يحدث في أميركا فقط!

يحدث في أميركا فقط!

08 سبتمبر 2019
+ الخط -
في بابها الأسبوعي (فقط في أميركا)، الذي ينشر بعض الأخبار التي لا تسلط عليها وسائل الإعلام الضوء الكافي برغم طرافتها وغرابتها ودلالاتها أيضاً، نشرت مجلة (ذي ويك) الأخبار التالية والتي يمكن أن تحدث في غير أميركا، لكن اختيار العنوان نفسه له دلالة تتعلق بالتصورات الشائعة لدى أغلب الأميركيين عن بلادهم وكيف يجب أن يكون عليه شكل الحياة فيها، أترككم مع عينة من تلك الأخبار:

ـ رفع ضابط شرطة سابق في ولاية نورث كارولينا قضية على إدارة الشرطة، زاعماً أنها فصلته لأنه يتبع مبدأ المبشر والواعظ المسيحي الشهير بيلي غراهام، الذي يقضي بتحريم أن ينفرد الرجل بامرأة غير زوجته ولو بغرض العمل، الضابط مانويل توريس البالغ من العمر 51 عاماً، قال إن إيمانه الديني العميق هو الذي دفعه لرفض ركوب سيارة الشرطة مع زميلة تحت التمرين، ولذلك تم فصله في انتهاك لحقوقه الدينية، خاصة أن بيلي غراهام الذي توفي قبل أكثر من عام ليس مجرد واعظ عادي، بل هو رمز ديني شديد التأثير والشهرة، ومن أتباعه مثلاً نائب الرئيس الأميركي مايك بنس، الذي لم أقرأ في الصحف ما إذا كان يطبق قاعدة بيلي غراهام خلال عمله في البيت الأبيض أم لا. 

ـ على أحد مواقع السفر والسياحة، كتب بعض الزوار من بيض البشرة تعليقات غاضبة على زيارتهم لأحد الحقول الضخمة في ولاية ساوث كارولينا، والتي كان يعمل فيها الفلاحون السود في فترة العبودية، أحدهم اعترض على أن الجولة اشتملت على محاضرة وصفها بأنها "تهدف لترسيخ عقدة الذنب لدى البيض"، في حين كتب آخر قائلاً: "نحن لم نأت إلى هنا لنسمع محاضرة عن الطريقة التي كان البيض يعاملون بها العبيد". 

ـ قام أحد سكان ولاية أريزونا بالتبرع بجثمان والدته ليتم استخدامه في الأبحاث الطبية، لكنه اكتشف بعد ذلك أن جثمانها تم استخدامه كهدف للتفجير في اختبار عسكري، لم تكن شكوى جيم ستوفر الوحيدة، فقد تم رفع عدد من الشكاوى من المتبرعين بجثامين أهاليهم لمركز الأبحاث البيولوجية، لكن شكوى ستوفر كانت محددة أكثر، فقد علم أن جثمان والدته تم ربطه بكرسي، قبل أن يتم تفجيره، لدراسة تأثير القنبلة على الجسم. 

ـ بدأت بعض الكنائس الأميركية في تسليح المترددين عليها بانتظام، وتدريبهم على القتال ضد عمليات الاقتحام وإطلاق النار الجماعي، في إحدى كنائس فورت وورث في ولاية تكساس مثلاً تم تشجيع ضباط الشرطة السابقين على حضور مراسم صلاة الأحد، كما قامت بالتعاقد مع شركة خدمات أمنية لتدريب رواد الكنيسة على مواجهة المقتحمين المحتملين. 

ـ في نفس السياق، ولكن في ولاية كاليفورنيا، رفض مدير إحدى المدارس الاعتذار بسبب ما نتج عن تجربة قام بها في مدرسته، حيث قام موظف في المدرسة بارتداء قناع وحمل سلاح مزيف، وقام بقرع أبواب الفصول، مسبباً حالات ذعر بين الطلبة والمدرسين، وهو ما وصفه مدير المدرسة بأنه "تحقيق للهدف من التجربة التي تهدف لزيادة وعي الطلبة والمدرسين بالتعامل مع حالات القتل الجماعي التي انتشرت في أميركا في السنوات الأخيرة". 

