عن أمل الحسم وتوافه الشباب ومديح القبض ومختارات أخرى

عن أمل الحسم وتوافه الشباب ومديح القبض ومختارات أخرى

25 نوفمبر 2019
+ الخط -
ـ "فما أشبه الليلة بالبارحة! فها نحن نرى الأحفاد يبددون الأموال التي جاءت إليهم دون نظر إلى المستقبل، بل ويزيدون على ذلك الاستدانة كما فعل أجدادهم فخسروا استقلالهم ليس بسبب الغزو العسكري كما حدث مع الأجداد ولكن بالخنوع لإرادة البنوك الدولية التي أصبح الحج إليها لالتماس المعونات أمرا عاديا، إذ لا يكاد ينقطع سيل الوزراء والموظفين العموميين المصريين الذين يفدون إلى واشنطن، متنقلين مرة بين مكاتب وزارة الخارجية ووزارة الدفاع وهيئات المعونة ومرة بين مكاتب صندوق النقد والبنك الدولي، حاملين ما يبدو أنه طلب مصر الملح لإعفائها من بعض الديون أو تخفيض نسبة الفائدة على بعضها الآخر أو لزيادة المعونة أو لنقلها من بند إلى آخر أو لمدها بقرض جديد".

من كتاب (الحقيقة والوهم في الواقع المصري المعاصر) للدكتور رشدي سعيد الصادر عن سلسلة كتاب الهلال نوفمبر 1996

ـ "في زمن سقراط، كان من عادة أي خطيب أن يسأل جمهوره عن جنس أو أسلوب التعبير الذي يؤثرون: الأسطورة ـ أي السرد ـ أم الحجاج المنطقي، وفي عصر الكتاب لا يمكن ترك هذا القرار للجمهور، إذ لا بد من حسم الاختيار حتى يتسنى للكتاب أن يوجد، وليس بوسع المرء إلا أن يتخيل (أو أن ينشد) جمهوراً يعطي إجابة بدلاً من الأخرى".

تزفيتان تودوروف من كتاب (فتح أمريكا مسألة الآخر) ترجمة بشير السباعي

ـ "قال سهل بن هارون: والناس موكّلون بتعظيم الغريب، واستطراف البعيد، وليس لهم في الموجود الراهن، وفيما تحت قدرتهم من الرأي والهوى، مثل الذي لهم في الغريب القليل، وفي النادر الشاذ، وكل ما كان في مِلك غيرهم. وعلى ذلك زهد الجيران في عالمهم، والأصحاب في الفائدة من صاحبهم".

من كتاب (البيان والتبيين) للجاحظ

ـ "لم يبق بعد الإيمان والمحبة المكتسبة سلفاً، سوى البضاعة الثالثة الكاسدة التي وردت في رسالة بولص إلى أهالي كورنثوس: الرجاء. فبينما كانوا يقضمون الفجل والجوز واللوز تمنوا أن يُحسم الأمر قريباً، لكي يواصلوا القضم أو يبدأوا من جديد، متمنين أثناء موسيقى الختام أو بعدها أن يُحسم أمر الحسم قريباً، فكانوا لا يعلمون ما الذي يجب أن يُحسم، بل تمنوا أن يُحسم الأمر عاجلاً، أن يحسم غداً، متأملين ألا يكون الحسم اليوم، إذ ما الذي يمكن أن يفعلوه بالحسم المفاجئ، وعندما حُسِم الأمر، خلقوا منه سريعاً بداية جديدة حافلة بالأمل، إذ أن الحسم في بلادنا هذه يعني دائماً بداية وأملاً لكل حسم بما فيه الحسم النهائي، فقد ورد أيضاً: طالما بقي الإنسان يأمل، فإنه سيبدأ دائماً من جديد بالحسم الزاخر بالأمل".

من رواية (طبل الصفيح) لجونتر جراس ترجمة حسين الموزاني

ـ "لم أكن أريد أن أحزن، فالحزن في نهاية الأمر شعور مرهف، تام وعميق وطويل الأمد، لذا فضلت أن أغضب".

من رواية (وهذا أيضاً سوف يمضي) لـ ميلينا بوسكيتس ترجمة نهى أبو عرقوب

ـ "يتحدث القانون عن التغرير بالقواصر، لكن لا أحد يشير إلى التغرير بالمُثُل الأعلى، أتعرفون نظاما في مكان ما لا يتذرع بالعدالة والديمقراطية والإشتراكية ولا يتبجح بتمثيل قيمها الحقيقية؟، إن عملية الغش بامتياز تكمن في هذا الاستغلال المنهجي لجناح يموّه أكثر السلع غرابة، وهنا بالذات يمكن تدخل العقل النقدي أن يعطي معنى للغة وقناعة لمن كانوا أذعنوا للشك".

جورج حنين من رسالة إلى مجلة "جون أفريك" 21 يناير 1963

ـ العالم مجرد ذريعة. نحتاج إلى التفكير بشيئ ما، فاخترناه كمادة للتأمل، لذلك لن يفوت الفكر فرصة تدميره".

