20 فبراير.. بقايا صور

20 فبراير.. بقايا صور

04 مارس 2015
يبدو أن حركة 20 فبراير دخلت مرحلة العناية المركزة(Getty)
+ الخط -

تأسست حركة 20 فبراير من طرف شباب مغاربة عبر الموقع الاجتماعي "فيسبوك"، وخرجت إلى الشارع في مسيرة يوم 20 فبراير/ شباط 2011، بعد تأثرها بثورتي تونس ومصر، خصوصاً بعد إسقاط الأنظمة الدكتاتورية في هذين البلدين.

انضم إليها بعد ذلك عدد من التنظيمات والجمعيات الحقوقية والشخصيات العامة، من تيارات ومرجعيات سياسية وعقائدية مختلفة. وللإشارة فحركة 20 فبراير لم تكن الأولى في المغرب، فظاهرة الاحتجاج السلمي الميدانية، ليست بجديدة في المغرب.

نظّمت الحركة مسيرات ووقفات احتجاجية عدة، جابت عدداً من المدن المغربية، تميّزت برفعها مطالب ذات طبيعة شمولية، حتى إن كان سقف المطالب إياه واقعياً ومعقولاً، ولم تذهب لحد المطالبة بتغيير النظام، أو الإشارة مباشرة إلى رأس النظام، لجهة ضرورة تنحيه عن السلطة، بل كانت أغلب المطالب تدور حول ترسيخ ملكية برلمانية، وصياغة دستور جديد شعبي وديمقراطي، وإسقاط الفساد وحل الحكومة والبرلمان، وتشكيل حكومة انتقالية مؤقتة تخضع لإرادة الشعب، ومحاكمة من وصفتهم بالمتورطين في قضايا الفساد واستغلال النفوذ ونهب ثروات البلاد، والاعتراف باللغة الأمازيغية كلغة رسمية إلى جانب اللغة العربية، مع الاهتمام بالخصوصية المغربية لغةً وتاريخاً وثقافة.

كما طالبت أيضاً بإطلاق سراح كافة المعتقلين السياسيين ومعتقلي الرأي، وإطلاق الحريات، وتشغيل العاطلين من العمل، وضمان حياة كريمة والحد من غلاء المعيشة ورفع الأجور وتعميم الخدمات الاجتماعية.

وبعد أقل من شهر من بدء الوقفات الاحتجاجية، التقط الملك محمد السادس الإشارة مبكراً، فأعلن في خطاب له في التاسع من مارس/ آذار 2011 تفهّمه لمطالب الحركة، لدرجة تبنيه معظمها في الشكل كما في الجوهر. فبادر إلى إصلاح دستوري "واسع"، قلّص بموجبه من صلاحياته الفعلية، وأوكل بعضاً منها للحكومة والبعض الآخر للبرلمان، مع التنصيص جهارة على استقلالية القضاء، وسمو مقامه في وجه كل السلطات الأخرى. أتبعها بإجراء انتخابات برلمانية، ترتب عليها فوز حزب سياسي إسلامي، هو الذي يقود الحكومة المغربية من حينها ولحد الساعة. ويبدو، بهذه الجزئية، أن عمر حكومة حزب العدالة والتنمية، "الحاكم"، يكاد يكون من عمر الحركة، إذا استثنينا وقت تطبيق مسطرة إجراء الانتخابات و"ماراثون" المشاورات الذي أفضى إلى تكوين الحكومة الجديدة.

وفي الذكرى الرابعة لحركة 20 فبراير، كان متوقعاً تنظيمها لوقفات احتجاجية في مختلف المدن المغربية، خصوصاً أن "المجلس الوطني لحركة 20 فبراير"، في إطار تحضيراته لهذه الذكرى، كان قد وجّه دعوة لأعضاء لجنة المتابعة ومختلف الهيئات الوطنية المشاركة في المجلس الوطني ومنسقي الحركة في مختلف المناطق، وكذا بعض الفعاليات الديمقراطية الداعمة لها للمشاركة والتأكيد على استمرار النضال تحت شعار ''مواصلة النضال الوحدوي في إطار الحركة''. ولكن مرت الذكرى الرابعة بهدوء تخللته بعض الوقفات المتواضعة، الأمر الذي صدم المتتبعين للساحة السياسية المغربية. وهنا يطرح السؤال.. ماذا تبقّى من هذه الحركة؟

هناك أربع احتمالات لتفسير سبب اختفاء بريق حركة 20 فبراير. أولها يفسر تراجع الحركة بسبب الاعتقال الذي طال عدداً من نشطائها والقمع والضرب والتنكيل والتعذيب الذي مورس على شبابها في الشوارع إلى حد استشهاد "كمال عماري" في مدينة أسفي.

وثانيها يتمثل في انسحاب جماعة العدل والإحسان من الحركة بعدما كانت تدعمها. فقد جاء انسحاب العدلاويين مفاجئاً للحركة. أما ثالثها، فيفسر سبب خفوت ضوء الحركة بسبب الاختلاف التاريخي والثقافي والوطني للشعب المغربي عن باقي الشعوب العربية التي شهدت الحراك العربي. فالمغاربة ترددوا من البداية في دعم حركة 20 فبراير تأثراً بما جرى من أحداث دموية في ليبيا واليمن وسورية، وفي المقابل ساندوا الإصلاحات التي عرضت عليهم خوفاً من الانزلاق نحو انتقال ديمقراطي بواسطة العنف. بينما رابع التفسيرات يقول برجوع حركة 20 فبراير إلى الوراء بسبب انتهاء مهمتها أو فشلها في مهمتها.

يبدو أن حركة 20 فبراير دخلت مرحلة العناية المركزة، في انتظار الإعلان عن موتها النهائي. ورغم كل ذلك، فإن بقاءها مرهون بمدى جديتها وخضوعها لتحولات تواكب المتغيّرات الواقعية على الساحة المغربية.


(المغرب)

المساهمون