ـ نصحت إدارة جامعة ميتشيغن موظفيها بتجنب استخدام عبارة "لا مشكلة" في التعامل مع المترددين على الجامعة، لأن تلك العبارة يمكن أن تثير انتباه المتردد على الإدارة إلى أنه يمكن أن يكون هناك مشكلة في المستقبل، لذلك يفضل أن يتم استخدام عبارة "أهلا بك" كبديل عنها. 

ـ مواطن من مدينة لاس فيغاس رفع دعوى قضائية على مسؤولي ولاية نيفادا التي تتبعها المدينة، لأنهم رفضوا قيامه بتسجيل حزب سياسي يحمل اسم (WTF) لأنهم اعتبروا أن اسم الحزب يمثل اختصاراً لتعبير بذيء هو (What the fuck) أو (عليك اللعنة) طبقاً لترجمة معامل أنيس عبيد الشهيرة، لكن المواطن الرايق أصر أن الـ (WTF) الخاصة به، ليس لها معنى محدد، وهو ما يرفض تصديقه مسؤولو الولاية المنتخبون، الذين قالوا إن الاسم عدائي، ويمكن أن يثير الازدراء خلال العملية الانتخابية. 

ـ قام والدان ثريان باستئجار خبراء إلكترونيين لمساعدتهم على فطام أطفالهم من الشاشات والأجهزة الإلكترونية، حصل الخبراء على أجر ضخم قدره 250 دولار في الساعة، لتعليم الوالدين كيف يقومون بملء الفجوة الرقمية في حياة أبنائهم، وبالطبع لم يتسرب للعامة من تلك النصائح الغالية سوى نصيحة بضرورة الاشتراك مع الأطفال في رمي الكرة والتقاطها، أما بقية النصائح فعليك أن تدفع من أجل الحصول عليها. 

- في المقابل، قامت مدرسة في ولاية بنسلفانيا بتحذير الآباء من عدم دفع فواتير الغداء الذي يحصل عليه أطفالهم، لكي لا يتم أخذ الاطفال منهم، وأضاف التحذير الذي وجهته مدرسة وادي وايومنج غرب للأهالي أن عدم دفع الفواتير يعتبر إنكاراً لحق أطفالهم في الطعام، وهو ما يمكن أن ينتج عنه إيداع الأطفال في ملاجئ، محامي الإدارة التعليمية قال بعد أن أثار التحذير ضجة كبيرة، إنه كان مجرد تحذير يهدف إلى لفت انتباه العائلات، وهو ما تحقق بالفعل، كما تلاحظ.  

ـ قام ثنائي لم يتم الإعلان عن اسمه بمقاضاة فندق في لوس أنجلوس لأن عامل تنظيف النوافذ الزجاجية، شاهدهما من خارج الفندق وهما يمارسان الجنس داخله، تقول الدعوى القضائية إن العامل حين رأى المشهد من الرافعة التي حملته إلى الطابق الخامس عشر الذي تقع فيه غرفتهما، رسم على وجهه ابتسامة "كان من الواضح أنها مستمتعة بالمشهد" طبقاً لنص الدعوى، وأن ذلك عرضهما لصدمة ألحقت الأذى بعلاقتهما الرومانسية، التي تم القضاء عليها وانتهت بالكامل بعد تلك التجربة الأليمة.

ـ في مذكرة سرية تم تسريبها للصحافة، طلب عضو الكونغرس الأميركي كريستوفر سميث ـ جمهوري عن ولاية نيوجرسي ـ من وزارة الدفاع الأميركية التحقيق في نظرية مؤامرة متداولة تزعم أن العلماء الحكوميين التابعين للبنتاغون قاموا بإنتاج سلاح بيولوجي هو مرض Lyme الذي تم اكتشافه مؤخراً، الطلب جاء خلال مناقشة الكونغرس لميزانية وزارة الدفاع، العضو الموقر تساءل عما إذا كان المرض الذي ينتقل بواسطة بعض الحشرات مثل الخنافس، قد جاء بعد أن تمت تجارب لاستخدام الخنافس كسلاح بيولوجي، بحقنها بالفيروس، قبل أن يتم خروج الخنافس المصابة بالفيروس من المعامل. بالطبع، تم نشر خبر كهذا في باب الغرائب والطرائف، مع أن الملايين سيتداولونه بوصفه وثيقة رسمية تعترف بصحة نظرية المؤامرة، بدليل أنها أثيرت تحت "قبة البرلمان". 

