أنت لم تسأل لكنني أجيب (الموسم الثاني)

أنت لم تسأل لكنني أجيب (الموسم الثاني)

05 فبراير 2019
+ الخط -
لم أكن أتوقع النجاح الذي حققته لعبة الأسئلة التي أشركت قراء (الكشكول) فيها معي مطلع الشهر الماضي، وهو نجاح كان أجمل ما فيه أنني تلقيت سيلاً من الأسئلة التي يتوقع سائلوها أن أجيبهم عنها، بعضهم بحسن نية، وبعضهم بسوء نية، وقد اخترت في هذه التدوينة بعضاً من الأسئلة التي جاءتني، والتي قد تختلف نوايا سائليها، لكني حرصت على أن أجيب على جميع الأسئلة بنية واحدة هي الرغبة في فهم نفسي أكثر، ولأن كثيراً من القراء الأعزاء قالوا إن أكثر ما أعجبهم في الأسئلة السابقة، هي أنها دفعتهم لتأملها والإجابة عنها، لذلك أتمنى أن تساعدك هذه الأسئلة وإجاباتها على فهم نفسك أكثر، وأن تشجعك على طرح مزيد من الأسئلة عليّ وعلى نفسك.

ـ حين أسألك عن عبارة من كتاب لا تنساها أبداً، ما هي أول عبارة تخطر على بالك؟
في الحقيقة هما عبارتان، لو لم أكن سأتذكر غيرهما من كل ما قرأته في حياتي لاكتفيت بهما، الأولى عبارة (الحقيقة بحث وليست وصولاً) للأستاذ نجيب محفوظ، والثانية عبارة (لا تنشغل بغير الطريق) للإدارة العامة للمرور.

ـ المجال الذي تمنح والدتك فيه جائزة رفيعة؟
القدرة على التجاوز.

ـ أكثر فعل يمكن أن يقتل الحب؟
التسوق بكل أنواعه.

ـ أكثر فعل يمكن أن يحيي الحب؟
المهارشات بأنواعها.

ـ أول أجر تحصل عليه في حياتك؟
في الصحافة، خمسة جنيهات مقابل الخبر الواحد، كنت أحصل عليها حين عملت صحفياً تحت التمرين في مجلة روز اليوسف، أما في السينما فلم يكن أول أجر حصلت عليه نقوداً، وإنما موبايل "نوكيا بانانا" مستعمل، حصلت عليه من الفنان محمود عزب الشهير بعزب شو لأكتب فيلماً له كان سيخرجه علي إدريس، لكن المشروع لم يكتمل برغم تبني أحد المنتجين له، ولذلك قصة أخرى.

ـ هل تعتبر نفسك شخصاً سعيداً في الحياة؟
أعتبر نفسي شخصاً غير منشغل بتحديد موقفه من الحياة، بقدر انشغاله بمحاولة الإفلات من خوازيقها.

ـ ما هو الشيء الذي تحلم به كل ليلة؟
النوم المنتظم.

ـ عقوبة تتمنى تغليظها؟
ضرب الآباء لأبنائهم.

ـ أجمل سنة عشتها في حياتك؟
2005.

ـ أسوأ سنة عشتها في حياتك؟
كل سنوات الطفولة.

ـ من الشخص الذي لا تستطيع أن ترفض له طلباً؟
لا تثق أبداً في أي شخص لا يستطيع رفض طلب واحد على الأقل لأقرب الناس إليه.

ـ اكتب قصة رعب من أربعة كلمات؟
جاء يومها قبل يومي.

ـ لو أغمضت عينيك الآن، ما هو أول شيء ستفكر به؟
انتهاء الإمساك.

ـ أكثر ما يدهشك؟
بشكل إيجابي: الكتب والأفلام الجميلة. بشكل سلبي: قدرة بعض أساتذتي وأصدقائي على خيانة أنفسهم.

ـ هل يمكن أن تفكر بالانتقام من شخص أساء إليك؟
كنت أفكر أحياناً في الانتقام من عدة أشخاص، إلى أن أصبحت أعتنق مبدأ "انتظر جثة عدوك على النهر"، وهو مبدأ لم يخب معي في أحوال كثيرة، مع إدراكي أن هناك أعداء ينتظرون جثتي في مكان ما على النهر.

ـ المكان الذي التقيت فيه بحب عمرك لأول مرة؟
مكان لا علاقة له بالرومانسية: مكتب ضيق مزدحم في صحيفة تعيسة كنت على وشك مغادرتها.

ـ أكثر اسم دلع تفضله؟
بابا.

ـ هتافك المفضل في المظاهرات؟
"مسرحية مسرحية والعصابة هيّه هيّه".

ـ هتافك المفضل في مدرجات كرة القدم؟
"أحّه أحّوه قال إيه عايزين ياخدوه".

ـ أول قرار تتخذه إذا أصبحت رئيساً للجمهورية؟
تجريم العشم.

ـ أكثر شيء يمكنه تغيير حالتك النفسية؟
المشي إلى أقرب سينما، أو دخول أقرب مكتبة.

