10 أميركيّات حطّمن حواجز الاقتصاد خلال 150 عاماً

10 أميركيّات حطّمن حواجز الاقتصاد خلال 150 عاماً

بيروت

حيدر عبدالله الحسيني

avata
حيدر عبدالله الحسيني
08 مارس 2019
+ الخط -
يزخر عالم الأعمال اليوم بسيّدات أثبتن نجاحاً باهراً في شتى الميادين، لكن على مرّ التاريخ، وتحديداً منذ 150 عاماً، برزت أسماء 10 سيّدات أميركيّات استطعن أن يعملن في ظروف صعبة بمجالات التمويل والاستثمار وغيرها من القطاعات والخدمات الاقتصادية، فكسرن حواجز قاسية وشكّلن نماذج تُحتذى في جبْه التحديات. 

تكريماً للنساء في "يوم المرأة العالمي"، سلطت وكالة "بلومبيرغ" الضوء على بعض الأميركيّات اللواتي صنعن التاريخ في مجال التمويل والاستثمار والاقتصاد، بمن فيهنّ "سيدة سكة الحديد" و"ساحرة وول ستريت"، ولجميعهن قاسم مشترك يتمثل بكسر الحواجز في حقول عملهن.


ماغي لينا ووكر (1864-1934)

كانت ابنة خادم سابق وجندي كونفدرالي أيرلندي المولد، وكانت أول أميركية من أصل أفريقي تستأجر مصرفاً أميركياً هو "بنك سانت لوكي بيني" St. Luke Penny Savings Bank للادخار عام 1903.
لمع اهتمامها بالمؤسسات المالية عندما انضمت في سن المراهقة إلى "ريتشموند" في فرجينيا، وهو عبارة عن منظمة مستقلة تابعة لهذا المصرف، كانت تقدّم خدمات الدعم والدفن للأفارقة الأميركيين في أعقاب التحرّر. وفي عام 1899، أصبحت ووكر، التي كانت تبلغ من العمر 35 عاماً، أكبر مسؤول تنفيذي للمنظمة، وهو المنصب الذي شغلته حتى وفاتها.

كونها مدافعة طوال الحياة عن التعليم وحقوق المرأة والمساواة العرقية، عززت ووكر المنظمة ووسّعت عضويتها لتشمل 23 ولاية ومقاطعة كولومبيا. وكانت أول رئيسة لبنك الادخار، وشغلت منصب رئيس مجلس الإدارة عند الاندماج مع اثنين آخرين من بنوك "ريتشموند" المملوكة للسود. وبقيت إدارة البنك الموحّد الجديد وشركة "تراست" بيد الأميركيين الأفارقة حتى عام 2005.

فيكتوريا وودهول (1838-1927) وتينيسي كلافلن (1844-1923)

كانت فيكتوريا وودهول وتينيسي كلافلن اثنتين من بين 10 أطفال وُصف والدهم بأنه رجل أعمال مبادر ورجل مخادع في آن. كانت البنتان تتمتعان بمهارات استبصارية، استخدمتاها عندما كانتا صغيرتين من أجل توفير دخل لأسرتهما الفقيرة.

وفي العام 1868 كانتا تعيشان في مدينة نيويورك، حيث التقتا بقطب البواخر وسكك الحديد، كورنيليوس فاندربيلت، وكانتا تزوّدانه بنصيحة روحية، بينما هو ساعدهما على فتح شركة وساطة خاصة بهما عام 1870، وكانت الشركة الأولى من نوعها في الولايات المتحدة التي تديرها النساء. أثبتت شركتهما نجاحاً، واستخدمتا بعض الأموال لإطلاق صحيفة اسمها Woodhull & Claflin’s Weekly.

فيكتوريا وودهول وتينيسي كلافلن في سن متأخرة بلقطة عائلية (Getty)

الجريدة ركّزت على تشجيع حق المرأة في الاقتراع، وإصلاح العمل، وموضوعات أكثر إثارة للجدل، بما في ذلك الدعارة القانونية وحرية الحب. وتناولت ذات مرة علاقة مزعومة بين الوزير هنري وارد بيتشير وسيدة متزوّجة. وهذا ما تسبّب بزج الأختين في سجن الأخوات لإرسالهما مواد "فاضحة" عبر البريد، وهي تهمة تمّت تبرئتهما منها لاحقاً.

