرع "غاليري 1957" بأكرا؛ عاصمة غانا، ويتواصل حتى الرابع عشر من الشهر المقبل.

يشير بيان الغاليري، الذي يقع مركزه الرئيسي في لندن، إلى اللوحات المعروضة تتناول تاريخ العبودية في أحد بلدان الغرب الأفريقي، الذي اضطر أبناؤه إلى البقاء تحت قيد الاستعمار أو أجبروا على التخلّي عن وطنهم في سياق الاتجار بهم كرقيق، ما أفضى إلى تحوّلات هوياتية مستمرة لا يزال يعيشها كلا الطرفين حتى اليوم.

الصورة
من المعرض
من المعرض

يختار أوجينغري اللون الأرجواني للحديقة التي تظهر كخلفية في معظم الأعمال، وهو كذلك حيلة من أجل رسم العديد من النباتات التي تعتبر علامات راسخة في الذاكرة الجمعية النيجيرية، بالإضافة إلى استحضاره رموز قبلية تعود إلى شعب اليوروبا الذي كوّن ممالك خاصة به في الفترة التي سبقت وصول الجيش البريطاني إلى نيجيريا وتألّفت من نظام يدمج بين سلطة المحاربين والنبلاء، لكن تمّ طمسها في التنظيرات التي ادّعى من خلالها الاستعمار البريطاني عدم تشكّل دول وحضارات في القارة السمراء.

يرسم الفنان النيجيري تلك الرموز التي وُجدت على منحوتات نحاسية لمملكة اليوروبا في مناطق بنيجريا وبنين، والتي نُهبت واحتفظت بها متاحف أوروبية قبل أن يُستعاد بعضها خلال الفترة الأخيرة، وتشير إلى الطقوس الدينية ومراسم الاحتفال التي سادت في مملكة إيفي النيجرية بين القرنين الحادي عشر والرابع عشر، وتبدو الرؤوس المنحوتة في هيئة تلتبس فيها وجوه الملوك الآلهة بأقنعتهم، حيث تختلط ملامحهم البشرية بهالة أيقونية لم يدركها الرجل الأبيض الذي انتزعها من سياقها الحضاري الثقافي، وتعامل معها بشكل بدائي مجرّد.

صوّر شخصياته التي استعارها من تاريخ بلاده في لحظة سلام وسكون، وهي تنظر بألم إلى افتقادها هويتها بالإكراه وقسرها على حداثة أوروبية لا تعبّر عنها، لذلك هي معنية اليوم، وأكثر من أي وقت مضى، بإعادة تعريف ذاتها والتحرّر من قيود الماضي وإكراهات الحاضر في الوقت نفسه.

آداب وفنون
التحديثات الحية

المساهمون