سيوران

ـ "أرى أن هوس مشاهدة الأفلام نوع من الإستشفاء الذاتي، عقار معالجة مثلية يخدرها في مواجهة إلحاح التفكير في مستقبلها، الهروب إلى الفيلم يختلف عن الهروب إلى الكتاب، فالكتب ترغمك على أن ترد مقابلا ما لها، أن تدرب ذكاءك ومخيلتك، في حين تُمكنك مشاهدة فيلم ـ بل التمتع به ـ في حالة من الغياب العقلي السلبي".

بول أوستر من رواية (رجل في الظلام) ترجمة أحمد م أحمد

ـ "أذهب إلى البحر في صورة بحار لأني أتقاضى أجرا عن كل أتعابي، أما الذي يركب البحر مسافرا فإنه لا يقبض درهما واحدا فيما أعلم، بل الأمر على النقيض إذ على المسافر أن يدفع أجرا وفي هذا نفسه كل ما في الكون من فرق بين الدفع والقبض، وربما كان الدفع أسوأ عاقبة أنزلها بنا لصا الجنة (آدم وحواء). أما القبض؟ فهل شيء يوازيه؟ إن الحيوية الوديعة التي يبديها المرء وهو يقبض نقودا غاية في إثارة الإعجاب، هذا مع أننا جميعا نعتقد مخلصين أن المال أصل كل الشرور الدنيوية، وأن الغني لا يدخل باب السماء إلا حين يدخل الجمل في سمّ الخيط، ما أسرع ما نسلم نفسنا إلى التهلكة راضين مستبشرين."

من رواية (موبي ديك) لـ هيرمان ميلفيل ترجمة إحسان عباس

- "لا يتبقى للمثقف إلا الانخراط في شبكات مقاومة تسعى جهدها إلى بلورة أسئلة وإحداث شروخ في عالم ينحو نحو التنميط والتخشّب وتكريس البلاهة".

عبد السلام بنعبد العالي

ـ "ماذا يحدث لمن يقضون حياتهم خائفين من التعبير عن آرائهم؟ الأرجح أنهم يتوقفون عن التفكير، أو يعتادون على الكلام الفارغ".

من رواية (لا قديسون ولا ملائكة) لـ إيفان كاليما ترجمة إيمان حرز الله

ـ "يبدو أن الشباب لديهم مناعة ضد كل شيء ما عدا توافه الأمور. يمكننا أن نحوّل التوافه بجدية مأساوية إلى كل شيء في العالم. ففي نهاية المطاف، ليس من شيء عميق في الواقع/ لأنك حين تبلغ الواقع، في الأربعين أو الخمسين أو الستين، تكتشف أنه لا يتجاوز الأقدام الست عمقاً والثماني عشرة قدماً طولاً في باطن الأرض".

ويليام فولكنر في مجموعته القصصية (موسيقى سوداء وقصص أخرى) ترجمة سامر أبو هواش

ـ "منذ البداية ـ وحتى قبل البداية بدهور ـ يجب أن نثق أن السمك يعيش في الماء، والوطواط في الخرائب، والمدرسين في المدارس، والطمأنينة في الموت، والثعالب في المزارع، والرهبان في الأديرة، والخداع في الكتب، والحب في الشقوق، والسم في دم الحيض، والحكمة في مؤخرات الأحداث، وخيركم يا سادتي من فاتته الحكمة أو فاتته الأحداث".

من رواية (ديروط الشريف) لمحمد مستجاب

ـ "لا بد للإنسان من ضجعةٍ
لا تقلب المضجعَ عن جنبه
نحن بني الدنيا فما بالنا
نعافُ ما لا بد من شُربِه
يموتُ راعي الضأن في جهله
ميتة جالينوس في طبِّه
وربما زاد على عمره
وزاد في الأمن على سِربِه
فلا قضى حاجته طالبٌ
فؤاده يخفق من رعبه
فغاية المفرط في سلمِه
كغاية المفرطِ في حربهِ"

أبو الطيب المتنبي
605C8788-2DB9-4AE6-9967-D0C9E0A2AD31
بلال فضل
كاتب وسيناريست من مصر؛ يدوّن الـ"كشكول" في "العربي الجديد"، يقول: في حياة كل منا كشكولٌ ما، به أفكار يظنها عميقة، وشخبطات لا يدرك قيمتها، وهزل في موضع الجد، وقصص يحب أن يشارك الآخرين فيها وأخرى يفضل إخفاءها، ومقولات يتمنى لو كان قد كتبها فيعيد كتابتها بخطه، وكلام عن أفلام، وتناتيش من كتب، ونغابيش في صحف قديمة، وأحلام متجددة قد تنقلب إلى كوابيس. أتمنى أن تجد بعض هذا في (الكشكول) وأن يكون بداية جديدة لي معك.