هيتي غرين (1834-1916)

عندما كانت في سن السادسة، بدأت تقرأ لجدّها الأخبار المالية وتقارير الأسهم، وكان رجلاً "كثير الاستثمارات" أخبرها بما هو جيد ولماذا، وفقاً لمعلومات كُشف عنها في مجلة عام 1905. وبحلول الوقت الذي توفيت فيه عن عمر يناهز 82 عاماً، قيل أن غرين كانت أغنى امرأة في أميركا، وربما في العالم، بثروة بلغت مليارَي دولار تقريباً بقيمة الدولار اليوم.

يتضمّن ملفها الشخصي أنها ورثت مليون دولار من والدها الذي صنع أمواله بتجارة صيد الحيتان. وقد وسّعت غرين هذه الثروة بتقديم القروض وشراء وبيع العقارات وأسهم سكك الحديد والرهن العقاري والسندات الحكومية. وعندما تزوجت، وقّع زوجها على اتفاق ما قبل الزواج.


غرين التي ترعرعت في كويكر، تشتهر بثرائها كما بفساتينها السوداء العادية التي أكسبتها لقب "ساحرة وول ستريت"، فضلاً عن اشتهارها بالبخل الشديد. ولسنوات عديدة، كان مكتبها موجوداً في بنك كانت مستثمرة رئيسية فيه. وأفيد بأنها تناولت طعام الغداء من سطل من دقيق الشوفان سخّنته على جهاز التدفئة (الرادياتير) وكانت تكتفي بغسل بطانات تنانيرها عندما تتسخ.

وقد تعرضت لانتقادات شديدة بوصفها قاسية ووحشية، وهي خصائص كانت تتشاركها مع كبار رجال الأعمال في "عصر غيلد" Gilded Age (الفترة بين الحرب الأهلية والحرب العالمية الأولى وقد شهدت نمواً سكانياً واقتصادياً سريعاً). ومع ذلك، عندما توفيت، ظهر نعيها بارزاً في الصفحة الأولى لصحيفة "نيويورك تايمز".

سيلفيا بورتر (1913-1991)

كانت سيلفيا بورتر طالبة جامعية سنة 1929 عندما انهارت سوق الأسهم، التي أفقدت والدتها الأرملة 30 ألف دولار، فغيرت المراهِقة تخصّصها من الأدب الإنكليزي إلى الاقتصاد.

تقول بورتر في مقابلة إنها تأثرت أيضاً بـ"تذكر كيف خسر أبي وأمي مالهما في (ليبرتي بوندز) ببيع السندات في الوقت غير المناسب، وهو ما فعله الكثير من الناس بعد الحرب العالمية الأولى".

وبعد تخرّجها، عملت بورتر لصالح شركة استثمار، وبدأت في مراجعات الكتب والمقالات المستقلة، كما بدأت تكتب عموداً أسبوعياً حول السندات الحكومية لشركة "أميريكان بانكر" American Banker عام 1934. وبحلول سنة 1935، كانت تُغطّي "وول ستريت" لصحيفة "نيويورك بوست"، لتصبح في العام التالي محرّرها المالي.


في مهنة مؤثرة امتدت 6 عقود، بما في ذلك كتابة عمود مشترك بلغ ذروة 40 مليون قارئ، كانت بورتر رائدة في التمويل الشخصي، مع تركيزها على الجمهور العام وتجنّبها ما أسمته "bafflegab"، وهو مصطلح كانت تقصد به لغة الاقتصاد غير المفهومة، وخاصة اللغة البيروقراطية.

لكنها دأبت في البداية على توقيع عمود مقالتها بالحرفين الأولين من اسمها (S.F) بهدف إخفاء جنسها في مجال كان يسيطر عليه الذكور، وبقيت تفعل ذلك من 1934 حتى سنة 1942.

فرانسيس بيركنز (1880-1965)

ساهم حدثان في إلهام شغفها بالعمّال: الأول كان زيارتها صفّاً عن التاريخ الاقتصادي في كلية "ماونت هوليوك"، والثاني مشاهدة الشابات يقفزن إلى الموت هرباً من حريق مدمّر في مصنع "تراينغل شيرتوايست" Triangle Shirtwaist في نيويورك.