ـ أهم سبب تستحلّ من أجله الكذب؟
تجنّب الالتقاء بالثقلاء، والثقلاء بالبلدي هم الناس البضينة الذين نكرههم ونعتقد أننا لسنا منهم، في حين يوجد حتماً من يعدوننا منهم ويستحلون الكذب لتجنب الالتقاء بنا.

ـ أكثر خصلة لا يمكنك التسامح معها في المقربين إليك؟
أخذ أنفسهم بجدية أكثر من اللازم.

ـ دين لم تقم بتسديده؟
ألف جنيه استلفتها من رئيس مكتب صحيفة عربية عملت معه عام 98، وحين تم تعيينه في منصب حكومي مهم، قررت ألا أعيدها إليه أبداً بوصفها غنيمة حرب.

ـ شخص يمكن أن تعتذر له من قلبك؟
أي قارئ عزيز تصور خلال فترة ما أن اتفاقي معه في الرأي يمكن أن يدوم.

ـ عبارة قرأتها يمكن أن تلخص طموحك في الحياة؟
هي عبارة لم أقرأها لكني سمعتها: "وأعرف يا كتاكيت أحكي حواديت".

ـ أسوأ مهنة عملت فيها في حياتك؟
العمل في قسم الديسك، وهو القسم الذي تتم فيه إعادة صياغة الكتابات الرديئة ليتمكن أصحابها من التفاخر بقدراتهم في الكتابة.

ـ هل أنت متسرع؟
على عكس ما قد يبدو، غالباً لا، لكنني حين أتسرع أرتكب كوارث باهظة التكلفة.

ـ اختصر حياتك في كلمة واحدة؟
مغامرة.

ـ شيء كنت تحبه في طفولتك وأصبحت تكرهه الآن؟
المطر، فلم أكن قد جربت بعد كيف يمكن أن يشل المطر حياتك لأيام.

ـ أجمل مكان في العالم بالنسبة لك؟
ضفة نهر صغير، يمكن عبوره بسهولة، ويمكن سماع صوت مياهه، ويمكن شربها.

ـ الشخص الذي تتمنى أن يعيده إليك الزمن؟
الأستاذ علاء الديب.

ـ أكثر ما يزعجك في أطفالك؟
قدرتهم المبهرة على نسيان اللحظات المفرحة التي عشناها سوياً.

ـ أجمل مدن العالم في رأيك؟
بالترتيب العاطفي الذي يمكن اصطناع مبررات منطقية له: إسكندرية ـ نيويورك ـ إدنبرة في الصيف ـ وسط القاهرة في الشتاء ـ اسطنبول.

ـ اختر ثلاثة أشخاص تحب لقاءهم في الجنة؟
بما أنك افترضت مشكوراً أنني سأورد على جنة، دعني أختر خمسة أشخاص: نجيب محفوظ ـ الجاحظ ـ سعاد حسني ـ ديستويفسكي ـ عزيز نيسين، وبالتأكيد حين سيقوم يحيى حقي بزيارة نجيب محفوظ، وأبو حيان التوحيدي بزيارة الجاحظ، وصلاح جاهين بزيارة سعاد حسني، وتشيكوف بزيارة ديستويفسكي، وبيرم التونسي بزيارة عزيز نيسين، لن أرجوك أن تسمح لي بزيادة عدد من أختار لقاءهم في الجنة.

ـ أكثر ما تندم عليه في حياتك الشخصية؟
عدم الاكتراث بالصحة في شبابي المبكر.

ـ أكثر موقف سياسي تندم عليه؟
كل ما اتخذته من مواقف سياسية كنت مقتنعاً به، وفكرت فيه جيداً، ولذلك كنت مستعداً لتحمل مسئوليته ولا أندم عليه، لكني في الوقت نفسه لا أكف عن محاولة التعلم من تلك المواقف بكل ما كان فيها من أخطاء، وما رافقها من ملابسات، وما تلاها من عواقب.

ـ العادة الخاطئة التي لا تحب التخلي عنها؟
السهر.

ـ بوصفك أباً تحت التمرين، ما هي أسعد لحظة لدى الأب؟
اللحظة التي يعيش فيها على قفا أولاده دون أن يزعجهم ذلك.

ـ أكثر كلمة تكرهها في اللغة العربية؟
لا أكره الكلمات في حد ذاتها، بل أكرهها حين ترتبط بأفكار أكرهها، لكن إذا كنت تقصد كلمة لا أحب سيرتها فهي "المرض".

ـ آخر مرة بكيت فيها؟
علاقتي بالبكاء منتظمة والحمد لله، وأسبابه متعددة ومتنوعة، من أهمها قائمة الأغاني المختارة التي أستمع إليها حين أعمل، وفيها على الأقل عشرين أغنية يزيد الاستماع إليها من فرص البكاء، إما لارتباطها بفترة زمنية مؤلمة أو بعزيز فقدته أو بمكان أشتاق إليه. البكاء المنتظم تاج على رؤوس البكّائين، لا يراه الذين يربطون بين البكاء والتعاسة.