ـ في الوقت الذي فشل فيه دونالد ترامب في إكمال وعده الانتخابي ببناء جدار حدودي يفصل أميركا عن المكسيك، أعلنت جامعة نيو مكسيكو عن تخطيطها لبناء جدار حول الحرم الجامعي، لإبعاد متشردي مدينة ألباكيركي عن الجامعة، خطة الجدار التي نشرتها صحيفة المدينة تتضمن بناء سور معدني حول مساحة قدرها 13 ألف قدم، وقد برر أحد مسؤولي الجامعة خطة بناء الجدار بأنها جاءت بناءً على شكاوى من أهالي الطلاب الذين يسألون الجامعة بشكل متكرر عما تنوي فعله لإبعاد المتشردين عن الحرم الجامعي. 

ـ استيقظ سكان ضاحية في إحدى مدن ولاية فيرجينيا، ليجدوا أمام أبواب بيوتهم أجهزة تلفزيون قديمة، تم وضعها بشكل غامض في الليل، ما أثار قلق السكان هو عدد الأجهزة التي يعود إنتاجها إلى أكثر من عشرين عاما، والتي بلغ عددها 52 جهاز تلفزيون، خاصة أن الشخصين اللذين قاما بوضع الأجهزة تم مشاهدتهما من قبل البعض وهما يرتديان قبعتين تشبهان صندوق التلفزيون، لكن الشرطة طمأنت السكان بأنه لا يوجد ما يستدعي القلق. 

ـ رفع نزلاء أحد سجون ولاية كاليفورنيا دعوى قضائية يطالبون فيها برفع الحظر عن وجود الماريجوانا في الزنازين، بعد أن قامت الولاية برفع الحظر عن استخدامها منذ عام 2016، دعوى النزلاء أقنعت محكمة بالولاية التي لم تجد مبررراً لاستثناء نزلاء السجون من قرار الولاية، لكنها أباحت للنزلاء حيازة الماريجوانا فقط دون تدخينها، ليصبح من حقهم مضغها أو طبخها، لكن إدارة السجون أعلنت بعد صدور الحكم أنها مستمرة في حظرها لاستخدام وبيع المخدرات بين نزلاء السجون، ولا زالت المعركة مستمرة. 

ـ يفترض أن يصدر مرسوم إداري في مدينة غراند رابيدز في ولاية ميتشيغن، يحظر القيام ببلاغات للشرطة عن وجود "مواطنين ملونين في الجوار" إذا لم يرتبط ذلك بسلوك إجرامي، وهو ما كان المواطنون البيض يقومون بفعله في السابق لأسباب متعددة، يتضح أنها غير مرتبطة بأي نشاط إجرامي، في حديثه للصحف عن المرسوم المرتقب قال مسؤول في الشرطة: "يجب على المواطنين التوقف عن الاتصال بالنجدة لمجرد أن جارهم الملون لديه حفلة شواء، أو لأن لديهم مشاعر تحيز عرقي". 

ـ موظف بأحد مقاهي (ستاربكس) في مدينة تيمبي بولاية أريزونا، طلب من خمس ضباط شرطة مغادرة المقهى، لأن أحد الزبائن شعر أنه غير آمن بسبب وجودهم في المكان، خرج الضباط من المقهى غاضبين، لكن إدارة (ستاربكس) اعتذرت لهم لاحقاً، في حين أصدر رئيس اتحاد ضباط الشرطة في المدينة بياناً قال فيه إن "الشعور بعدم الأمان في ظل وجود عناصر لتطبيق القانون حولك، هو أمر أصابني بالإرباك"، نسأل الله له السلامة.

605C8788-2DB9-4AE6-9967-D0C9E0A2AD31
بلال فضل
كاتب وسيناريست من مصر؛ يدوّن الـ"كشكول" في "العربي الجديد"، يقول: في حياة كل منا كشكولٌ ما، به أفكار يظنها عميقة، وشخبطات لا يدرك قيمتها، وهزل في موضع الجد، وقصص يحب أن يشارك الآخرين فيها وأخرى يفضل إخفاءها، ومقولات يتمنى لو كان قد كتبها فيعيد كتابتها بخطه، وكلام عن أفلام، وتناتيش من كتب، ونغابيش في صحف قديمة، وأحلام متجددة قد تنقلب إلى كوابيس. أتمنى أن تجد بعض هذا في (الكشكول) وأن يكون بداية جديدة لي معك.