وكان أول ما دفعها إلى العمل مع الفقراء والعاطلين من العمل والمهاجرين، أطروحتها لشهادة الماجستير في علم الاجتماع والاقتصاد بجامعة كولومبيا، والتي عالجت إشكالية أطفال المدارس الذين يعانون سوء التغذية. وقالت لاحقاً إن حريق المصنع المذكور عام 1911 كان "اليوم الذي ولدت فيه الصفقة الجديدة".

فرانسيس بيركنز تميّزت بتفاعلها الدائم على الأرض (Getty)

بحلول عام 1933، عندما طلب الرئيس المنتخب حديثاً، فرانكلين روزفلت، من بيركنز أن تصبح وزيرة العمل في حكومته، أصبحت من أبرز المدافعين عن حقوق العمال. وكانت قد عملت كمفوضة صناعة لدى روزفلت مسؤولة عن إدارة العمل في نيويورك، عندما كان حاكماً للولاية.

وباعتبارها أول امرأة في الحكومة الأميركية، أصبحت هي القوة الدافعة وراء برامج التوظيف، والحد الأدنى للأجور، ودوام العمل 40 ساعة أسبوعياً، وحدود عمالة الأطفال، وقانون الضمان الاجتماعي.

ويلارد فيرتز، الذي شغل منصب وزير العمل الأميركي بين عامَي 1962 و1969، قال إن "كل رجل وامرأة يعملان بأجر يكفي المعيشة، وفي ظروف آمنة، ولساعات معقولة، أو محميان بالتأمين ضد البطالة أو الضمان الاجتماعي، مدين لها".

إيزابيل هاملتون بنهام (1909-2013)

عندما كانت تدرس الاقتصاد في كلية "برين ماور" أواخر عشرينيات القرن العشرين، أصبحت إيزابيل هاملتون بنهام محللة بارزة في شؤون سكك الحديد وأول امرأة شريكة في دار السندات في وول ستريت، رغم أنها، مثلما فعلت سيلفيا بورتر، كانت أحياناً تنكر جنسها عبر اكتفائها بتوقيع المراسلات باسم "آي. هاملتون بنهام".

وبعد التخرج، التحقت بدورة مدتها 6 أشهر عن السندات، وكسبت 20 دولاراً أميركياً أسبوعياً من بيع اشتراكات مجلة "نيويوركر" أثناء البحث عن وظيفة في "وول ستريت"، إلى أن حصلت على فرصتها عام 1932 في مؤسسة تمويل إعادة الإعمار "ريكونستراكشن فاينانس كورب" التي أنشأها الكونغرس والرئيس هربرت هوفر لإقراض الأموال للبنوك وسكك الحديد المتعثرة خلال فترة الكساد الكبير.

بمرور الوقت، أصبحت بنهام تُعرف باسم "سيدة سكك الحديد" Madam Railroad لمعرفتها المباشرة بهذا القطاع، حيث كانت تفتش المرافق بنفسها، ودرست كرّاسات الشركة وتقاريرها السنوية، واحتفظت بقاطرات ديزل وسيارات مصغّرة على سطح مكتبها، وفقاً لملفها الشخصي في صحيفة "نيويورك تايمز" عام 1964.

موريل سيبرت (1928-2013) وجوليا مونتغمري والش (1923-2003)

بعد وفاة موريل سيبرت، تضمّنت قصة نشرتها "بلومبيرغ نيوز" حول جنازتها، أنها "كانت المرأة الأولى التي تشغل مقعداً في بورصة نيويورك، وقد كرّست نفسها لكلبها. شرابها كان الفودكا، وقد سافرت بسرعة".

كانت سيبرت شخصية حصدت صفة "الأولى" في العديد من الأمور: فقد كانت أول امرأة تشغل عضوية شركة بورصة نيويورك، وأول من يُطلق شركة وساطة خصم في الولايات المتحدة، وأول مديرة للخدمات المصرفية في ولاية نيويورك.

موريل سيبرت في مكتبها (Getty)

لقد حضرت، لكنها لم تتخرّج من ما يُعرَف الآن بـ"جامعة كيس ويسترن ريزيرف" في كليفلاند، أوهايو، حيث نشأت ابنة طبيب الأسنان. وعملت محللة مالية، وحصلت على شراكة في شركة وساطة في "وول ستريت"، لكنها واجهت مقاومة عندما حاولت الحصول على مقعدها الخاص في البورصة، حيث كانت بحاجة إلى 2 من الرعاة لدعم طلبها، وقد خذلها 9 من الرجال العشرة الأوائل الذين طلبت منهم ذلك.