ـ شعار لا تنساه بخصوص العمل؟
"المهارة تذهب مع الخمول والانقطاع".

ـ أكثر مكان تكرهه؟
قاعات الأفراح، أكرهها أكثر من سرادقات العزاء.

ـ أكثر ما أنت مهتم بإقناع قرائك به؟
يستحيل أن ينجح أي كاتب في الاتفاق مع من يقرأ له على قناعات واضحة، لكن لو كنت تسأل من باب التمني، فأنا لا أتمنى أن أقنع من يقرأ لي إلا بشيء وحيد: أنني لست مهتماً بإقناعه بشيء، وأنني لن أحزن إذا لم تتغير قناعاته في الحياة بسبب ما أكتبه، وأنني لا أهدف لما هو أبعد من التعبير عن رأيي، وهو ما يستحيل أن يصدقه الكثيرون في عالمنا العربي المفتون بنموذج شاعر القبيلة، والمهووس بنظرية المؤامرة التي تجعل كل كاتب جزءاً من مخطط ما.

ـ كم فنجان قهوة تشرب كل يوم؟
هناك خطأ جسيم في السؤال، وحدة قياس القهوة لدى أي كاتب يحترم نفسه ليست الفنجان، بل "المَج".

ـ سنة تتمنى أن تنساها؟
هناك سنوات عصيبة عشتها، لكني بحكم المهنة لا أملك رفاهية نسيان تفاصيلها.

ـ وصفتك التي لا تخيب للضحك؟
ليست وصفة شخصية، بل يشترك فيها معي الملايين: مشاهدة مشهد المحكمة في مسرحية (شاهد ما شافش حاجة)، أو أي مشهد يظهر فيه عبد المنعم مدبولي مع شادية في مسرحية (ريا وسكينة)، أو المشهد الذي يجمع فؤاد المهندس ومحمد أبو الحسن وسناء يونس في مسرحية (سك على بناتك)، أو المشاهد الثلاثة مجتمعة.

ـ صدمة عاطفية لا تنساها؟
كل الصدمات العاطفية في حياتي تحولت إلى مواد لتوليد الضحك، لأنها كانت مبنية على بلاهات رومانسية.

ـ أكثر لحظة تحبها في مشوارك السينمائي؟
كل لحظات انفجار قاعات السينما بالضحك خلال عرض كثير من أفلامي هي لحظات سعيدة وخاصة ولا أنساها أبداً، لكن إذا كان لا بد أن أختار من بينها لحظة واحدة، فسأختار لحظة حضوري أول عرض لفيلم (أبو علي) في سينما مترو بالقاهرة، قبل أن يتم تحويلها من سينما بها ألف كرسي إلى قاعات كريهة ضيقة، ولا زلت أذكر كيف تم إحضار كراسي إضافية لوضعها في ممرات السينما، وأعتقد أن لحظات التصفيق الطويلة التي أعقبت انتهاء الفيلم ستظل من أسعد لحظات حياتي على الإطلاق.

ـ أخطر قرار اتخذته ولم تندم عليه؟
قراران: ترك الدراسة الأكاديمية، وترك العمل المنتظم في المؤسسات الصحفية والإعلامية، والتفرغ للكتابة الحرة. لم أندم على هذين القرارين حتى الآن، برغم أن تكلفتهما لم تكن سهلة أبداً، وأرجو ألا أندم عليهما في مقبل الأيام.

ـ أكثر موقف محرج تعرضت له في حياتك؟
في سنة 99 تقريباً، كنت أعمل في مكتب قناة فضائية بالقاهرة، ونصحتني صديقة عزيزة بتجريب دواء لمنع امتصاص الدهون من الأكل، كان وقتها يستورد من الخارج ويعتبر إنجازاً مبهراً، لكنها لم تقل لي أن من أبرز آثاره الجانبية أنه يفقدك القدرة على التحكم في موعد وطريقة خروج الدهون التي لا يمتصها الجسم، وهو ما اكتشفته بالصدفة خلال اجتماع مهم مع مديرة المكتب وضيوف مهمين، لكنهم لحسن الحظ ولأجل رضا الأم، لم يشاركوني في شم رائحة الاكتشاف الذي أترك تخيل تفاصيله لنباهتك.
605C8788-2DB9-4AE6-9967-D0C9E0A2AD31
بلال فضل
كاتب وسيناريست من مصر؛ يدوّن الـ"كشكول" في "العربي الجديد"، يقول: في حياة كل منا كشكولٌ ما، به أفكار يظنها عميقة، وشخبطات لا يدرك قيمتها، وهزل في موضع الجد، وقصص يحب أن يشارك الآخرين فيها وأخرى يفضل إخفاءها، ومقولات يتمنى لو كان قد كتبها فيعيد كتابتها بخطه، وكلام عن أفلام، وتناتيش من كتب، ونغابيش في صحف قديمة، وأحلام متجددة قد تنقلب إلى كوابيس. أتمنى أن تجد بعض هذا في (الكشكول) وأن يكون بداية جديدة لي معك.