وقبل عامين من حصولها على مقعدها، أصبحت "جوليا مونتغمري والش" و"فيلس بيترسون" أول امرأتين تحظيان بعضوية في البورصة الأميركية. وكانت وولش لاحقاً أول امرأة من قطاع الأوراق المالية تُنتخب حاكماً لبورصة "أميكس" Amex.

والش، وهي ابنة أحد عمال مصنع إطارات، كانت أول امرأة تحصل على الإجازة في إدارة الأعمال من جامعة "كينت ستيت"، وأول امرأة تخرّجت من برنامج الإدارة المتقدمة في كلية "هارفارد" لإدارة الأعمال.

وفي عام 1977، أسّست شركة الاستثمار الخاصة بها، باسم "جوليا والش وأولادها"، مع عدد من أطفالها الـ12 (4 من زوجها الأول المتوفي، و7 لزوجها الثاني من زواجه السابق، إضافة إلى ولدها من هذا الأخير).

إلينور أوستروم (1933-2012)

عندما فازت إلينور أوستروم بجائزة نوبل في الاقتصاد عام 2009، لم يسمع كثير من الاقتصاديين عنها. لم تكن مجرّد امرأة لم تحصل أي سيدة قبلها ولا بعدها على هذه الجائزة، بل كانت أستاذة للعلوم السياسية، وتراوحت مجالات دراستها بين إدارات الشرطة الحضرية والغابات ومصايد الأسماك.



أوستروم تقاسمت الجائزة مع أوليفر ويليامسون، لتحليلها "الحوكمة الاقتصادية"، حيث تبيّن لها أن مجموعات محلية صغيرة يمكنها أن تدير الممتلكات والموارد المشتركة "من دون أي تنظيم تقوم به السلطات المركزية أو عملية الخصخصة".

هذه الخلاصة توصلت إليها بعد سنوات من العمل الميداني مع الأشخاص الذين أنشأوا قواعدهم الإرشادية الخاصة بالحفاظ على المراعي والأصول الطبيعية الأخرى. وكانت أوستروم، التي قضت أكثر من 40 عاماً في جامعة إنديانا، تتمتع ببعض الخبرة في إنشاء قواعدها الخاصة. وقد عملت خلال دراستها في جامعة كاليفورنيا في لوس أنجليس، وتخرجت بمرتبة شرف خلال 3 سنوات من دون أن تترتب عليها ديون.

وعندما قررت الحصول على شهادة الدكتوراه، كان قسم العلوم السياسية في جامعة كاليفورنيا مرتاباً بشأن قبول امرأة في الاختصاص، وقيل لها إنها لن تستطيع الحصول على وظيفة، فضلاً عن التدريس في أي من الجامعات الكبرى.

ذات صلة

الصورة
مهاجرون من أفريقيا جنوب الصحراء في صفاقس في تونس (حسام زواري/ الأناضول)

مجتمع

أطلق نشطاء تونسيون حملة "كن إنسان" لجمع تبرّعات لمصلحة المهاجرين المرحّلين من مدينة صفاقس، وذلك بهدف توفير مواد أساسية للعيش.
الصورة
مبادرة سوبر وومن في مصر (العربي الجديد)

مجتمع

لم تكن آية منير تتوقّع أن تتحوّل إلى ناشطة مدافعة عن حقوق المرأة. لكنّ تجربة الطلاق والمعاناة التي تلتها دفعتاها إلى اللجوء إلى متخصّص في علم النفس نصحها بأن تكوّن مجتمعاً داعماً لها، فكانت "سوبر وومن".
الصورة
سودانيون ومبادرة إفطار صائم على الطريق في رمضان 2022 (العربي الجديد)

مجتمع

تشهد الطرقات في السودان، مع اقتراب موعد الإفطار في شهر رمضان، استنفار العشرات من المتطوّعين الذين يشاركون في تقديم الإفطار إلى الصائمين مع أذان المغرب.
الصورة
مبادرة أردنية لخدمة المكفوفين (العربي الجديد)

مجتمع

أطلقت العشرينية الأردنية نور العجلوني مبادرة تطوعية فريدة من نوعها، تقدّم من خلالها خدمات تعليمية للطلاب المكفوفين، بداية من المرحلة الابتدائية وصولاً إلى الدراسات العليا.

المساهمون